نشرت مجلة «ذا أتلانتك» مقالا للكاتب ديفيد غريهام، يقول فيه إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعمل على تغيير العديد من الوجوه في مجتمع بلاده، مستدركا بأن بعض الخبراء يتساءلون عن ما إذا كان بإمكانه السيطرة على السلطة.
ويقول غريهام في مقاله، الذي ترجمته «عربي21»، إن السعودية تمر بأوقات عصيبة، ويسعى ابن سلمان لسلسلة من التغييرات، بما في ذلك إطلاق الحريات في بعض الجوانب، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، والتشديد في جوانب أخرى من خلال احتجاز الناشطين أو سجنهم.
ويستدرك الكاتب بأن «سرعة التغيير والتغطية المعجبة من جزء من الإعلام الغربي ساعدتا على إخفاء سؤال مهم جدا: هل بإمكان ذلك أن يستمر؟ وقد يكون محمد بن سلمان (أم بي أس) اليوم نخب البلد، لكن قد ينقلب ذلك إلى العكس تماما، ويحذر ثلاثة من المتابعين للشأن السعودي من أن التغييرات التي أحدثها يمكن عكسها بسهولة».
وتنقل المجلة عن الزميلة في معهد رادكليف للدراسات التابع لجامعة هارفارد هالة الدوسري، التي تعمل في مجال حقوق النساء، قولها: «لا أظن أن هذه الطريقة في فعل الأشياء يمكن أن تبقى»، حيث جاء تعليقها هذا خلال الندوة الفكرية التي يقيمها معهد «أسبين» ومجلة «أتلانتك»، وأضافت: «لقد استعدى كثيرا من الناس، وشرعيته حاليا خارجية أكثر من كونها داخلية.. فهو لا يحظى بدعم الناس».
ويشير غريهام إلى أن كارين يونغ، من معهد دول الخليج اتفقت مع تحليل الدوسري، وقالت: «ما أسمعه من السعوديين هو أن هذه سنة ونصف من الانتظار وذلك حساس.. وهناك رغبة في أن ينجح شيء، وتشعر الإمارات بالشعور ذاته.. لكنها لحظة حرجة الآن».
ويورد الكاتب نقلا عن الخبراء المشاركين في الندوة، قولهم إن ولي العهد الشاب أحسن التصرف بإنشاء تحالفات خارجية، خاصة مع أمريكا والإمارات، مستدركا بأن «موقفه داخليا يبقى ضعيفا، وهو خطر يضخمه (أم بي أس) أحيانا عندما يبرر حملاته القمعية للأطراف الخارجية، ويحذر من ردة فعل من المتدينين المحافظين، لكن هناك خطرا مصدره منافسوه في العائلة الحاكمة ذاتها».
ويجد غريهام أنه «ربما يكون الخطر الأكبر من ذلك هو الاقتصاد، فالسعودية تواجه تخمة في أعداد الشباب الذين يرون فرصا محدودة، بالإضافة إلى أن أسعار النفط المتدنية في السنوات الأخيرة أضرت بخزينة الدولة، وإذا لم يستطع (أم بي أس) أن يحقق ما وعد به اقتصاديا، فإن ذلك سيهدد قبضته على السلطة، بحسب ما حذر المشاركون في الندوة».
ويذهب الكاتب إلى أنه حتى تخفيف القيود عن قيادة المرأة للسيارة له علاقة بالقلق على الوضع الاقتصادي، بحسب يونغ، التي قالت: «في الواقع فإن هناك منطقا اقتصاديا خلف تخفيف القيود عن المرأة، فالسبب الذي يجعلك تريد من المرأة أن تقود السيارة وتعمل هو أنها الأمل الوحيد في إيجاد عائلات بدخلين».
ويلفت غريهام إلى أن الناشطين اعتبروا تخفيف القيود عن النساء لحظة حلوة مرة؛ لأن العديد ممن كن على رأس المطالبات بالسماح للمرأة بقيادة السيارة هن إما سجينات، أو أنهن في المنفى، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدوسري أشارت إلى أنه في الوقت الذي كان بإمكان الحكومة فيه تغيير قوانين القيادة، فإن النساء لا يزلن حبيسات قوانين الولاية الصارمة، وهو ما يعني أن حقيقة الإصلاح بالنسبة لأي امرأة تعتمد على مدى موافقة الرجال في عائلتها.
ويجد الكاتب أنه بالرغم من الشكوك حول العمق الحقيقي للإصلاح وحكم القانون، فإن أستاذ القانون في جامعة كوين ماري، مالك دحلان، يقول إنه يجذر التغيير ليبقى.
ويختم غريهام مقاله بالإشارة إلى قول دحلان مبتسما: «أنا لا أتبنى وجهة نظر توم فريدمان”، في إشارة منه إلى وجهة نظر متفائلة جدا لما يقوم به الأمير محمد بن سلمان من الصحافي الأمريكي المعروف ثوماس فريدمان، لكنه قال: “سيكون كارثيا إلى حد بعيد أن يفشل (أم بي أس) في إصلاحاته، وليس بإمكان أحد أن يتحمل هذه المخاطرة اليوم».