الحرية محور أساسي من المحاور التي قامت عليها ثورة 25 يناير، والتي لا تزال قائمة وتلعب دور في تحرك مجريات الأحداث وإدارة الصراع بين السلطة والشعب، والسماح بخروج التظاهرات و العديد من الاحتجاجات الفئوية ، التي يراها البعض مشروعة ويراها آخرون مضرة بالصالح العام وأن الوقت لا يسمح بها ، لنقع في حيرة بين الأمرين ونتساءل هل الحرية لها ضوابط أم هي مسألة وقت ؟ وما الأسباب النفسية والاجتماعية وراء كثرة التظاهرات واتجاه جزء منها للعنف؟
الإحباط لعدم تحقق أهداف الثورة
تقول نجوى الفوال -رئيس مركز البحوث الاجتماعية والجنائية- أن ظاهرة الإضرابات ناتجة عن حالة الإحباط الشديد الذي أصاب المصريين بعد الثورة ، والذين توقعوا تغير في السياسات الاجتماعية لصالح محدودي الدخل باعتبارها ثورة تطلعات متزايدة ولكنهم لم يجدوها وهذه الثورة .
وتؤكد"الفوال" : "أن الإحباط عندما يصيب الإنسان فلا يفرق بين متعلم وغير متعلم لذلك نرى أن الإضرابات بدأت بالطبقات ذات الوعي الأقل ثم انضم إليها أساتذة الجامعات والأطباء لأنهم كلهم مشتركين في الهم وهو عدم وجود العدالة الاجتماعية ،مع عدم وجود مؤشرات تلوح في الأفق لتطبيق هذه السياسات خصوصا بعد هذا الكم الرهيب من قضايا الفساد التي مازالت تتكشف حتى الآن "
البلطجة مفتعلة ويلزمها القانون
وتضيف "الفوال" :" ظاهرة البلطجة مفتعلة وتحتاج إلى مزيد من الحزم وتكريس احترام القانون لان القبضة الرخوة للدولة منذ حكومة عصام شرف هي السبب فيما نحن فيه إلى الآن ".
الثورة لا تحل حراما
ويرى الدكتور صلاح الصاوي- الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة – أن الدين جاء ليهذب السلوك البشرى وعند أهل الدين المرافق " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "،مؤكدًا أن أي سعى للتخريب والتدمير مرفوض دينيا وأخلاقيا واجتماعيا فالثورة لا تحل حراما ولا تحرم حلالا.
ويقول "الصاوي" انصح الدعاة بعدم الانشغال بالواقع السياسي والتفرغ لدعوة المسلمين إلى أخلاقيات الدين الحنيف والابتعاد عن السلوكيات البذيئة التي نتجت عن الفهم الخاطئ للحريات .
كبت الماضي وراء تخبط المصريين
أما الدكتورة سها أمين -أستاذ الطب النفسي بكلية رياض أطفال- فترى أن الكبت والتحجيم الذي عانى منه المواطن على مدار العقود الماضية، والحياة وسط الظلمات وعدم الشفافية جعل المصريين الآن في حالة تخبط مثل الكفيف الذي أبصر فجأة ورأى أشياء جديدة عليه لم يراها من قبل فهو يريد أن يجرب كل شيء دون أن يعرف مدى خطورة ما يفعله ،و الطفل في مرحلة تعلم أساسيات الحياة، مشيرة إلى أنه في حاجة لمزيد من الشفافية و المصداقية والوضوح من الحكومة.
الأجيال القادمة في خطر
وأضافت "سهى" أن هناك قلق على الأجيال القادمة الذين ينشئون في ظل هذه الحالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار المجتمعي والصراعات بين الجميع على مصالح ضيقة،مضيفة أن مناهج التعليم غير كافية لتقويم السلوك العام وتربية جيل يعلم المعنى الصحيح للحرية والديمقراطية .