23 يونيو/حزيران 2013: تحذير السيسي
قبل أسبوع من الانقلاب، ألقى عبدالفتاح السياسي، الذي كان قد عيَّنه محمد مرسي وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، خطاباً استثنائياً، يُحذِّر فيه أن الجيش قد يضطر للتدخُّل، بينما كانت الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمظاهرات المضادة تهز البلاد.
قال السيسي: «نحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حماية إرادة الشعب المصري العظيم». وأضاف: «من يسيء للجيش يسيء للشعب المصري كله. ويُخطئ من يعتقد أننا سنظل صامتين أمام أي إساءة قادمة».
وتابَع السيسي في الخطاب نفسه: «لم تحاول القوات المسلحة التدخُّل في الشأن العام أو السياسة. لكنني أود أن أقول إن هناك مسؤولية أخلاقية ووطنية وتاريخية ملقاة على عاتقنا جميعاً. لن نقبل ولن نوافق على دخول مصر في نفق مظلم من الصراع أو القتال الداخلي أو الحرب الأهلية أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة».
وكان السيسي قد التقى محمد مرسي قبل وقتٍ قصير من ذلك الخطاب، لكنه لم يلمح إلى ما كان سيقوله. وفي اليوم السابق، خرجت مئاتٌ قليلة من المتظاهرين في مسيرةٍ إلى وزارة الدفاع لدعوة السيسي، الذي كان آنذاك في منصب فريق أول، للاستيلاء على السلطة من مرسي.
قال المسؤول: «كنَّا واثقين بهذا القدر أو ذلك بأن الجيش على الأقل لن يتدخَّل. لكن في الوقت نفسه، بات من السذاجة مواصلة الاعتقاد بذلك بعد خطاب السيسي في 23 يونيو/حزيران».
يعتقد المسؤول أن السيسي كان يُدبِّر الانقلاب لأشهرٍ عديدة. ومع أن قليلين يعرفون ذلك، كان السيسي يلتقي أسبوعياً بقادة المعارضة، كل يوم خميس، في نادي القوات البحرية بالقاهرة.
وكانت هذه الاجتماعات تُعقَد منذ الأزمة الدستورية، في ديسمبر/كانون الأول 2012، والتي اتَّهَمَ فيها المعارضون مرسي بمنحِ نفسه المزيد من السلطات.
قدَّمَ السيسي نفسه كوسيطٍ مُحايد بين المعارضة ومرسي. لكن في الوقت الذي تحدَّث فيه السيسي في 23 يونيو/حزيران، كان يدعم المعارضة بصورةٍ صريحة.
قال المسؤول: «كان يتماشى بصورةٍ استثنائية مع مواقف المعارضة».
وفي مؤتمرٍ صحفي عُقِدَ في اليوم السابق للخطاب، نُظِّمَ بعنوان «بعد الرحيل»، دعت جبهة الإنقاذ الوطني، التي مثَّلَت ائتلاف القوى المعارضة، لإقالة مرسي ولعقدِ انتخاباتٍ مُبكِّرة.
23 يونيو/حزيران: يطلب من مرسي مغادرة القصر
في اليوم نفسه، طلب اللواء محمد زكي، قائد الحرس الجمهوري، المُكلَّف بحماية الرئيس، من مرسي ومساعديه أن يغادروا قصر الاتحادية، وأن يبدأوا العمل من مقر الحرس الجمهوري، وهي منشأة أمنية شديدة الحراسة في شارع منشية الطيران بحي هليوبوليس، القاهرة.
لم يكن الإعلام والرأي العام على علمٍ بمكان مرسي الجديد في ذلك الوقت. وقيل لمرسي وفريقه إن القصر الجديد سيكون أكثر أماناً من القصر الرئاسي خلال المظاهرات المعارضة لمرسي، والمُخطَّط أن تنطلق بعد أسبوع في 30 يونيو/حزيران، إذ يُتوقَّع من المتظاهرين أن يزحفوا باتجاه القصر.
