«محاولاتنا لكسر الصمت لن تتوقف، طالما بقينا موجودين، وطالما ما زلنا نحلم بصحافة تعبر عن الجميع».
هكذا عبر الصحافي المصري، خالد البلشي، عن اعتراضه على حجب موقع «كاتب» الذي يرأس تحريره، بعد 10 ساعات فقط من إطلاقه. وأوضح البلشي أن الموقع حصد أكتر من 10 آلاف زائر في 9 ساعات وأكتر من 2300 مشارك على صفحته على «فيسبوك» وأكتر من 1100 متابع على «تويتر».
وتابع البلشي: «دعمك لموقع كاتب، مش دعم لهؤلاء الشباب وهذا الفريق، رغم إنه هيفرحهم، لكنه دعم لحقك في معلومة وخبر ورأي»، «إن قرار الحجب ليس مفاجأة لكن المفاجأة في توقيته، مشيراً إلى أنه يأتي في سياق عام من القمع والتضييق على حرية الصحافة، وصلت للقبض على عشرات الصحافيين ووجود أكثر من 30 زميلاً خلف القضبان، بخلاف محاولات مصادرة الكلام وفرض الصمت على الجميع وتقنين الحجب والمصادرة عبر قوانين الصحافة والإعلام الأخيرة».
تضامن
وقال المحامي الحقوقي ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، إنه رغم حجب الموقع، «الشباب اللي بيصدروه مصرين يكملوا، وأنا فخور بيهم كلهم، وبصديقي الرائع خالد البلشي».
وتابع «دعمك لموقع كاتب، مش دعم لهؤلاء الشباب وهذا الفريق، رغم إنه هيفرحهم، لكنه دعم لحقك في معلومة وخبر ورأي»، مضيفاً أنّ «الحجب لم يكن مفاجئاً، فنظام السيسي المعادي لحرية التعبير وحرية الإعلام حجب أكثر من 500 موقع في أقل من عام لكن المفاجأة هي هذه السرعة الشديدة في الحجب، والتي توضح توظيف عدد هائل من المراقبين والمتربصين بشبكة الانترنت والمواقع المستقلة».
وأصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بيانًا استنكرت فيه إقدام النظام المصري على حجب الموقع «متجاوزًا عداء تونس زين العابدين بن علي، ومملكة الظلام السعودي لحرية التعبير».
وقالت الشبكة في بيانها اليوم الاثنين، إن نظام الجنرال المصري عبدالفتاح السيسي، قام بحجب موقع كاتب المعني بحرية التعبير وسيادة القانون والتابع لها، بعد إطلاقه بـ 9ساعات فقط، متجاوزا الأرقام القياسية السابقة التي سجلها نظام الدكتاتور التونسي الهارب زين العابدين بن علي، الذي حجب موقع «يزي أورج» مظاهرة افتراضية ، بعد 18 ساعة من إطلاقه في عام 2005، والنظام السعودي الذي حجب موقع «الجمعية المصرية للتغيير» بعد 15 ساعة فقط من انطلاقه في أبريل/نيسان 2010.
وذكرت الشبكة أن موقع «كاتب»، الذي تم إطلاقه أمس في الساعة الواحدة ظهرا، كان «أول موقع حقوقي متخصص في حرية التعبير وتداول المعلومات، ويسلط الضوء على سجناء الرأي المصريين والعرب، قد تأكد حجبه في العاشرة مساء أمس، ليصبح أول إنجاز حقيقي ملموس لنظام الرئيس السيسي الذي تميز بالقمع والاستهانة بالقانون، لكنه إنجاز لا يدعو للفخر».
كما كتب المحامي الحقوقي خالد علي على حسابه على الفيس بوك داعما خالد البلشي قائلا:
«لو عايز تعرف يعنى إيه تكمل طريقك فى المقاومة ورفض الاستسلام، وتعافر ضد الإحباط واليأس والقبح، وكل ما السلطة بجبروتها تقفل ليك تجربة وتتخيل إنها هزمتك. فجأة تلاقيك بتخوض تجربة جديدة بكل حب وأمل وشغف للصحافة ولرفاق المهنة، وللحقيقة، وللحق فى المعرفة، وحرية تداول المعلومات، يبقى لازم تعرف خالد البلشى من الدستور للبديل للبداية للنقابة لتيران وصنافير لكاتب..الخ، ولسه فى العمر بقية ومعافرة لآخر نفس».
