مع اقتراب حسم قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن الاتفاق النووي في 12 مايو المقبل، تتزايد التوقعات بإصراره على الانسحاب، إلا أن ضغوطا دولية تحاول التأثير من أجل إقناعه بالاستمرار تجنبا لكارثة كبرى قد تحل بالعالم إذا ما نفذت طهران تهديدها واستأنفت برنامجها النووي.
وترصد التوقعات تكرار الرئيس الأميركي على تنفيذ وعده الانتخابي بالانسحاب من الاتفاق النووي، الذي اعتبره «كارثة» خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو ما عهده ترامب في جميع وعوده الانتخابية التي نفاها رغم استبعاد خبراء إقدامه على تلك الخطوات، أبرزها نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والانسحاب من اتفاقية التجارة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ، دون مراعاة عواقب وتداعيات خطواته.
وكان ترامب أمهل الحلفاء الأوروبيين حتى يوم 12 مايو المقبل لإصلاح الاتفاق النووي الموقع مع طهران في 2015، يتم بموجبه رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل الحد من برنامجها النووي، إلا أن التصريحات الدولية تشير إلى أنه لا بديل عن الاستمرار في الاتفاق في ظل صعوبة الاتفاق مجددا بشكل توافقي.
ضغوط دولية
إصرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يخالفه جميع الحلفاء الأوروبيين المشاركين في الاتفاق، من ناحية الانسحاب، ويتفقون معه في مخاوفه إزاء طهران، لكنهم يرون أن الاستمرار فيه ومراقبة إيران يدفع عن العالم عواقب وخيمة حال فشل الاتفاق، وهو ما طالب به وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بأنه على الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إقناع الرئيس الأميركي بعدم الانسحاب منه.
وكانت وزارة الخارجية الألمانية أكدت على أن الحفاظ على الاتفاق النووي العالمي الذي أبرم مع إيران هو على رأس أولويات ألمانيا ولا مجال لإعادة التفاوض عليه، لافتة إلى أن الاتفاق النووي تم التفاوض عليه بين 7 دول والاتحاد الأوروبي، لكن أيضا نريد أن نضمن أن برنامج إيران النووي يستخدم حصريا للأغراض السلمية. الصين وروسيا شاركتا فرنسا وألمانيا الموقف ذاته، وقالا في بيان مشرتك إنهما ستتصديان لمحاولة إعادة النظر في الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدا تأييد موسكو وبكين لهذا الاتفاق وضرورة الحفاظ عليه.
وقال لافروف: «نحن أمضينا ساعات في بحث الوضع حول خطة العمل الشاملة المشتركة، بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وأكدنا أنه من الضروري الحفاظ على الاتفاقات، التي وردت في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231»، مشيرا إلى أنه من غير المعقول التضحية بجهود دولية دامت سنوات طويلة. ومن جهتها، أعربت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني عن تأييدها لاستمرار الاتفاق النووي، مؤكدة أنه «الاتفاق الوحيد والقائم مع إيران، وهو اتفاق ناجع، لأنه منع إيران من امتلاك سلاح نووي وألزمها بعدم تطوير -لا حدود له- لسلاح نووي».
إيران تهدد وترفض البدائل
وعلى الجانب الآخر، تمثل تهديدات طهران، رعبا داخل مجموعة الـ5+1 التي عقدت الاتفاق النووي. وتعليقا على فشل ماكرون في مهمته بإقناع ترامب، قال ظريف: «الرئيس ماكرون محق بخصوص عدم وجود خطة «ب»، إما كل شيء أو لا شيء، على الزعماء الأوروبيين تشجيع ترامب ليس فقط على البقاء ضمن الاتفاق ولكن على البدء في تنفيذ جانبه من الاتفاق بنية صادقة وهو الأهم».
وصدق على حديث ماكرون، وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الذي شدد على أنه «لن يكون لدينا شيء بديل عنه، ونخشى أن تتدهور الأوضاع مع كل ما يترتب على ذلك من تبعات».
واعتبر ظريف أن الانسحاب من الاتفاق، خطوة ستمس ثقة دول العالم بواشنطن كشريك في أية اتفاقيات قادمة.
كما هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، بـ«عواقب وخيمة»، حال انسحابه من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية في 2015، وقال، في خطاب: «أقول للذين في البيت الأبيض، إنهم إذا لم يفوا بالتزاماتهم، فإن الحكومة الإيرانية سترد بحزم»، بحسب وكالة «فارس» الإيرانية.
وأضاف «لو أراد أحد خيانة شعبنا وعهدنا، يجب أن يعلم بأن تداعياتها الوخيمة ستطالهم».
مخاوف ترامب وخطة بديلة
يرى خبراء أنه بنسبة كبيرة جدا، سوف يقدم ترامب على الانسحاب من الاتفاق الإيراني، كما عاهد العالم على مفاجآته غير المتوقعة، ضاربا بكل الجهود عرض الحائط، وسط تساؤلات هل تنج خطة ماكرون البديلة في تبديد مخاوف ترامب؟.
وأوضح ماكرون أنه ناقش مع الرئيس الأميركي خارطة حول الاتفاق النوي، تأخذ في الحسبان مخاوف الولايات المتحدة في 3 نقاط وهي «ما بعد الاتفاق النووي «ما بعد عام 2025»، وصواريخ إيران الباليستية في المنطقة، واستراتيجية إيران التوسعية لا سيما في العراق وسوريا واليمن ولبنان».
وعلى الرغم من أن ماكرون قال إن ترامب أبدى إيجابية من ناحية أن يشمل الاتفاق الجديد هذه النقاط، ولكن يبقى الاتفاق الأول كدعامة أساسية لبناء اتفاق مستقبلي، وهو ما لا يمكن التأكيد على موافقة ترامب بشأنه.
ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ألقى الضوء خلال احتفالية بمرور 70 عاما على ما أسموه «قيام دولتهم»، على مخاوف مشتركة بين واشنطن وتل أبيب، من سعي أنظمة -في إشارة لطهران- من تدميرنا بامتلاك الأسلحة النووية. لهذا السبب نعارض بشدة الاتفاق النووي، الذي أبرم مع إيران، لأنه يعطيها مسارا مباشرا دون قيود لامتلاك ترسانة من الأسلحة النووية.
واعتبر نتنياهو أن هذه الاتفاقية تمكن إيران خلال سنوات معدودة من تخصيب اليورانيوم بشكل غير محدود واليورانيوم هو المكون الأساسي في إنتاج القنابل النووية ولا يوجد أي استخدام آخر له.