سيتضح فيما بعد أن اللواء محمد زكي هو الذراع اليمنى للسيسي في تدبير الانقلاب.
26-29 يونيو/حزيران: اضطراب في الشوارع
شهد الأسبوع الأخير في يونيو/حزيران تفشياً للعنف عبر أرجاء البلاد، خاصة ضد مؤيدي مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. على الأقل، نُهب وحُرق 20 مقراً من مقرات الحزب السياسي للإخوان المسلمين في أنحاء البلاد.
في 25 يونيو/حزيران، أُضرِمَت النيران في منازل قياديَّين من الإخوان المسلمين في الشرقية، مسقط رأس مرسي، شمالي مصر.
بدأ معظم العنف بعد خطاب مرسي المُطوَّل، في 26 يونيوحزيران، الذي تحدَّث فيه عن التحديات التي واجهها في السنوات السابقة، ورؤيته للمستقبل.
قال مرسي: «لكل ثورة أعداء، ولكل شعب منافس، وأمام كل أمة تحديات، ونحن المصريين قادرون، إن شاء الله، على تجاوز المرحلة».
وأكمل: «أصبت أحياناً وأخطأت أحياناً أخرى، أخطأت في أشياءٍ كثيرة، وأصبت في أشياء قدر ما أستطيع. الخطأ وارد ولكن تصحيحه واجب».
وتابع في الخطاب نفسه: «هناك من يتوهَّم إمكانية إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، ورجوع دولة الفساد، والقهر، والاحتكار، والظلم، التي يبدو للأسف أن مِن بيننا مَن لا يتصوَّر لنفسه عيشاً ولا حياةً دونها».
من 28 يونيو/حزيران، بدأت المظاهرات المضادة في التجمهر في مناطق مختلفة من القاهرة. واعتصم المتظاهرون المعارضون لمرسي في هليوبوليس، والتحرير استعداداً لـ30 يونيو/حزيران.
كان المتظاهرون المؤيدون لمرسي قد تجمَّعوا منذ وقتٍ مبكر، في 21 يونيو/حزيران في اعتصامٍ بميدان رابعة.
لم يُسمَح لمؤيدي مرسي بالتظاهر في ميدان التحرير، الذي كان نقطة انطلاق الثورة ضد حسني مبارك في يناير/كانون الثاني 2011. كان ميدان التحرير، ومنطقة وسط البلد بأكملها، لأشهر عديدة، محظورة على مؤيدي مرسي.
ما كان هذا ممكناً بفضل تطويق الجيش للميدان. سُمِحَ فقط لمعارضي مرسي بالتظاهر في التحرير. حدث عدد من المشاحنات في التحرير حين اعترض النشطاء الشباب الليبراليون المعارضون لمرسي على رفع صور لمبارك في الميدان. وطردهم المتظاهرون الآخرون خارجه.
بحلول يوم 29 يونيو/حزيران، كان العنف ينتشر ويصبح أسوأ. هوجمت مقرات حزب الحرية والعدالة المؤيد لمرسي، ومقرات الإخوان المسلمين.
طُعِنَ أندرو بوشتير، الطالب الأميركي بالإسكندرية، حتى الموت، أثناء تصوير مظاهرة للمعارضة. وأفادت تقارير أيضاً بقتل 7 على الأقل من أنصار مرسي.
تعرَّضَت 7 نساء على الأقل، من بينهن صحفية ألمانية للتحرُّش الجنسي، بينما تعرَّضَت أخريات للاغتصاب الجماعي، حسبما وثَّقَت مجموعات حقوقية.
وفقاً للمسؤول، توقَّعت القوى الموالية لمرسي خيانة من الجيش، وفي محاولةٍ لوقفها، نظَّموا مظاهراتٍ ضخمة في ميدانَي رابعة والنهضة بالقاهرة. إذ كانوا يحاولون التعبير عن دعم مرسي وشرعيته بسرعة، آملين أن تردع الرغبة الشعبية الجيش.
