يتحدّث كبار المسؤولين المصريين دائمًا وبشكل متزايد عن اللاعب محمد صلاح؛ بالرغم من أنّه تصرّف بعناية فائقة فما يتعلق بمواقفه السياسية. وفي الشهر الماضي، وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية اللاعب بأنّه رمز لقوة مصر الناعمة؛ بعدما سجّل محمد هدفين في مباراة ليفربول وروما في ذهاب الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي.
وقال عبدالفتاح السيسي إنّ ما فعله محمد صلاح وما أنجزه يدعوان إلى الفخر، ويؤكّد قدرات المصريين في جميع المجالات، مضيفًا أنّه فخور بكل مصري يحمل اسم بلده عاليًا.
هذا ما رصده موقع «ديسان هيرالد» الهندي في تقرير له ترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ محمد صلاح يمثّل فرصة جيدة لتحسين صورة مصر على الصعيد الدولي بعد سنوات من الاضطراب في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالديكتاتور محمد حسني مبارك.
قائمة ميسي ورونالدو
ويؤكّد «باسكال بونيفاس»، مدير المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية، أنّ رياضيًا مثل محمد صلاح على درجة عالية من الاحتراف؛ استطاع بسهولة اختراق جدار الإعلام الأوروبي، وأصبح وجهه معروفا عالميًا؛ وهو ما سينعكس حتمًا على وطنه الأم.
وجاء محمد من قرية نائية متواضعة في دلتا النيل، ثم قفز سريعًا إلى الشهرة العالمية منذ وصوله إلى إنجلترا الصيف الماضي في صفقة قيمتها 42 مليون يورو، ومنذ حينها حصل على جوائز رياضية؛ ما أدّى إلى وضعه في قائمة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي نفسها في 2018.
وفي 22 أبريل، حصل محمد صلاح على جائزة «أفضل هداف في الدوري الإنجليزي الممتاز لعام 2017-2018». كما أصبح بدوره بطلًا قوميًا؛ لدوره القيادي في مساعدة مصر على التأهل لكأس العالم للمرة الأولى منذ 28 عامًا، وهو المونديال المقرر إطلاقه بروسيا في 14 يونيو المقبل؛ ومن المتوقع أن تتركز عيون المصريين جميعها على محمد صلاح.
دفعة ثقة
وقال باسكال إنّه لا يزال يشكّ في مدى نجاح محاولات الحكومة المصرية لاستخدام محمد صلاح سياسيًا على الساحة الدولية، وهذه المحاولات مكشوفة للغاية ومماثلة للطرق القديمة للدعاية. ومن ناحية أخرى، يمكن للمعجزة أن تعطي دفعة كبرى للثقة الوطنية المصرية.
وبالرغم من أنّ صورة السيسي كانت تملأ الشوارع المصرية قبيل الانتخابات الماضية؛ لكنّ صورة محمد صلاح تخطّتها إلى أبعد مدى، في الشوارع وعقول المصريين جميعًا وقلوبهم؛ وأصبحت علامة تجارية مميزة لشركات المشروبات الغازية أو حتى البنوك المحلية. وفي الوقت نفسه، أيّد محمد صلاح حملة للمجلس القومي للمرأة تدعو إلى المساواة بين الجنسين، وأطلق حملة لمكافحة المخدرات تحت عنوان «أنت أقوى من المخدرات».
ويقول «محمد عبدالجواد»، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنّ الجهود المبذولة لتحوّل هذا النجم الكبير إلى رمز للقوة الناعمة لمصر ليست جديدة؛ فالأمر نفسه حدث قديمًا مع «أم كلثوم»، ملكة الأغنية العربية بلا منازع، بعد أكثر من أربعة عقود على وفاتها.
وأضاف أنّه بالرغم من ذلك، وفائدته لمصر؛ فالتعرّض المفرط له قد يكون مصدرًا آخر للصراع. وأثيرت ضجة مؤخرًا بشأن حقّ ملكية نشر صور محمد صلاح واستخدامها، بين «اللاعب ومحاميه» واتحاد الكرة المصري، الذي يصر على حقه في استخدام الصور بالطريقة التي يراها مناسبة، بالرغم من تعاقد محمد صلاح مع شركة فودافون للحصول على حق ملكية استخدام صوره؛ ما أثار ضجة كبرى على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر وفيس بوك» دعمًا له.
ما سبق يؤكّد أنّ الجميع، خاصة الحكومة المصرية، يسعون إلى استغلال نجومية محمد صلاح ماليًا وسياسيًا؛ لكن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية؛ خاصة وأنّ عيون العالم أجمع متركّزة حاليًا على اللاعب العالمي.