ذكرت صحيفة هآرتس الخميس، أن «الأردن والسعودية والسلطة الفلسطينية طلبوا من إسرائيل الحد من نشاطات تركيا في شرق القدس، لأنها تزيد من نفوذها على حساب تلك الدول، مما يجعل منها طرفا مؤثرا وذو تأثير كبير في الأحياء الفلسطينية بشرقي المدينة المقدسة».
وقال أمير تيفون ويانيف كوفوفيتش مراسلا الصحيفة اللذين أعدا التقرير، وترجمته «عربي21» إن «أوساطا في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتعقب هذه النشاطات التركية بصورة فورية، للحد منها، وتقييد حريتها، وأن تلك العواصم الرياض وعمان ورام الله أعربت لتل أبيب عن خشيتها من أهداف التواجد التركي المتزايد، لأن من شأنها أن تمنح الرئيس رجب طيب أردوغان فرصة تحقيق ما يسعى إليه من إشراف ووصاية على القدس في العالم الإسلامي».
وأضافت الصحيفة أن «الأحياء الفلسطينية العربية في شرقي القدس باتت خاضعة بصورة تدريجية للنفوذ والتأثير التركيين، مما يضع مصالح تلك الدول مع إسرائيل تحت الخطر الشديد، رغم أن أوساطا أمنية إسرائيلية أكدت أنها تراقب عن كثب الجهد الحثيث الذي تبذله أنقرة لزيادة نفوذها وتأثيرها في المدينة منذ ما يزيد عن العام، وقد تجلى ذلك في الموازنات المالية للجمعيات الإسلامية التركية القريبة من الحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان».
وأشارت إلى أن «الجمعيات التركية تقوم بتمويل مؤسسات فلسطينية نظيرة لها في شرقي القدس، من خلال تنظيم رحلات مشتركة بين القدس وأنقرة، يشارك بها آلاف الأشخاص، وبحضور بارز للشخصيات التركية، وتنظيم مظاهرات واعتصامات في الحرم القدسي وحوله».
الصحيفة نقلت عن دبلوماسيين إسرائيليين قولهم إن «الأردن بدأ يعبر بجدية عن مخاوفه من البصمات التركية المتزايدة في أنشطة القدس، بل إنه عبر عن غضبه من حالة غض الطرف الإسرائيلية عن ذلك، وكأن الأمر لا يعنيها، أكثر من ذلك فق زاد الأردنيون في قلقهم عقب التوقيع على اتفاقية المصالحة بين أنقرة وتل أبيب في 2016، بحيث أن الأخيرة لم ترد الدخول في مواجهة جديدة مع أردوغان، ولذلك كانت ترد بهدوء وتروي أمام ظاهرة زيادة التواجد التركي في شرقي القدس».
يؤكد كاتبا التقرير أن «تل أبيب رفضت اتهامات عمان لها بأنها لا تعطي النفوذ التركي الاهتمام اللازم، مع أن هذه الظاهرة زادت من تجلياتها في العام الماضي حين بدأ يتوافد مئات المواطنين الأتراك إلى الحرم القدسي، وهم يحملون معهم أعلام تركيا ورايات حزب العدالة والتنمية، وخاضوا مواجهات مع أفراد الشرطة الإسرائيلية، التي ردت عليهم بإصدار أوامر منع دخول إسرائيل للأفراد الأتراك العنيفين في المستقبل».
وأشارت الصحيفة أن «تركيا تواصل جهودها الحثيثة لإبقاء وتوسيع تواجدها في شرقي القدس من خلال المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية التابعة لها، بحيث بدأت تسعى مؤخرا لشراء بعض العقارات، وترسيخ إقامتها من خلال الفعاليات الداعمة للفلسطينيين في المدينة، مما يثير قلق السلطة الفلسطينية التي لا تريد شريكا آخر لها في القدس بجانب إسرائيل».
وكانت إسرائيل قد «اتهمت القنصل التركي في القدس، الذي طردته قبل أسابيع ضمن حملة طرد السفراء المتبادلة، وهو أحد كوادر حزب العدالة والتنمية بدعم نشاطات الجمعيات التركية في شرقي المدينة، ومعظمها تابع لجمعية IHH التي نظمت في 2010 قافلة أسطول الحرية إلى شواطئ قطاع غزة».
وأجملت الصحيفة مصادر قلق تلك العواصم بالقول أن «الأردنيين يخشون من تزايد الأنشطة التركية في شرقي القدس، لأن أردوغان يحاول زعزعة الموقف الأردني فيها، الذي يؤكد أنه المسئول وصاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية في المدينة».
وأضافت أن «القلق الحقيقي يعود للسلطة الفلسطينية التي ترى في التواجد التركي إضعافا لها، كون الأتراك قريبين من حركة حماس، والحركات الإسلامية المعارضة للسياسة التي تتبعها السلطة».
وختمت بالقول أن «السعودية يعود مصدر قلقها من التواجد التركي في القدس لأنه يعني بالضرورة تزايد نفوذ أردوغان في أنحاء العالم العربي والإسلامي بسبب دفاعه عن القدس، وتواجد الجمعيات الخيرية التابعة له فيها، مما يعني إمساكه بزمام المبادرة ضد إسرائيل وجهود الإدارة الأمريكية لإيجاد حل لموضوع القدس في الحل النهائي».