وعلى غرار حركة تمرد، التي زعمت أنها جمعت 22 مليون توقيع على عريضة للإطاحة بمرسي، أطلقت المجموعات الموالية لمرسي عريضة موازية تسمى تجرد، والتي زعمت أيضاً أنها جمعت عدداً مماثلاً من التوقيعات.
وقال: «سمعنا هذه الادعاءات، عالمين أنه لا يمكن التحقُّق من أيٍّ منها بشكلٍ منفرد، لكننا نعرف أيضاً أن الأصوات المعارضة لمرسي قد تتضخَّم في الصحافة الغربية».
30 يونيو/حزيران: احتجاجات واسعة
في 30 يونيو/حزيران، كان مرسي لا يزال في مقر الحرس الجمهوري. لكنَّ المحتجين ساروا باتجاه قصر الاتحادية الرئاسي. وأثناء سيرهم كانوا يرفعون البطاقات الحمراء، ويهتفون: «يسقط مرسي! يسقط الإخوان المسلمون!».
وكانوا أيضاً يدعون الجيش علناً للتدخُّل. وفي إحدى المسيرات، حُمِل ضابط شرطة على كتفي رجل كما لو كان احتفالاً بالنصر.
تحدَّث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع مرسي ذاك الصباح، وشجَّعه على نحوٍ مبهم لاتخاذ «قرارات جريئة». وبعد ساعات، التقى عصام الحداد، مساعد مرسي للشؤون الخارجية، بالسفيرة الأميركية آن باترسون.
وقال المستشار البارز، الذي اطَّلع على اللقاء، إنَّ الرسالة التي أوصلتها باترسون للحداد في تلك الليلة هي أنَّ حجم الاحتجاجات لا يهم، المتغير الأهم هو الجيش.
وقالت للحداد: «الجمهور المهم لكم هو السيسي، وليس الناس. الشعب المصري يميل لنسيان أنَّ من أطاح مبارك لم يكن الناس، بل المجلس العسكري. ولا شيء سيحدث إلا إذا تحرَّك الجيش».
وقال المستشار البارز إنَّ باترسون فسَّرت موقف السيسي والعوامل التي تؤثر عليه.
إذ كان يريد أن تكون اليد الطولى للجيش، لا أن يكون الجيش خاضعاً للمدنيين. وربما لم يكن السيسي هو الشخص المُسيطر على كل شيء، وربما كان أعضاء آخرون بالجيش يضغطون عليه أو حتى يهددونه، وكان أهم ما يشغل ذهنه هو العلاقة بالغة الأهمية بين الجيش والولايات المتحدة، وهو أمرٌ لن يرغبوا أبداً في المخاطرة به.
وبحسب المسؤول، كان الجيش يعلم الأرقام الحقيقية للمحتجين في كلا الجانبين.
وأوضح: «أعلى رقم رسمي تلقّيناه من مجلس الأمن القومي هو 675 ألف محتج في عموم البلاد. كان هذا تقدير الجيش، وأكَّدته الوكالات الأخرى والمُتقصون الخاصون بنا».
وأضاف: «شَعَرَ المتشائمون بيننا أنَّ الجيش سيتدخَّل فقط إذا ما كانت هناك أعداد كبيرة في الشوارع. لذا كان تصوُّرنا أنَّ الجيش لن يفعل أي شيء في ظل هذه الأعداد الصغيرة. ووفقاً للتقديرات الرسمية، كان المحتجون المؤيدون لمرسي يساوون المحتجين المعارضين أو يزيدون عنهم».
لكنَّ معظم الصحفيين في ذلك اليوم كانوا أكثر اهتماماً بتغطية الاحتجاجات المناهضة لمرسي. وذهبت قِلة قليلة فقط منهم إلى رابعة والنهضة، حيث احتشد داعمو مرسي. كانت أعين العالم على التحرير والاتحادية وموجات المعارضة لمرسي.
