نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الاحتجاجات التي اجتاحت جنوب العراق، “التي لا تكاد تخمد نارها حتى تشتعل من جديد”، والتي انطلقت في الثامن من تموز/يوليو الماضي، تنديدا بالفساد وتفشي البطالة وتقلص الخدمات العامة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها -الذي ترجمته “عربي21”- إن الشرطة العراقية حاولت يوم الثلاثاء، الموافق لتاريخ 17 يوليو/ تموز، منع المتظاهرين من دخول حقل الزبير النفطي، الذي يقع على بعد 50 كيلومترا من مدينة البصرة. وقبل يومين من ذلك التاريخ، تجمع المحتجون بالقرب من هذا الموقع، الذي يوفر أكثر من 10 في المائة من إنتاج الذهب الأسود في العراق.
وذكرت الصحيفة أن حقل الزبير النفطي من بين المواقع التي تستهدفها الاحتجاجات التي تتفاقم شيئا فشيئا منذ الثامن من يوليوش/تموز جنوب العراق. وعموما، تنتشر هذه الاحتجاجات أمام مقر حزب سياسي أو مقر تابع للحكومة أو في بعض الأحيان أمام المطارات.
وتشير الصحيفة إلى أن المتظاهرين “رددوا شعارات تنتقد السلطة السياسية والاقتصادية، لعجزها عن ضمان حد أدنى من مقومات العيش، على الرغم من الثروة النفطية الهائلة التي تتمتع بها البلاد، بإنتاج يصل إلى 4.5 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، الذي جعل العراق ثاني أكبر منتج للنفط في الأوبك”.
وتلفت إلى أن “توفير مواطن الشغل والمياه الصالحة للشرب والكهرباء يندرج ضمن أبرز تطلعات المتظاهرين، الذين يستنكرون تدهور الخدمات العامة وانتشار الفساد. ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية، تبدو الصورة قاتمة في العراق، ذلك أن هذا البلد يحتل المرتبة الثانية عشر في قائمة أكثر الدول فسادا في العالم”.
وبحسب ما تبينه الأرقام الرسمية، فإن ما يقرب من 11 بالمائة من السكان عاطلون عن العمل، كما يؤدي انقطاع التيار الكهربائي المنتظم والوصول المحدود إلى مياه الصنبور إلى تعطيل سير الأعمال اليومية، خاصة في فصل الصيف عندما تصل درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
ونوهت الصحيفة إلى أن “الاحتجاجات التي انبثقت من البصرة انتشرت في الجنوب، على غرار محافظة النجف والمثنى وكربلاء، بعد مقتل أحد المتظاهرين على يد رجال الشرطة. وقد بلغ المحتجون أول أمس المنطقة الشرقية من ديالى، حيث سجلت هذه الاحتجاجات مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص وإصابة العشرات”.
وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن يوم 13 تموز/ يوليو، في محاولة لردع الاحتجاجات، تخصيص 2.5 مليار يورو بشكل فوري لمحافظة البصرة، “إلا أن تواصل الاحتجاجات أثبت أن تعهده لم يكن كافيا لإخمادها”.
ويعزى ذلك حسب الصحيفة إلى “فقدان الشعب الثقة في الطبقة السياسية، الذي انعكس على الانتخابات التشريعية التي أجريت في مايو/ أيار. ونتيجة لذلك، صوت 44.5 في المائة فقط من الناخبين في الاستطلاع الأول من نوعه بعد الانتصار على تنظيم الدولة.”
وتورد الصحيفة ما جاء في مجلة “ناشيونال جيوغرافيك” في نسختها الصادرة في تشرين الثاني/ نوفمبر2017 عن مدينة سامراء الواقعة شمال بغداد، بينت فيه أن “المعركة التي تخاض ضد الجماعات الإرهابية تحجب الفوضى الاجتماعية، التي طفت مرة أخرى إلى السطح ولكنها هذه المرة أشد بعشرة أضعاف إما بسبب سنوات الحرب أو الاحتباس الحرار”.
وتختم الصحيفة تقريرها بالقول إن العراق “يعاني هذه المرة أزمة حادة ستكون لها تداعيات كبيرة نتيجة الجفاف الشديد ونقص المياه، مع تزايد بناء السدود في البلدان المجاورة، وهو تنوع قد يكون مدمرا”.
وفي هذا السياق، قال مراسل الصحيفة “عندما وصل تنظيم الدولة، سرعان ما أثبتت العديد من القرى العربية السنية التي تعاني من الأضرار البيئية أنها أرض خصبة لتجنيد الجهاديين”.