لم يكد يمر ثلاثة أشهر على كارثة عقار حارة البطارية الذي أتي علي عقارين مجاورين مخلفا قرابة العشرين قتيل وعدد من المصابين.. حتى أفاقت منطقة الجمرك بالإسكندرية علي كارثة جديدة ، كان ضحيتها هذه المرة أم وأولادها الثلاث ، و8 مصابين دفنوا تحت الأنقاض أثناء نومهم.
يروي حسن صالح –أحد سكان العقار- تفاصيل المأساة التي وقعت بشارع المسافر خانة بمنطقة الجمرك قائلاً : "العقار -المكون من طابقين- كان بحالة سليمة إلي أن جاء أحد المقاولين ليقوم بهدم العقار المجاور ، وتمهيد الأرض للبناء عليها من جديد ، وأثناء تلك العمليات فوجئنا بجزء كبير من العقار ينهار فوق رؤوس ساكنيه في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل".
ويقول أحمد إبراهيم –أحد المصابين الذين حاصرتهم الأنقاض- : "عمليات هدم العقار المجاور كانت تزلزل بيتنا ، وحينما كنا نتحدث مع المقاول كان يطمئننا ويؤكد لنا عدم تضرر بيتنا من هدم وتمهيد وإزالة مخلفات ، ووعد بإصلاح وترميم أي ضرر يلحق به" .
وأضاف "إبراهيم" عرض علينا المقاول شراء جزء من البيت ليضيفه للأرض التي ينتوي بنائها ، وحينما رفض السكان هددهم المقاول ، قائلا لنا :" سأهدمه فوق رؤوسكم " ،
عدم مبالاة
وأشار إبراهيم إلى أننا ذهبنا لشكواه بقسم الجمرك إلا أنه قابلونا بسخرية وعدم مبالاة قائلين:"لما يقع أبقوا تعالوا" ، مؤكدا أن هذا ما حدث ليلة الحادث حيث ضرب اللودر أساسات المنزل إلي أن انهار فوق رأسي أنا وأخوتي .
وكما أشار إلى أنه لاقى معاملة سيئة من رجال الحماية المدنية، والمستشفي الرئيسي الجامعي قائلاً : "رجال الحماية المدنية لم يتدخلوا لإنقاذنا خوفا علي حياتهم ، ومن تدخل لإنقاذنا هم شباب المنطقة ، حيث قامت القوات الأمنية بالقبض عليهم بعدها واتهمتهم بأنهم المتسببين في انهيار العقار دون أن تمسك بالجناة الفعليين ، فضلا عن المعاملة السيئة في المستشفي الأميري التي حولنا إليها لتلقي الإسعافات الأولية ، حيث رفضوا منحنا العلاج اللازم وقاموا بطردنا خارجها بعد ساعتين من دخولنا إليها بحجة إضراب الأطباء ، برغم إصابة أختي بكسر في عظام الحوض وإصابتي بجروح متفرقة في أنحاء جسدي ".
وتحدثت إحدى ساكنات العقار قائلة : "لم يعرنا أحد من الجهات الرسمية اهتمامه ، ونحن الآن نعيش في الشارع دون مأوي ، حتى مصابينا طردوهم من المستشفيات بعكس ما يشيع الإعلام ، فنحن أكثر من عشرون متضررا يريدون سكنا مناسبا كأقل تعويض عما جري لنا".
تهرب المسئولين
وحينما حاولنا مقابلة عبد الرحمن الجزار -رئيس الحي -أو من ينوب عنه للاستفسار منهم عن أسباب تكرار مثل تلك الحادثة بنفس الدائرة ، وعن مدي استعدادات الحي لمواجهه كوارث الانهيارات المستمرة ، فضلا عن سرعة إيواء المتضررين منها وملاحقة المخالفات التي تؤدي لحدوثها ، فوجئنا بتهربهم من المقابلة ، بالإضافة إلي عدم الرد علي الهواتف ، في الوقت الذي يطالب الرأي العام السكندري بالوقوف علي حقيقة الموقف الرسمي إزاء تلك الأزمات المتكررة .
يذكر أن منطقة الجمرك الشعبية ، أحد أحياء الإسكندرية القديمة التي تشتهر بشوارعها وأزقتها الضيقة، فضلا عن أبنيتها التي لا تعترف بقوانين هندسية أو حسابات مهنية ، هي فقط تخضع لرغبات المقاولين في الربحية التجارية بالشكل الذي يجعل بعضها تزيد عن عدد الطوابق القانوني بستة عشر طابقاً بأكملهم ، فضلا عن الأبنية التي لا ترخيص لها.