اتّفق الرئيسان الكوريان الجنوبي والشمالي على نزع الأسلحة النووية بشكل كامل من شبه الجزيرة الكورية، والامتثال لمعاهدة منع الانتشار النووي؛ لكنّ الجميع يبدو متشكّكًا في وعود الزعيم الشمالي. وقال «كريس نيلسون» إنّه بعد ساعات قليلة من توقيع الاتفاقية لم يخرج خبر موثوق من كوريا الشمالية يؤكّد أنها بالفعل ستتخلى عن برنامجها النووي.
وقد تخفّ كوريا الشمالية بالفعل من قدرتها النووية، لكنّها لن تتخلى عن أسلحتها بشكل كامل؛ فـ«كيم» يعتقد أنه سيفقد قوته إذا أقدم على خطوة مماثلة. ويرى «كريس» أنّه على الرغم من موافقة كيم على ذلك يوم الجمعة الماضية؛ فالمحتمل أيضًا أنه يمارس حيلة من نوع ما.
وأعاد الكوريون الشماليون تقييم سياستهم الجديدة وإصلاحهم، أو هكذا بدوا يوم الجمعة الماضي؛ بسبب الوعود التي قطعوها على أنفسهم بشأن إخلاء شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار الشامل.
سببان للقلق
صيغت اتفاقية الأسلحة النووية عام 1992، وتضمّنت أبرز بنودها «منع الانتشار النووي»، وانضمّت كوريا الشمالية إلى الميثاق العالمي في ديسمبر 1985. وفي ضوء استمرارها في رفض نزع أسلحتها النووية طيلة العقود الماضية؛ فمن المحتمل ألا تتخلى عنها حاليًا؛ وهناك أسباب ربما تدفعها إلى ذلك.
هذا ما يرصده المحلل السياسي «جوردون شي» في تحليله بمجلة «ناشيونال إنتريست»، المعنية بالتحليلات العسكرية، وترجمته «شبكة رصد». وأضاف أنّ أن هناك سببين رئيسين للقلق:
الأول: كلمات ترامب التهديدية المدعومة من مستشاره للأمن القومي جون بولتون، أثناء حديثه إلى فوكس نيوز الأميركية، إضافة إلى الحديث الصاخب عن كتاب «نار وغضب» الذي كشف كثيرًا فيما يتعلق بسياسة أميركا تجاه كوريا الشمالية التي تسعى إلى الانتقام منها. كما يعدّ انتشار الأسلحة الأميركية حول كوريا الشمالية، خاصة تجاه شواطئها، لن يفلح في إقناع كيم بالتخلي عن برنامجه.
كما إنّ الدول المحيطة بكوريا الشمالية، كجارتها الجنوبية والصين، خضعا لمواقف متوترة طوال المدة الماضية؛ ما يجعل كوريا الشمالية حريصة على ألا تفقد ميزتها الوحيدة، المتعلقة بقدرتها العسكرية.
والتهديد بإطلاق هجمات على المنشآت النووية الكورية الشمالية أفضل تفسير متوفر حتى الآن لإعلان كيم بأنه سيعلّق البرامج النووية وسيغلق مواقع الاختبارات، حتى قبل مقابلة دونالد ترامب.
والسبب الآخر: العقوبات الأميركية التي أدت إلى استنزاف خزينة كوريا الشمالية إلى حد كبير. وقالت مصادر صينية وكورية شمالية إنّ «بيونج يانج» ستستنفد احتياطاتها الأجنبية في أكتوبر المقبل؛ ما سيحتّم عليه الاستمرار فيما يفعله.
وبالرغم من أنّ العقوبات الموقّعة على كوريا الشمالية كانت قليلة مقارنة بالموقّعة مع إيران؛ فالهدف منها كان جلب الكوريين إلى طاولة المفاوضات، وهو ما نجح فيه الأميركان على ما يبدو. وأكّد ترامب يوم الثلاثاء الماضي أنّ «كيم يونج» على عجلة من أمره بشأن اللقاء المرتقب؛ ما يكشف أنّ الزعيم الكوري يرغب في تخفيف الإجراءات القسرية التي فرضت على دولته، وأن قدومه إلى أميركا يعني تقديم تنازلات كبيرة.
وأكّد ترامب من قبل أنه إذا فشل في جلب كوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات فسيستهدف روسيا والصين اللتين تستطيعان جلبه، وسيستهدف البنوك الصينية بشكل خاص؛ ما يعتبر تهديدًا.
وبالرغم من تحذيرات ترامب ومن قبله أوباما، واصلت البنوك الصينية التعامل مع الكوريين الشماليين؛ وقرّر مسؤولو ترامب بأنّ الصين ترفض تطبيق قوانين غسيل الأموال على كوريا الشمالية، ومن المؤكد أنّ رابع أكبر بنك في الصين «الصناعي والتجاري» يشارك في نشاطات مماثلة أيضًا.
وهو ما يجعل البنوك الصينية عرضة لتوقيع العقوبات عليها، أو إجبارها على دفع الملايين من الدولارات. وبالرغم من العلاقات المستمرة بين كوريا والصين؛ فالصين فرضت عقوبات على كوريا الشمالية أو استجابت لضغوط أميركا في هذا الشأن، وطردت عمالًا كوريين شماليين لديها؛ لكنّها أعادتهم مرة أخرى، وهو ما أغضب واشنطن بشدة.
كما أنّ الهدايا بين الصين وكوريا الشمالية تمطر بغزارة على الجانبين، وحصل كيم وزوجته على هدايا عينية الشهر الماضي، بلغت قيمتها 394 ألف دولار؛ في مخالفة واضحة لقواعد الأمم المتحدة.