ربما اشتملت طقوس العيد عند كثير من المصريين على زيارات الأقارب والأصدقاء والخروج إلى المتنزهات والملاهي والحدائق العامة إلا أن قطاعًا ليس بالقليل من المصريين لا تكتمل فرحتهم إلا بزيارة مقابر أحبائهم المتوفين في مشهد عجيب يجمع بين الفرحة والبكاء .
تعتقد "أم كلثوم محمد"، ربة منزل، وقد توفى زوجها منذ بضعة أعوام أنها بتلك الزيارة تشارك رفيق عمرها الذي فقدته وقتًا كان يجب أن يجمعهما ببعض وهو العيد، وسألناها هل تعتبرين ذلك نوعًا من الوفاء له ؟ فأجابت: بنعم، فلو كنت مكانه لفعل.
أما "أسماء عبد الله"، وهي أم لثلاث بنات تمسك بطفلتيها وتحمل على يدها صغيرها الرضيع فهي لا تألوا جهدَا في السفر من مدينة حلوان حتى إحدى قرى الفيوم يومًا من كل أسبوع لتزور قبر والدتها، ولربما حتى لا تمر على ديار عائلتها حتى لا تتأخر على زوجها الذي لا يستطيع أن يتحمل عودته من عمله بالليل دون أن يجدها بين يديه، سألناها منذ متى وأنت على هذه الحال؟ قالت: منذ عامين تقريبا.
قلنا لها كيف تتحملين كل تلك المعاناة وماذا تفعلين بين يديها كل أسبوع، وكانت إجابتها: أتحدث معها وأشكو لها مما يؤرقني فهي أكثر من يحب أن يستمع إلى وقد كانت طيلة عمري تحمل عني الهموم، وحتما سوف أوافيها بالعيد فلا يمكن أن أتركها أو تتركني في هذا اليوم.
إرث ثقافي
ويرى الحاج سيد عبد الحميد "60 سنة- موظف بالمعاش" أن القضية قضية إرث ثقافي مألوف لدى قطاع كبير من البسطاء الذين يجدون فيه حنانًا على المفقود ووفاء له وعلى الرغم من أن الجميع بات يعلم أن الدعاء؛ حيث يصل إلى الميت؛ حيث كان، وأن زيارة المقابر بالعيد فيه من الكراهة ما يمنعهم إلا أن هذا الإحساس الذي وصل إليهم من هذا الموروث الثقافي يصعب الأمر ولا يجدون في أنفسهم حرجًا من تقديم الوفاء للمحبوب على يومهم المحاط بكل أشكال الفرحة.
ويؤكد الشيخ مصطفى سعد "إمام وخطيب" على أن هناك حقيقة فقهية لازمة تقول بأنه لا يجوز تخصيص عبادة بزمان أو مكان دون نص شرعي، فإذا كانت زيارة المقابر سنه حميدة ومرجوة للاتعاظ ولتذكر الآخرة وعمل الخير بالدنيا إلا أن زيارتها في هذا اليوم الذي من سنته وواجب وقته هو الفرحة وإدخال السرور على الأقارب والجيران هي المانع الشرعي والسبب الرئيس في هذه الكراهة.