نشرت صحيفة “البيريوديكو” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن مرور خمس سنوات من حكم السيسي، التي قضاها الشعب المصري بين قمع النظام وسوء إدارته للبلاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته صحيفة “عربي21″، إن شوارع القاهرة وبقية المدن المصرية، غصت بالمتظاهرين يوم 30 حزيران/ يونيو من سنة 2013. وقد عبر هؤلاء المتظاهرون عن رفضهم استمرار الرئيس المصري محمد مرسي في السلطة، علما بأنه تولى دفة الحكم بطريقة شرعية وديمقراطية في الانتخابات الرئاسية لسنة 2012.
وبعد مرور ثلاثة أيام من اندلاع هذه المظاهرات، أعلن اللواء عبد الفتاح عن إزاحة الرئيس مرسي من الرئاسة. وقد أدى هذا الانقلاب إلى ارتفاع وتيرة الاضطرابات والعدوانية بين المعارضين نظرا لوجود جماعة الإخوان المسلمين وملايين المؤيدين لهم على الساحة السياسية.
وأضافت الصحيفة أن الانقلاب العسكري في مصر حظي بدعم من عدة جهات، على غرار القوى العلمانية واليسارية التي ساهمت في اندلاع الثورة المصرية من أجل الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك سنة 2011، بالإضافة إلى أتباع نظام مبارك نفسه المدعومين من مؤسسة الجيش. وقد وجد السيسي كل الظروف الملائمة ليجعل من الانقلاب حقيقة وجب على الثائرين المصريين تقبلها، بعد أن توسموا خيرا في الثورة المصرية لتحقيق أحلامهم.
وأوردت الصحيفة أن الاحتجاجات المصرية اندلعت بشكل جزئي، بعد دعوة “حركة تمرد” المصريين لسحب الثقة من الرئيس مرسي. في وقت لاحق، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالا للباحث نيل كيتشلي مؤلف كتاب “مصر في وقت الثورة”، ناقش فيه الدور الذي لعبه الجيش المصري ووزارة الداخلية في دعم حركة تمرد. ومن جهته، صرح خالد داوود، الناطق الرسمي باسم جبهة الإنقاذ الوطني، لوكالة الأنباء الإسبانية “إفي”، أن الأحزاب التي مدت يد المساعدة للسيسي سنة 2013 تشعر حاليا “بالخداع والخيانة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المتظاهرين الذين خرجوا إلى ميدان التحرير في القاهرة بين سنتي 2011 و2012 للمطالبة بالحرية، انتهى بهم المطاف بين جدران السجون. وبعد الانقلاب، تظاهر مئات الآلاف من أنصار الرئيس مرسي تعبيرا عن رفضهم لسياسة النظام المصري القمعية. وقد اعتصم أعضاء حركة الإخوان المسلمين وأتباعهم سلميا في ميداني رابعة العدوية والنهضة.
نتيجة لذلك، داهمت القوات المصرية يوم 14 آب/ أغسطس سنة 2013، ميدان رابعة العدوية وقتلت أكثر من 800 شخص، ولم توجه أي تهمة لأي شرطي متورط في هذه المجزرة. كما أمرت السلطات المصرية باعتقال وسجن 739 شخصا من بينهم قادة الإخوان المسلمين. وقد أعلنت الحكومة المصرية أن جماعة الإخوان المسلمين تنظيم إرهابي في أواخر سنة 2013 وقد حُكم على مرسي وبقية القادة الإسلاميين بالسجن المؤبد أو الإعدام.
ونوهت الصحيفة بأن عبد الفتاح السيسي، البالغ من العمر 63 سنة، قد تمكن من التخلص من جميع منافسيه، حيث أرسل أكثر من 65 ألف معارض إلى السجون خلال خمس سنوات. وفي تعليقها على هذه المسألة، أكدت منظمة العفو الدولية أن “السلطات المصرية مارست التعذيب داخل السجون، وتورطت في الاختفاء القسري لمئات الأشخاص، فضلا عن إعدام العشرات خارج نطاق القضاء”.
في سياق متصل، أضافت منظمة العفو الدولية أن “موظفي المنظمات غير الحكومية يخضعون للاستجوابات بشكل مستمر، وقد منعوا من السفر وتم تجميد أصولهم”. كما حذرت منظمة العفو الدولية من أن الاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير القانونية ضد المعارضين والمتظاهرين السلميين والصحفيين والحقوقيين أضحت “اعتداءات روتينية” بالنسبة للسلطة.
وأفادت الصحيفة بأن القضاء المصري حكم على عشرات الأشخاص بالإعدام أو السجن المؤبد، سواء في المحاكم المدنية أو العسكرية دون وجه حق. وقد اعتبرت الكثير من المنظمات غير الحكومية هذه الأحكام مهزلة. كما ضيقت السلطات المصرية الخناق على الإعلام، حيث حجبت 434 موقعا على غرار المواقع المستقلة التابعة للمنظمات غير الحكومية، مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وقد تم تجميد أصول مديرها جمال عيد.
وذكرت الصحيفة أن نظام السيسي زاد الأوضاع الاقتصادية في مصر سوءا، حيث ارتفعت نسب الفقر والتضخم الذي يندرج ضمن إصلاحات صندوق النقد الدولي. ومن ناحية أخرى، تعد الانتخابات الرئاسية التي عقدت خلال شهر آذار/ مارس الماضي، عبارة عن مسرحية كوميدية حاز السيسي على بطولتها بعد أن منع جميع منافسيه من المشاركة فيها باستثناء المرشح الصوري، موسى مصطفى موسى.
ونوهت الصحيفة بأن السيسي لم يتمكن من الحد من الهجمات المسلحة المنفذة ضد قوات الأمن المصرية في سيناء، التي راح ضحيتها العشرات بين عسكريين ومدنيين، وخاصة المسيحيين منهم. وفي خطاب له بمناسبة مرور خمس سنوات من توليه رئاسة البلاد، صرح السيسي قائلا: “إن النتائج التي حققناها حتى الآن تشير إلى أننا نسير على الطريق الصحيح”. كما أكد السيسي، الذي خلع البدلة العسكرية واستبدلها بملابس الرئيس المدني، أن الشعب المصري يجب أن يشعر بالفخر لأنه تجاوز بنجاح فترة عدم الاستقرار السياسي وخطر الإرهاب والخسائر الاقتصادية.