دعا رئيس مجلس النواب «علي عبدالعال» إلى «ضرورة وجود ظهير سياسي للدولة» في المدّة المقبلة؛ بإنشاء حزبين «كبيرين»، أحدهما للأغلبية والآخر للمعارضة؛ زاعمًا أنّ «هذا هو الحل الوحيد ليكون البرلمان القائم حيويًا ومنجزًا»، لتسهيل مناقشات مشروعات القوانين بينهما ومن ثمّ الذهاب للتصويت مباشرة.
وفي جلسة البرلمان اليوم الاثنين، قال إنّ وجود ممثلين اثنين للأغلبية والمعارضة أمرٌ معمول به في كل المجالس النيابية بدول العالم، وكثرة المتحدثين في مشروعات القوانين تشكّل عبئًا على المجلس وتعطّل إصدار التشريعات؛ لأنه كلما توسعت المناقشات ابتعد النواب عن جوهر الموضوع، على حد زعمه.
لكنه لم يذكر الحقيقة كاملة؛ ففي دول أوروبا لا تكون المعارضة شكلية، وإنما حقيقة تمارس دورها دون تهديد بالفصل أو اتباع أساليب خلفية لإقالة المخالفين (مثلما حدث في مصر مع النائب محمد السادات). كما لم يوضّح المناخ الديمقراطي الحقيقي الذي تتيحه الدول الأوروبية لتخرج المعارضة إلى النور وتقول رأيها بكل وضوح ودون تبعات تعسفية.
ويستحوذ ائتلاف «دعم مصر»، المُشكّل بمعرفة الأجهزة الاستخباراتية، على الأغلبية داخل مجلس النواب، بقرابة ثلثي أعضائه. لكنّ الانتخابات الرئاسية المنقضية كشفت نظام السيسي أمام دول العالم، خاصة بتغييبه لمنافسيه وغياب ظهير مؤيد له؛ ما دفع إلى التفكير بعودة حزب حاكم على غرار «الوطني المنحل»، وإنشاء حزب «شكلي» للمعارضة من داخل الموالين.
اصطناع معارضة
وبذلك؛ يحاول النظام اصطناع معارضة سياسية، عبر السيطرة المباشرة على الأحزاب التي فقدت هويتها الليبرالية في السنوات الأربع الماضية وأصبحت أقرب للسلطة من المعارضة، مثل «الوفد» و«المصريين الأحرار»، وكذلك الاحتفاء بأحزاب ذات شعبية متراجعة وتصويرها كبدائل واقعية للمعارضة لملء الفراغ الذي ستتركه الأحزاب التي سيتخلّص منها السيسي.
وبرزت مقترحات في الأيام الماضية من الأحزاب الصغرى بدمج كل مجموعة حزبية تنتمي لتوجّه فكري أو طبيعة سياسية واحدة؛ لتُجمع الأحزاب القومية المهتمة بالبُعد العربي معًا، والأحزاب الليبرالية معًا، والأحزاب الخاصة بقيادات الجيش السابقين معا، والأحزاب التي تنتمي قياداتها للقبائل في حزب واحد.
تطويع الأحزاب
وفي السياق متصل، قالت مصادر سياسية لوسائل إعلام مصرية إنّ قيادات أحزاب «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«المؤتمر» و«مصر بلدي» و«الشعب الجمهوري» اجتمعت مرّات مع ضباط مخابرات عامة وحربية لتنسيق الخطوات التنفيذية لإتمام الدمج، وتباحثوا بشأن عدد الأعضاء الحاليين في كل حزب والعدد المستهدف إضافته، إضافة إلى المقرات الحزبية المستغلّة والأماكن الأخرى المملوكة لقيادات الأحزاب في المحافظات الرئيسة؛ لبحث إمكانية استغلالها مقرات للحزب الكبير.
وأضافت أنّ هناك منافسة طبيعية بين قيادات هذه الأحزاب على المناصب القيادية المنتظرة في الحزب الكبير، وهي منافسة تدور بالأساس بين القادة الذين كانوا يعملون في السابق ضباطًا في الجيش أو الشرطة، بينما يتوارى بصورة ملحوظة رجال الأعمال، خصوصًا المنتمين إلى «الحزب الوطني» الحاكم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، والمرجّح أن يبتعدوا عن صورة الصف الأول، مع إبقائهم مصدرًا أساسيًا للدعم المالي والحشد الجماهيري.
والأحزاب الأخرى التي ستؤدي دور المعارضة في خطة السيسي الجديدة هي «الوفد» و«المصريين الأحرار» و«الغد»، الذي يرأسه المرشح الرئاسي الصوري الخاسر موسى مصطفى موسى، و«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» الذي يضم أعضاء بلجنة الخمسين ويمثّله أعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان، و«التجمع اليساري» الذي فقد شعبيته وحركيته على الأرض ويقتصر نشاطه حاليًا على إصدار صحيفة «الأهالي» الأسبوعية، و«العربي الناصري» الذي ما زالت له كوادر قديمة في محافظات، وحزب «المحافظين» الذي يملكه النائب ورجل الأعمال أكمل قرطام.