شرعت مصر، على مدار السنوات الأربع الماضية، في إعادة هيكلة لمنظومة دعم الطاقة، لتصبح متوافقة مع اشتراطات صندوق النقد الدولي، الذي طالب بإلغاء الدعم كاملا على المحروقات، لكي تتمكن مصرر من الحصول على قرض مقداره 12 مليار دولار.
ويقدر أن يصل دعم المواد البترولية خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو إلى 110 مليارات جنيه (6.2 مليارات دولار)، انخفاضا من 145 مليار جنيه (8.2 مليارات دولار) كانت مستهدفة سابقا.
وتقول الحكومة المصرية، إنها ملتزمة بتعهداتها السابقة، بإلغاء الدعم بالكامل على الوقود تدريجيا خلال 3 سنوات، تنتهي بنهاية العام المالي المقبل، أي بداية من أول يوليو 2019.
وتعرض المصريون لـ3 زيادات في أسعار الوقود في الأعوام الأخيرة، كان أحدثها في يونيو 2017 والتي جاءت بنسبة 100 بالمئة.
البداية
البداية كانت في مطلع يوليو 2014، مع سعي الحكومة لتطبيق إصلاح منظومة دعم الطاقة، فيما جاءت المرة الثانية بالتزامن مع تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016.
وجاء خفض الدعم في المرة الثانية وفق شروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، خلال 3 سنوات.
وفي يونيو الماضي، خفضت الحكومة دعم الوقود للمرة الثالثة، والثانية وفقا لشروط اتفاق الصندوق، فيما عاد الحديث مجددا في الوقت الراهن بشأن زيادة أخرى مرتقبة وهو ما نفته الحكومة.
وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، قال، في تصريحات لوسائل إعلام محلية مؤخرا: «لم نحدد بعد موعد رفع البنزين».
وأوضح أن قرار رفع أسعار الوقود هو قرار الحكومة، ويصدر من خلال مجلس الوزراء وليس من خلال وزارة البترول ولا الهيئة العامة للبترول.
قفزات كبيرة
وشهدت أسعار الوقود في مصر قفزات كبيرة تراوحت بين 13 بالمئة إلى 305 بالمئة خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى الآن.
ويظهر الرصد، ارتفاع سعر لتر بنزين 92 أوكتان من 1.85 جنيه إلى 5 جنيهات بنسبة 170 بالمئة، فيما قفز لتر سعر البنزين 80 أوكتان من 90 قرشا إلى 3.65 جنيه بنسبة 305 بالمئة.
وصعد سعر لتر السولار (الديزل) من 1.10 جنيه إلى 3.65 جنيه بنسبة 229 بالمئة، كما ارتفع سعر لتر بنزين 95 أوكتان للسيارات الفاخرة من 5.85 جنيه إلى 6.60 جنيه بنسبة 12.8 بالمئة.
خطة للترشيد
ودافعت الحكومة المصرية عن خفض الدعم الأخير، بأنه يأتي في إطار تعزيز خطة ترشيد الدعم، ويحقق وفرا بنحو 35 مليار جنيه (1.9 مليار دولار) في موازنة العام المالي 2017-2018.
ويقدر مشروع الموازنة المصرية متوسط سعر برميل برنت مقابل 55 دولارا في العام المالي 2017-2018، مقابل 50 دولارا في العام المالي 2016-2007.
وفي حين يقدر مشروع الموازنة العامة المصرية، سعر برميل البترول بنحو 67 دولارا في العام المالي المقبل، ارتفع سعر البرميل إلى نحو 80 دولارا بسبب التوترات السياسية في المنطقة.
إصلاح الدعم
وتقول بعثة صندوق النقد، في بيان صدر عنها مؤخرا، إن الحكومة المصرية لا تزال ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة، للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019.
وحذر صندوق النقد الدولي، في مايو الجاري، من تداعيات التأخر في مواصلة تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة؛ حيث يمكن أن يؤدي مرة أخرى إلى تعريض الموازنة لمخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.
ويمثل دعم المواد البترولية، قيمة ما تتحمله الدولة المصرية نتيجة بيع هذه المواد بأسعار تقل عن تكلفة توافرها للسوق المحلية سواء عن طريق الإنتاج أو استيراد بعضها من الخارج.
إنفاق رأسمالي
وفي حال ارتفاع سعر برميل النفط بقيمة دولار عن المقدر في مشروع الموازنة، يكلف الدولة المصرية نحو 4 مليارات جنيه (225 مليون دولار)، ما يلقي بأعباء سلبية على الموازنة من خلال الحد من الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي.
وتسعى مصر إلى تطبيق إصلاحات مثل تدشين نظام للبطاقات الذكية لمراقبة الاستهلاك في محطات الوقود وتوزيع أسطوانات غاز الطهي من خلال بطاقات التموين، التي تحصل بموجبها الأسر على سلع بأسعار مدعمة، لكن هذه الإجراءات لم تطبق فعليا بشكل كامل حتى الآن.
المصدر: الأناضول