يعتقد كثيرون أنّ إيران تمتلك حاليًا أكثر من عشْر قواعد عسكرية في سوريا، فيهما قاعدتان نحو مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود مع «إسرائيل»، إضافة إلى قوّة متحالفة قوامها 20 ألف مقاتل، ويتّخذ «الاحتلال الإسرائيلي» إجراءات حاليّة لمنع إيران من مزيد من الأنشطة وإنشاء مواطئ قدم أخرى في سوريا.
هذا ما تراه صحيفة «فوكس نيوز» في تقرير ترجمته «شبكة رصد»، ونقلت عن مصادر أنّ المقاتلين السوريين يخبئون أسلحتهم بمخابئ، في أسلوب يبدو على طريقة «لعبة العروش- جيم أوف ثرونز»، وأضافت مصادر أخرى أنهم يحاولون إنقاذ أسلحتهم من الحرب المقبلة بين «إسرائيل» وإيران.
وفي فبراير، اخترقت إيران المجال الجوي الإسرائيلي مباشرة للمرة الأولى، باستخدام طائرة دون طيار مسلّحة قادرة على حمل أربع قنابل موجّهة بدقة؛ وكانت هذه خطوة عدوانية غير اعتيادية، فعادةً ما تستخدم إيران الوكلاء مثل حزب الله لتهديد «إسرائيل» بدلًا من المخاطرة بمواجهة مباشرة.
واعترضت القوات الاحتلالية الطائرة وتتبّعت نقطة انطلاقها، ووجدت أنّها خرجت من قاعدة «تياس» الجوية التي تسيطر عليها إيران في سوريا وتعرف أيضًا باسم قاعدة «تي 4» الجوية. وردًا على ذلك؛ حرّك «الإسرائيليون» طائرات مقاتلة لقصف القاعدة، ولأولى مرة منذ حرب لبنان تسقط طائرة «إسرائيلية» من طراز «إف 16» وتمكّن طياروها من الهبوط.
مرة ثانية، في 9 أبريل، هاجمت «إسرائيل» قاعدة «تي 4» وقتلت سبعة إيرانيين، ثم قادت مزيدًا من الهجمات في 29 أبريل؛ قتلت فيها 18 إيرانيًا. وطوال الحرب الأهلية، التي دامت سبع سنوات في سوريا، استخدمت «إسرائيل» القوة العسكرية باستمرار لمنع نقل الأسلحة إلى حزب الله؛ وهو خط أحمر طويل الأمد للدولة اليهودية، والهجمات المتتالية التي أطلقها الاحتلال تمثّل تصعيدًا خطيرًا.
ومع تعهّد إيران بالانتقام، صوّت «البرلمان الإسرائيلي» على توسيع سلطات الحرب التي يتمتع بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذكر مسؤولون أميركيون أنّ «إسرائيل» طلبت المساعدة إذا نشبت حرب مع إيران، كما أكّد مسؤولون إسرائيليون لمسؤولين أميركيين وروسيين أنّ إيران إذا ردّت على الضربات الجوية الأخيرة فـ«إسرائيل» ستتجاوز سوريا وتهاجم إيران مباشرة، ولا أحد يعرف إلى أيّ مدى سيتصاعد القتال.
كيف نمنع الحرب؟
ومن الضروري أن تعمل الإدارة الأميركية على إزالة أسباب التوتّر بين «الدولتين»، والتأكّد من أنّ إيران تفهم بالضبط أنّ أميركا لن تتساهل؛ ما من شأنه منع الحرب من التقدّم. وأيضًا التنسيق مع حلفاء أميركا لإقناع إيران بضرورة العدول عما تنوي عله؛ لكنّ لقاء ترامب بماكرون الأسبوع الماضي أهدر هذه الفرصة.
أيضًا، على الإدارة الأميركية فتح قناة اتصال مجدية مع إيران، وإيجاد طريقة لتجنّب سوء الفهم، ووزارة الخارجية هي الأنسب لهذه المهمة؛ فعلاقة وزير الخارجية الأميركي السابق «جون كيري» مع نظيره الإيراني «جواد ظريف» ساهمت في نزع فتيل التوتر من قبل في قضايا. لكن، ليس مرجحًا أن يُقدم مايك بومبيو على خطوة مماثلة.
ومن الضروري بذل مزيد من الجهود لاحتواء الوجود الإيراني في سوريا. لكن، وللأسف، ما يفكّر فيه ترامب الآن مخالف لما سبق؛ إذ ينوي مغادرة سوريا في أسرع وقت، داعيًا «الآخرين» إلى الاهتمام بها. واقترح مستشاره للأمن القومي «جون بولتون» استبدال الوجود الأميركي بقواعد عسكرية عربية؛ لكنّ هذا التحرّك سيترك «إسرائيل» وحدها في المواجهة.
كما تعمل الإدارة الأميركية حاليًا على تغيير دفة وكالة الاستخبارات بعيدًا عن سوريا إلى أفغانستان؛ ما يعني أنّها تنوي فعلًا إدارة ظهرها لسوريا وما يحدث فيها.
أيضًا، يجب أن تستمر أميركا في الاتفاق النووي الإيراني، على الرغم من أنّه سيضرّ بمصداقيتها وسيمنح إيران عذرًا للاستمرار في أنشطتها النووية. وبدلًا من ذلك؛ يجب على أميركا متابعة الصفقة وتخفيض العقوبات على إيران مقابل تنازلات ملموسة بشأن الصواريخ الباليستية وجهود مكافحة الإرهاب.
ولا يوجد حلٌّ سريعٌ لمنع نشوب حرب مباشرة بين «إسرائيل» وإيران، لكن من الضروري أن تبدأ إدارة ترامب في خفض التوترات؛ لأنّ الحرب بينهما كارثية للمنطقة، ويجب تجنيبها بأيّ طريقة ممكنة.