1 يوليو/تموز: مهلة السيسي
بالرغم من العلامات الكثيرة على وقوع انقلابٍ وشيك، ظلَّ معظم المسؤولين في الرئاسة متفائلين حتى اليوم الأخير. كان هذا أساساً بسبب الطمأنة التي كانوا يحصلون عليها من مرسي، الذي كان يعتقد هو نفسه أنَّ السيسي لا يزال يلعب دور الوسيط.
وفي مساء 1 يوليو/تموز، التقى مرسي السيسي في مكتبه بثكنات الحرس الجمهوري. وفي الوقت ذاته، كان مسؤولو الرئاسة يشاهدون بياناً متلفزاً من الجيش، فيما كان يُبَث كأخبار عاجلة.
كان البيان به صورة السيسي في الخلفية، وصوت مُتحدث آخر من الجيش يتلو بياناً مَنَح كافة الأطراف مهلةً 48 ساعة للتوصل إلى اتفاق، وإلا سيتقدَّم الجيش لاستعادة النظام.
تفاجأ الجميع، لأنَّ مرسي نفسه لم يكن على علم ببيان الجيش قبل ذهابه إلى اللقاء. وقال المسؤول إنَّ السيسي لم يخبره إلا في نهاية اللقاء، «لكنَّه (السيسي) نجح في جعله يبدو كما لو أنَّه ليس إنذاراً فعلاً».
وحين التقى السيسي بالرئيس، ادَّعى أنَّه يلتقيه لإبلاغه بآخر أخبار محاولاته للتوسط في اتفاقٍ مع المعارضة. وقال المسؤول إنَّ «السيسي كان مراوغاً جداً».
وأضاف: «في اليوم نفسه، وبَّخ الرئيس الفريق السيسي على بيانه، وأصدر بياناً يدين بيان الجيش، وأصدر الجيش بياناً يتراجع فيه عن التلويح الضمني بأنَّه سيتدخَّل».
وتابع: «تلاعب الجيش بنا حقاً عبر الظهور بأنَّه يتراجع أحياناً، ويتفاوض أحياناً، ويُقدِّم مقترحاتٍ أحياناً أخرى».
2 يوليو/تموز: عرض مرسي
التقى مرسي مجدداً بالسيسي، الثلاثاء 2 يوليو/تموز، بعد لقاءٍ جرى في وقتٍ سابق مع ممثلي مؤيديه المحتشدين في ميدان رابعة. ووفقاً لمرسي، على حد قوله لمستشاريه البارزين، فإنَّه قدَّم للسيسي مبادرةً اقترحها حلفاؤه عليه.
وتضمَّن ذلك تعديلاً حكومياً كاملاً، بما في ذلك تعيين رئيس وزراء جديد، وتعديلات دستورية لكافة المواد التي أثارت حفيظة المعارضة، ولجنة للمصالحة.
وسأل مرسي السيسي إذا ما كان ذلك كافياً لإنهاء الأزمة. فردَّ السيسي: «نعم، إنَّه كافٍ. بل إنَّه أكثر حتى مما طالبت به المعارضة».
ودُوِّن هذا في صورة اتفاق، وكان من المفترض أن يأخذ السيسي البيان المكتوب ليعرضه على المعارضة. وقال السيسي للرئيس: «سأعود إلى المعارضة ثُمَّ أعود إليك قريباً».
استغرق الأمر منه 5 ساعات لفعل ذلك. وعند قرابة التاسعة مساءً، اتصل بمرسي وأبلغه أنَّ المعارضة لم توافق على الاتفاق.
3 يوليو/تموز: السيسي يستولي على السلطة
لكن في اليوم التالي، الأربعاء 3 يوليو/تموز، التقى السيسي بالمعارضة وادَّعى أنَّه يُقدِّم لهم مقترحاً من الرئيس.
