منذ سيطرة العسكر على حكم مصر، بداية من الثالث من يوليو 2013، دخل العمال في أزمات عديدة وازدادت حدة الاحتاجات والإضرابات والاعتصامات، بسبب الضيق المالي؛ ثم تُواجه بالتجاهل أو استخدام القوة لإنهائها.
وقال تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إنّ حجم قوة العمل في مصر عام 2016 بلغ قرابة 28.934 مليون عامل؛ منهم 21.934 مليون من الذكور وسبعة ملايين من الإناث، بزيادة قدرها 503 آلاف عامل عن عام 2015، الذي بلغ 28.431 مليون عامل؛ منهم 21.726 مليونًا من الذكور و6.705 ملايين من الإناث.
وبالرغم من الأعداد الغفيرة لحجم القوى العاملة في مصر، وإحصائيات البطالة المرتفعة بين الشباب، التي تتطلب التوسعة في رقعة الأنشطة الاقتصادية وزيادة روافد العمل ومنافذ الإنتاج؛ فالواقع يناقض ذلك بصورة كبرى، وهو ما تكشفه التقارير والإحصائيات الرسمية.
وفي السنوات الماضية، أغلق قرابة 8222 مصنعًا، وقالت دراسة لاتحاد المستثمرين إنّ ثمة 1500 مصنع متعثر. لكنّ أحدث التقارير الصادرة بهذا الشأن عن اتحاد الصناعات، الذي قدّر عدد المصانع المغلقة في جميع محافظات مصر بنحو سبعة آلاف مصنع.
التقرير رصد أنّ غلق هذه الأعداد من المصانع تسبب في تشريد قرابة مليوني أسرة بعد أن فقدوا المصدر الأساسي وربما الوحيد للدخل، إضافة إلى تسبب غلق هذه المنافذ الصناعية الكبرى في إهدار استثمارات تقدر بنحو 35 مليار جنيه (ملياري دولار).
أما عن أسباب تعثّر هذه المصانع وغلقها، فأوضح اتحاد الصناعات أنّ من بينها الركود الاقتصادي الشديد في السنوات الماضية، الإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية بمنتجات منخفضة الأسعار رديئة المواصفات، ارتفاع أسعار الخامات، كذلك الشروط البنكية المتعسفة لتمويل أصحاب هذه المصانع، وأخيرًا غياب دور الدولة في حماية هذه المصانع والعاملين فيها عبر تيسير الإجراءات والقروض وجدولة الديون.
744 احتجاجًا و13 محاولة انتحار في عام
ساهم غلق المصانع وما ترتب عليه من تشريد للملايين من العمال وأسرهم، وكذلك السياسات الفاشلة المتبعة، في رفع منسوب الاحتجاجات المطالبة بحقوق العمال؛ وهو ما كشفه مؤشر الديمقراطية في تقريره للمدة من أول مايو 2016 وحتى نهاية أبريل 2017؛ راصدًا قرابة 744 احتجاجًا شهدتها محافظات مصر في هذه المدة.
وأوضح المؤشر أنّ من بين الـ744 احتجاجًا نحو 244 للمطالبة بزيادة الأجور والحصول على المستحقات المالية؛ ما ترتب عليه محاكمة 186 عاملًا وفصل وإيقاف 2691 بسبب مطالبهم المعلنة وعبّروا عنها في صور احتجاجات مختلفة.
حياة كابوس
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده إنّ العمال في مصر يعيشون في كوابيس يومية؛ بسبب ضعف القيمة الشرائية لمقدار الرواتب التي تدفع لهم، وكذلك تشريد آلاف العمالة في القطاع الخاص؛ بسبب الخسائر التي تكبدتها مئات الشركات الكبرى وآلاف المصانع التي اضطرت للتوقف عن العمل في مصر.
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ العمالة المصرية مهددة بالانقراض؛ خاصة أصحاب الحرف منهم، ومن ثم يزداد الاعتماد على الاستيراد بدلًا من الصناعة الغائبة، والأمر ينطبق أيضًا على المزارعين الذين يلجأ كثير منهم الآن إلى تبوير الأرض لعدم زراعتها بسبب تكاليف الزراعة الباهظة؛ وفي المقابل لا يجد ناتجًا.