في الأسبوع الماضي، قُدّم جزء من الخطة الأميركية للسلام إلى وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان أثناء زيارته واشنطن، من بين خطة كبرى عملت عليها الإدارة الأميركية في العام الماضي؛ ومن المتوقع أن يقبلها الاحتلال، كما ذكر مسؤولون تابعون له، بالرغم من التنازلات التي ستتعتبر مؤلمة له.
هذا ما تراه صحيفة «جيروزاليم بوست» في مقال لها ترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنه في الوقت الذي نفى فيه مسؤولون أميركيون التقرير الذي تحدث عن خطة السلام المعلنة إلى ليبرمان؛ فتسريب هذه المعلومات أكد أن هناك مخاوف أثارها اليمين الأميركي في الشهور الأخيرة، وقال مسؤولون يهود إن نقل السفارة الأميركية إلى تل أبيب 14 مايو المقبل أيضا جزء من خطة السلام.
ومطلب الانسحاب من أربعة أحياء عربية سيضع إسرائيل في مشكلتين: الأولى إلزام الحكومات الإسرائيلية المقبلة بمنع تقسيم القدس؛ فنقل السيطرة على أحياء القدس الشرقية إلى الفلسطينيين خطوة من شأنها أن يدفع ثمنها باهظا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
والأخرى: غموض الطرف الذي ستتفاوض معه إسرائيل من الجانب الفلسطيني.
وتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الماضي بأن يهود أوروبا ذبحوا لقرون، بسبب دورهم الاجتماعي المرتبط بالربا والبنوك، لا يجعله شخصا مقبولا لدى إسرائيل أو استعدادها للجلوس والتفاوض معه؛ حتى إنّ صحيفة «نيويورك تايمز» دعت الأسبوع الماضي إلى تنحيه، بسبب تعليقاته التي وصفتها بالمسيئة.
أيضا، يدرك ترامب وفريقه جيدا كل ما سبق؛ وجميع المؤشرات تدل على أنهم لن يتخلوا عن هدفهم الطموح المتمثل في محاولة إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وسيكون على الجانب الإسرائيلي أن يخطو بحذر تجاه القضية، مع تصاعج الموقف على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وانهيار محتمل للصفقة الإيرانية وسيحتاج نتياهو إلى مواصلة العمل عن كثب مع الإدارة الأميركية. ومن الناحية السياسية، يخاطر نتنياهو بأن ينظر إليه الجمهور الإسرائيلي على أنه قتال مع رئيس أميركي آخر، مثلما فعل مع باراك أوباما. وإذا حدث ذلك، فسيواجه نتنياهو صعوبة في إقناع الإسرائيليين بأن نقل السفارة الأميركية للقدس أمر معادٍ لإسرائيل.
وعلى الإدارة الأميركية بتأجيل خطوتها بنقل السفارة إلى القدس؛ فالفلسطينيون حاليا يفتقرون إلى قيادة قادرة على مواصلة العمل مع إسرائيل والتفاوض على سلام حقيقي وقوي وطويل الأمد، ولا يوجد ما يمكن ربحه من الكشف عن خطة ليست لديها افتراضية قبول لدى الطرفين، ولن تضيف إلا إحباطا متزايدا.
أيضا، اعتذار محمود عباس عن تصريحاته بشأن يهود أوروبا سببٌ آخر لوقف خطة السلام؛ فلو أنّ طرفا آخر أساء إلى السلطة الفلسطينية لطالب عباس بضرورة تقديم اعتذار، وهذا ما يجب عليه أن يفهمه؛ بعدما خاطر بمطالبة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بضرورة استقالته.
وعلى مستوى السلام الإسرائيلي الفلسطيني، على الإدارة الأميركية أن تعمل بذكاء أثناء طرحها تفاصيل خطة السلام. وكما علمنا التاريخ ، في أحيانٍ تأتي توقعات كبرى ثم تتلاشى مع نتائج دموية وعنيفة.
