أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أنه يتعين على عبدالفتاح السيسي أن يحاول التوفيق بين التقشف في إطار صندوق النقد الدولي، وترويض معدلات التضخم، وعدم شعور المصريون بما وصفته التحسن والاستقرار النسبي في الاقتصاد المصري.
وقالت «ريهام الدسوقي»، الخبيرة الاقتصادية المستقلة التي ركزت طويلاً على مصر، إن عبدالفتاح السيسي يقف الآن في مفترق الطرق، وأنه في حاجة إلى المضي قدما في الإصلاحات المكثفة والمضي قدما في بناء الخدمات والصناعات الغير نفطية، وجعل مصر بيئة جاذبة للاستثمار.
وأضافت ان آداء السيسي يتم مراقبته من الخارج بشكل جيد، حيث تشعر الدول الأوروبية بالقلق العميق من تعثر الإصلاحات التي ستؤدي إلى تفاقم البطالة، مما يشجع الشباب المصري على العبور نحو أوروبا بطرق غير شرعية، مما يساهم في تفاقم تدفقات المهاجرين من شمال أفريقيا.
وكان السيسي قاد انقلابا عسكريا، أطاح فيه بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، ثم انتخابه رئيسا في 2014، بعد فترة طويلة من الاحتجاجات الشعبية، التي أرهبت المستثمرين والسياح الأجانب.
وأدى إحجام الحكومات المتعاقبة عن خفض قيمة العملة، إلى وجود نقص حاد في الفائض الأجنبي، مما ساهم في تقليل الواردات والصادرات بين السوق المصري والأجنبي، وأبرم السيسي اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016، وبموجبه رفعتا الحكومة أسعار الوقود ورفع الدعم لتخفيف العبء على الميزانية، ورفعت الضرائب بما فيها ضريبة القيمة المضافة، بنسبة 14%، وانخفض سعر الجنيه مقابل الدولار.
ويقول عدد من الخبراء، إن الإصلاحات كانت ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر، مع تعافيها من الفوضى والتمرد الجهادي، إلا أن خفض قيمة العملة والإصلاحات الاقتصادية أثرت بشكل كبير على الطبقة المتوسطة المصرية، بشكل خاص، في حين لا تزال مستويات التضخم مرتفعة للغاية، وازداد الفقر ومعدلات البطالة.
ويبني الخبراء الاقتصاديون أملهم على ارتفاع الناتج المحلي الإجمال إلى 5%، وقال «محمد أبو باشا»، الخبير الاقتصادي لدى البنك الاستثماري المصري، إنه يعتقد أن النمو يتسارع، مضيفا أن مصر تمكنت من التغلب على مشكلات توافر الطاقة، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، فيما وقع عبدالفتاح السيسي على عقود لبناء محطات جديدة وفتح ملفات التنقيب عن الغاز وتطويره ودفع المتأخرات لدى الشركات الدولية، مما حثهم على زيادة أنشطتهم في مصر.
كما اطلق عبدالفتاح السيسي مشاريع البنى التحتية الضخمة المصممة جزئيا لإعادة المصريين إلى العمل، وبنى طرق جديدة، إلا ان هناك اقتصاديون يؤكدون ان العائدات الفورية لم يشعر بها المصريون، خاصة تفريعة قناة السويس الجديدة، ورغم أن السيسي أصر على ضرورة استكمال المشروع في غضون عام واحد فقط، وبالإضافة إلى تكلفته الضخمة، إلا أنه لم يضيف شيئا لحركة التجار العالمية، ولم يغير من دخل قناة السويس الأصلية.
وبدأ السيسي في بناء المدن المصرية الجديدة، بما فيها العاصمة الإدارية الجديدة، بـ45 مليار دولار شرق القاهرة، كما تتفاوض مصر مع روسيا حاليا لبناء محطة طاقة نووية بتكلفة 20 مليار ولار، فيما يخشى المستثمرون من انخراط الجيش في تلك المشاريع وغيرها، مما يهدد بمزاحمة المستثمرين من القطاع الخاص.
ودفعت إجراءات التقشف المفروضة بموجب اتفاق صندوق النقد الدولي التضخم السنوي إلى 33٪ في أغسطس، وانخفض هذ المعدل بحلول شهر فبراير ، إلى 14.4 ٪، لكن هناك المزيد من الإجراءات المخطط لها والتي ستجعل من الصعب خفضها أكثر، ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترفع الحكومة أسعار الوقود مرة أخرى في بداية السنة المالية الجديدة في الأول من يوليو.
وقال أبو باشا: «سيكون التحدي هو خفض التضخم إلى رقم واحد»، مضيفا «نحن نعرف أن الحكومة ستلغي الدعم على الوقود بحلول نهاية 2019».
https://www.haaretz.com/middle-east-news/egypt/egypt-economy-stabilizes-under-sissi-but-prices-remain-to-be-tamed-1.5963133