أكدت صحيفة ميدل إيست آي، أن العالم يتعامل مع القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينين والانتهاكات الاسرائيلية ضدهم، اعتمادا على أبرز الإجراءات القمعية، وما إذا كانت تتلائم مع نمط الإدانات السابقة، ونتيجة لذلك أصبحت العملية، وفقا للكاتبة، رامونا وادي، انتقائية، لذا أصبحت الإدانات غر مجدية إطلاقا.
وأضافت الكاتبة وفق ما ترجمت شبكة رصد، أن العالم يتغاضى عن انتهاكات أخرى بعيدة عن التهجير القسري وحبس الأطفال، وتوسيع المستوطنات، على سبيل المثال، تحتجز إسرائيل حاليا عدد من جثث الفلسطينيين، وترفض تسليمهم لذويهم، وهي قضية لا تلقى إدانات دولية أو حتى إقليمية، وكان والد أحد الشهداء الذين سقطوا في فبراير الماضي، اكد للجنة الشؤون الداخلية بالكنيست الإسرائيلي، أن إسرائيل ترفض تسلم الجثث، وأحيانا تقوم بإلقائها في البحر.
سوابق تاريخية
تساهم الولايات المتحدة بطريقة أو بأخرى، في تعزيز والدفاع عن سرد دولة الاحتلال فيما يخص المقاومة الفلسطينية، حيث تبرر دائما انتهاكاتها بأنها دواعي لمكافحة الإرهاب، وبالتالي الاستمرار في محاولات تفكيك النضال الفلسطيني، وهو تكتيك دائما ما يستخدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عدة مناسبات، تحت ذريعة الشواغل الأمنية.
كما يوجد سوابق تاريخية لدى إسرائيل في إخفاء المعارضين السياسين، وهو ما تدعمه الولاات المتحدة أيضا، ودعمته في أميركا اللاتينية وغيرها من الدول الديكتاتورية، كما استغلت شيلي والأرجنتين بقيادة أوغوستو بينوشيه وخورخي رافائيل فيديلا، تغاضي الولاياتا لمتحدة وألقت بجثث خصومهم الذين تم تعذيبهم في المحيط بواسطة طائرات هليكوبتر، وتشير التقديرات إلى أن الأرجنتين وحدها أخفت حوالي 30 ألف شخص معارض.
وأكدت الكاتبة، ان الوجود الإسرائيلي قائم على فرضية عدم وجود فلسطين، وبالتالي الاستمرار في عمليات التطهير العرقي في حقهم، بالإضافة إلى التخجير المنظم، وسلاسل من الإرجاءؤات القمعية التي استخدمتها منذ النكبة.
وعلى المستوى الدولي لم تلقى الانتهاكات الإسرائيلية رد الفعل الكافي، ولم يتسبب خرقها الدائم للقوانين الدولية ولحقوق الإنسان أكثر من الإدانات المتكررة والنمطية، وهو ما مكن الحكومة الإسرائيلية من توسيع روااتها الأمنية وتدابيرها القمعية، وفي فبراير 2016، وجه وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت دعوة إلى »دفن الفلسطينيين المناهضين للاحتلال في مقابر سرية وهدم جميع المنازل في قراهم الأصلية«.
ووفقا للكاتبة،ـ فإن بينيت معروف جيدا بوحشبته، وأنه من أبرز الرافضين لتسليم جثث الفلسطينيين لذويهم.
تطبيع العنف الإسرائيلي
في ديسمبر الماضي، قضت المحكمة العليا في إسرائيل، بأن الممارسات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، لا تتعارض مع القانون الإسرائيلي، ولا المادة 130 من اتفاقية جنيف الرابعة.
كما دافع أعضاء الكنيست الإسرائيليون عن الممارسات، خلال الاجتماع الأخير للكنيست، وفي معرض الادعاء بالتحريض أثناء الجنازات، طالب عضو الكنيست »ميكي ليفي« بتسليم الجثث في منتصف الليل وفي ظل إجراءات أمنية مشددة، وعدم السماح لأي شخص سوى أقاربه بحضور جنازته.
ويرى الكيان الإسرائيلي أن تجريد القاومة الفلسطينية من الإنسانية، احد العوامل المهمة للوجود الإسرائيلي، وكان أفيجدور ليبرمان قدم اقتراحا مثيرا للجدل في وقت سابق،ـ يقضي بضرورة موافقة الكنيست على فرض عقوبة الإعدام على المدانين بارتكاب جرائم إرهابية، وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح إرهاب يطلق على جميع الفلسطينيين المتورطين في أنشطة مقاومة ضد القمع الإسرائيلي.
تجريم المقاومة
وبشكل جماعي، أتقنت إسرائيل بالفعل تطبيع الانتهاكات المستمرة، والتي يفشل العالم في الرد عليها، فما زالت مستمرة في عمليات هدم المنازل والتشريد القسري وزادة أعداد اللاجئين، وحرمان الفلسطينيين من الاحتياجات الأساسية، حتى أن الأمم المتحدة وصفت غزة بأنها مكان لا يصلح للعيش الآدمي.
يأتي هذا في اولقت الذي يستمر فيه تجريم الفلسطينيين المشاركين في أنشطة مقاومة، إلا درجة تجعل إنسانيتهم غير موجودة، وفي السنوات الأخيرة، فرضت الحكومة الإسرائيلية »الإطعام القسري« على السجناء الفلسطينيين المضربين عن الطعام، كما ارتكبت أعمال قتل خارج نطاق القضاء، وأصدرت أحكاماً مطولة بالسجن على فلسطينيين رشقوا القوات الإسرائيلية بالحجارة، فيما حجبت جثث الفلسطينيني الذين تم قتلهم ورفضت تسليمهم لذوهم.
في الوقت الذي تتمع فيه إسرائيل بالإفلات التام من العقاب على جرائمها، كإخفاء الفلسطينين في مقابر سرية أو إلقاء جثثهم في البحر، وبهذه الطريقة تضمن إسرائيل معاقبة جميع الفلسطينيين بشدة، خاصة وأن الأشكال المختلفة م نالعقاب الجماعي، تشتت الانتباه عن نيتها الأوسع لإخضاع الفلسطينيين بالكامل. والسماح للمجتمع الدولي بالمرافعة الإنسانية الغير مجدية.
الصمت الدولي
أكدت الكاتبة أن غياب الغضب وردود الفعل الدولية تجاه الأعمال الإسرائيلية، يساعد على زيادة تلك الجرائم، فعلى عكس الحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية ، التي كانت قادرة على التعبئة ضد الانتهاكات وحالات الاختفاء ، يواجه الفلسطينيون عزلة متزايدة ، لدرجة أن معارضة الاتحاد الأوروبي لمقترح عقوبة الإعدام، على سبيل المثال، اقتصرت على إدانة على تويتر، فيما فشل العالم في إدانة دعوات وزراء الحكومة والمستوطنين لإخفاء الفلسطينيين.
http://www.middleeasteye.net/columns/how-israel-dehumanises-palestinian-resistance-1670727322