أكدت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» أن الشعبية في مصر تعتبر سلاحا ذا حدين، موضحة أن من لا يتملق النظام من الرياضيين تسحب منه إنجازاته وربما يسجن أو يتم تصنيفه كإرهابي، مثل ما حدث مع محمد أبو تريكة، مضيفة في مقال لـ«إيفون ردلي»، المحللة السياسية المختصة بشؤون الشرق الأوسط، أن النظام يحاول فعل ذلك مع محمد صلاح حاليا، لكن لسوء حظهم فشعبيته أكبر من أن يستطيع النظام أن يزحزحها أو أن يستطيع استخدام صلاح كدمية.
وأضافت المحللة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن النظام ربما يحاول استخدام ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، في الإجهاز على اللاعب محمد صلاح، موضحة أنه أفتى بعدم جواز إفطار صلاح أثناء لعبه كرة القدم، خاصة وأن المباريات المقبلة ستكون خلال نهار رمضان، وأوضحت الكاتبة أن فتوى برهامي كانت مثيرة للجدل بطريقة ما، وأضاف برهامي: كرة القدم لا تندرج في فئة العمل الشاق، وبالتالي لا يُسمح للاعبين بالإفطار في رمضان.
وأشارت الكاتبة، رغم أنها ليست مسلمة ولا تعرف كثيرا عن الإسلام، إلا أنها تعلم أن الدين يجيز الإفطار أثناء السفر لمسافات طويلة، ويجيز الإفطار أيضا لكبار السن والأطفال والمرضى والحوامل، ووفقا لوضع محمد صلاح فإن سفره إلى روسيا سيحتّم عليه الإفطار نظرا لبعد المسافة.
وبغضّ النظر عن الجانب التقني، إلا أن كرة القدم، من ضمن الأعمال الشاقثة، وتتطلب انضباطا تاما، ومستوى عالياً من اللياقة البدنية والتركيز، لذا كانت فتوى برهامي، بحسب الكاتبة، غريبة نوعا ما، وتعيد إلى الأذهان مجموعة من الفتاوى الغريبة للأذهان.
ويعد حزب الدعوة السلفية آخر الأحزاب الإسلامية التي بقيت بعد أن تولى عبدالفتاح السيسي السلطة، ودعم مؤخرا عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية، وبرر حزب النور ذلك بأنه لم يكن أمامه خيار سوى دعم السيسي إذا أراد البقاء والعمل في مصر، ويشار إلى أن الحزب أجبر أنصاره على الخروج لصناديق الاقتراع بل والمساهمة في الدعاية لعبدالفتاح السيسي الذي شن انقلابا عسكريا في 2013 ضد أول رئيس مدني منتخب.
ويعد برهامي رجل دين بارزاً مرتبطاً بحزب الدعوة السلفية، وهو الحزب الذي أيد السيسي أيضا في انقلابه العسكري، وكان يمتلك 25% من المقاعد البرلمانية إبان ولاية مرسي، أما الآن فلديه 2% فقط.
وتساءلت الكاتبة عن الهدف من وراء إطلاق برهامي فتواه في الوقت الحالي، وتوقعت أن تكون السلطات المصرية وراء ذلك، خاصة بعد أن نشب صراع وتوتر بين محمد صلاح والاتحاد المصري لكرة القدم، حول حقوق بث صور اللاعب المصري، وإلصاق صورته على طائرة الاتحاد، وهو ما يخلّ بالعقد الموقع بين صلاح وشركة فودافون، التي تمتلك حق الاستخدام الحصري لصوره.
واضطر وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، وتم الاستجابة لمطلب محمد صلاح في النهاية، وإزالة صورته من على طائرة الاتحاد، وأكد وكيل صلاح، أن صلاح يحترم جميع الاتفاقيات التي وقعها مع أطراف أخرى.
ووفقا للكاتبة، من الواضح أن مصر تعلق آمالها في كأس العالم على محمد صلاح، وهي البطولة التي ستشارك فيها مصر للمرة الأولى منذ عام 1990، ومن المقرر أن يلعب المنتخب المصري في المجموعة الأولى ضد روسيا السعودية وأوروجواي، في الوقت الذي يرى فيه المصريون محمد صلاح أملهم الوحيد والأخير.
أما عبدالفتاح السيسي الديكتاتور القوي، فإنه يشعر بالقلق من أن يتلقى شخصا غيره تمجيدا، ومضيفة: ما حدث مع اللاعب محمد أبو تريكة، مثال على ما يحدث لمن يكرهه النظام، وكان أبو تريكة (39 عاما)، شخصا محبوبا في جميع أنحاء العالم العربي، خاصة بعد أن أزال قميصه في مباراة في 2008 بعد أن سجل هدفا، وظهرت عبارة “تعاطفا مع غزة”، فيما تم تغريمه من قبل الاتحاد المصري لكرة القدم حينها، وقال إنه غير نادم على ما فعله، وأنه يريد أن يدفن بصحبة القميص، وفي أعقاب مذبحة بورسعيد في 2012، استنكرها أبو تريكة وقال: هل الحياة رخيصة إلى هذا الحد؟ اعتراضا على استمرار المبارايات بعد المذبحة.
وبعد أن أيد أبو تريكة الإخوان، شرعت الحكومة المصرية في الاستيلاء على أصوله وممتلكاته، واتهمته بتمويل الجماعة، التي أصبحت منظمة إرهابية، فيما صُنّف أبو تريكة نفسه على أنه إرهابي.
ولا يعد أبو تريكة، اللاعب الوحيد الذي أغضب عبدالفتاح السيسي، حيث أنهى اللاعب أحمد الميرغني، الذي شارك في ثورة يناير، عقده في 2015، بعد أن كتب تعليقات مسيئة على صفحته لعبدالفتاح السيسي، وكانت جملته التي أودت بمستقبله: «مش بناخد منكم غير كلام وبس».
فيما جرد أبطال رياضيون آخرون من أوسمتهم، مثل اللاعب محمد يوسف الذي فاز بالميدالية الذهبية لفنون القتال في 2013، بعد أن انتقد النظام المصري أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت الذي يُعتبر فيه صلاح أكبر من كونه دمية يستطيع النظام أن يحركها، إلا أن أدائه وتعليقاته خارج الملعب تشير إلى أنه يحتاط إلى أبعد حد، ولا شك في أن هناك من طلب من أبو تريكة أن يتملق السيسي حفاظا على مستقبله، ولرفع اسمه من قائمة الإرهاب، والإفراج عن أصوله وممتلكاته، لكنه رفض بالطبع.
في النهاية، فإن الشعبية في دولة مثل مصر تعتبر سلاحا ذا حدين.