وقالت منى مكرم عبيد، أحد أفراد المعارضة، لاحقاً، إنَّ السيسي التقى بهم صباح الأربعاء ليُقدِّم لهم خطته الخاصة وخارطة طريق، بدلاً من تلك التي اقترحها مرسي.
ويستنتج المسؤول أنَّ السيسي لم ينقل مقترح الرئيس إلى المعارضة قط.
وقال المسؤول: «إنَّه ربما لم يعرض عليهم أي شيء في اليوم السابق، وكان فقط يلتقي بمرسي ليمنحه الانطباع بأنَّ الأمور تمضي قُدُماً بسلاسة، وأنَّه كان يحاول بصدقٍ التوسط في اتفاق».
كان أحد المبعوثين الغربيين الآخرين الذين أُطلِعوا على الوضع من جانب الحداد هو السفير النرويجي تور فينيسلاند.
وأخبره الحداد أنَّه من الصعب التراجع الآن، لأنَّ حلفاء مرسي لا يثقون في الجيش أو المعارضة. وشعروا أنَّ حياتهم ستكون في خطر بمجرد أن يَفُضّوا احتجاجاتهم أو يقبلوا باستقالة مرسي.
وقال للسفير فينيسلاند: «ليس الأمر أنَّنا غير مستعدين لتقديم تنازلات، بل إنَّنا لا نستطيع تقديم تنازلات». وقال السفير إنَّه يتفهَّم موقفهم، وتعهَّد بعمل شيءٍ ما. وقال بثقة: «سأحاول تأجيل الأمر».
وقال المسؤول إنَّ فينيسلاند كان «القناة غير الرسمية للأميركيين».
وأضاف: «إن أراد الأميركيون نقل رسالة دون أن ينخرطوا صراحةً في الأمر، فعادةً ما كان السفير النرويجي هو الوسيط. نفهم أنَّه سيطلب من الأميركيين إبلاغ الجيش تأجيل الانقلاب حتى تكون هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق الآن، بعدما باتوا بفهمون الصورة بشكلٍ أوضح».
وتابع: «كان من المفترض أن يقوم الجيش بالانقلاب صباح الأربعاء. وحين لم يفعلوا، شعرنا أنَّ السفير ربما استطاع تأجيل الأمر مثلما قال. وشعرنا بطمأنينة أكثر حين اتصل وزير الخارجية القطري بالحداد، لينقل رسالة له من الأميركيين».
كانت الرسالة هي أنَّ الأميركيين سألوا ما إذا كان مرسي سيقبل مقترحاً، يحل فيه رئيس وزراء وحكومة جديدان محل رئيس الوزراء والحكومة القائمين، ويتوليا كافة السلطات التشريعية، وأن يستبدل مرسي كل محافظيه الذين اختارهم.
كان مرسي مستعداً للتفاوض حول المقترح. لكن قبل بضعة أيام، حين كان يناقش التنازلات المحتملة مع فريقه، أخبرهم أنَّه سـ»يرفض أي محاولة لإعادة الجيش إلى إدارة البلاد، ويكون مرسي واجهة». وقال إنَّه يُفضِّل الموت على الاستسلام لذلك.
اتصل الحداد بالسفيرة الأميركية لمناقشة المقترح. وكانت الرسالة الواردة من باترسون هي أنَّ الأوان قد فات، وأنَّ الجيش قرَّر بالفعل التحرُّك.
ووفقاً للمسؤول، لم يكن لإدارة مرسي أي اتصالات مع الإماراتيين. وسابقاً، التقى رسول من الاستخبارات البريطانية بالحداد، وأبلغه أنَّ السعوديين من الممكن الضغط عليهم لتغيير موقفهم تجاه مرسي والإخوان المسلمين، لكن ليس هذا ممكناً مع الإماراتيين.
وقال الرسول البريطاني، الذي كان يعمل بجهاز الاستخبارات الأجنبية البريطاني: «الشيخ محمد بن زايد نفسه عنيد»، في إشارة إلى ولي عهد أبوظبي النافذ.