توضيح:
معاناً في قمع الصحافة الإلكترونيّة تحديداً، منح قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري «سلطة التحقيق المختصة» الحق في «حجب موقع أو مواقع أو روابط أو محتوى محل البث، متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية، أو ما في حكمها، وتشكل تهديداً للأمن القومي، أو تعرض أمن البلاد، أو اقتصادها القومي للخطر».
يذكر أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يُحدِّد أسباب حجب مواقع الويب بمصطلحات فضفاضة وغير منضبطة في تعريفها، مثل تهديد الأمن القومي، والذي يُعرفه القانون على أنه كل ما يتصل باستقلال واستقرار وأمن الوطن ووحدته وسلامة أراضيه، وما يتعلق بشؤون رئاسة الجمهورية ومجلس الدفاع ومجلس الأمن القومي، والقوات المسلحة والإنتاج الحربي، ووزارة الداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، والأجهزة التابعة لتلك الجهات، وهي نفس التهم التي وجهتها جهات التحقيق سابقًا للعديد من المتظاهرين والنشطاء في التحقيقات والمحاكمات، اتهامات بتهديد الأمن القومي، على خلفية الدعوة للتظاهرات، وفي قضايا النشر وفي القضية 173 الموجهة ضد منظمات المجتمع المدني، كما أن هذا التعريف يعني أن ما تراه هذه الجهات مخالفًا لسياساتها سيُعد تهديدًا للأمن القومي.
تابعت المنظمتان «بالإضافة لتخويل رقابة واسعة النطاق يعمل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على ترسيخ مراقبة شاملة على الاتصالات، حيث تُلزم المادة الثانية من القانون، شركات الاتصالات بحفظ وتخزين بيانات استخدام العملاء، لمدة 180 يومًا. وتشمل هذه البيانات تلك التي تُمكّن من التعرف على المستخدم، والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي، والمتعلقة بحركة الاستخدام والمتعلقة بالأجهزة المُستخدمة. وذلك يعني أن مقدمي خدمات الاتصالات سيكون بحوزتهم بيانات توضّح كل الممارسات التي يقوم بها المستخدم بما في ذلك المكالمات الهاتفية، والرسائل النصية، وكل البيانات المتعلقة بهما، والمواقع التي يزورها المستخدمون، والتطبيقات المُستخدمة على الهواتف الذكية والحواسيب».
كما تُلزم نفس المادة من مشروع القانون شركات الاتصالات بالالتزام بأي «بيانات أخرى يصدر بتحديدها قرار» من مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ما يعني أنه يمكن لاحقًا إلزام مقدمي خدمات الاتصالات بجمع والاحتفاظ ببيانات غير منصوص عليها في القانون، استنادًا إلى قرار إداري يصدر من الجهاز. أيضًا تتوسع المادة في إعطاء صلاحية جمع بيانات المستخدمين ليس فقط من قبل مُقدّمي خدمات الاتصالات، لكن أيضًا وكلائهم وموزعيهم التابعين لهم والمنوط بهم تسويق خدمات الاتصالات
كما تمنح المادة الثانية أيضًا، جهات الأمن القومي الحق للاطلاع على هذه البيانات، وتُلزم مقدمي خدمات الاتصالات أن يوفروا الإمكانيات الفنية لذلك، حيث تنص المادة على أن «يلتزم مقدمو الخدمة والتابعون لهم، أن يوفروا حال طلب جهات الأمن القومي ووفقًا لاحتياجاتها كافة الإمكانيات الفنية المتاحة لديه، والتي تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقًا للقانون».
وبذلك تكون المادة قد فرضت مراقبة شاملة على جميع المستخدمين في مصر، بدلًا من ارتباط مراقبة الاتصالات بالحصول على تصريح من جهات التحقيق في جرائم محددة ولفترة محددة. وتتيح هذه المادة للأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة في الحصول على بيانات المستخدمين ودون ضوابط أو معايير.