وحين تواصلنا مع وزارة الخارجية البريطانية للتعليق، أشارت إلى أنَّ موقع Middle East Eye ينبغي أن يتقدَّم بـ»طلب حرية معلومات» لأنَّ المسألة كانت «تاريخية».
كل تلك التحرُّكات، وقبل كل شيء الأعداد الهائلة من الناس في رابعة والنهضة، جعلت مسؤولي مرسي يعتقدون أنَّه كانت لا تزال هناك فرصة.
قال المسؤول: «لم نتوقع أبداً أن يكون الجيش مستعداً للتحرُّك ضد الشعب، خصوصاً في ظل احتشاد الأعداد الضخمة في رابعة والنهضة، أو أن تكون القوى الغربية داعِمة علناً لنظامٍ كان مستعداً لاستخدام الجيش للسيطرة على الحكم».
وأوضح أنَّ هذا التقدير كان قائماً على افتراضين، اتضح أنَّهما خاطئان.
الأول هو أنَّ الجيش سيُدرِك أنَّه لن يكون قادراً على تنفيذ انقلاب سريع بدون دماء، وأنَّه لن يلجأ إلى العنف الواسع لأنَّ ذلك ليس في مصلحتهم.
وقال المسؤول: «اتضح أنَّهم كانوا أغبى من أن يدركوا ذلك».
والافتراض الثاني هو أنَّ المجتمع الدولي سيدرك أنَّ وقوع انقلاب في مصر سيكون دموياً جداً، ويُزعزِع استقرار البلاد لسنوات قادمة.
وقال المسؤول: «اتضح أنَّ أولئك الذين كانت لديهم المعلومات الاستخباراتية لإدراك ذلك لم يمانعوا في العنف، وأنَّ أولئك الذين لم يمانعوا في العنف كانوا مخدوعين بأنَّ الجيش يمكنه السيطرة على الحكم سريعاً».
ومع خروج الأحداث عن السيطرة، طلب مرسي من أعضاء فريقه الذهاب إلى منازلهم، لأنَّه كان يعلم أنَّهم سيُعتقلون إذا لم يفعلوا. لكنَّ معظمهم رفضوا وقرَّروا أن يُعتَقلوا معه.
قال المسؤول السابق لموقع Middle East Eye: «ظلوا معه تضامناً مع ما كانوا يعتبرون أنَّها مثابرته ومعركته ضد دولة العسكر».
وفي الوقت الذي تحدَّث فيه السيسي على التلفاز لإعلان أنَّ الجيش سيطر على الحكم، كان مرسي ومعظم كبار مستشاريه قد اعتُقِلوا على يد زكي، قائد قوات الحرس الجمهوري.
ورَقَّى السيسي في وقتٍ سابق، من الشهر الماضي يونيو/حزيران 2018، زكي لمنصب وزير الدفاع، فيما يراه البعض «مكافأةً على دوره المحوري في الانقلاب».
ولا يزال مرسي في سجن طرة المصري، حيث يقضي عدة أحكام بالسجن، إلى جانب الكثير من الآخرين المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين، التي أصبحت محظورةً الآن. ويقول مؤيدوه إنَّ المحاكمات مدفوعة سياسياً وقائمة على شهادات غير جديرة بالثقة وأدلة قليلة.
ورفض متحدثٌ باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق على اتصالات باترسون مع المسؤولين المصريين، قائلاً: «لا نناقش تفاصيل محادثاتنا الدبلوماسية الخاصة».
وقال المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية للموقع: «في وقت احتجاجات 30 يونيو/حزيران، استمرت الولايات المتحدة في دعم مصر والمصريين في مسعاهم للوصول إلى دولة مستقرة ديمقراطية، تنعم بالرخاء، تضمن حقوق وحريات مواطنيها».
المصدر: عربي بوست