قالت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» إنّ ضعف الإقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية الحالية، التي سيفوز فيها السيسي حتمًا، كشف وصول شكاوى القمع للمصريين، وأيضًا افتقاره إلى التفويض الشعبي الذي اعتمد عليه طوال المدة الماضية؛ خاصة بعد التدهور الاقتصادي وحالة التقشف التي أدخل المصريين فيها.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّه بالرغم من ذلك، يرى مصريون مؤيدون للسيسي أنّ الجنرال المتحالف مع أميركا أمرٌ حيويٌّ وضروريٌّ لإعادة الاستقرار للبلاد بعد موجات الاضطرابات منذ ثورة 2011 وأضرّت بالاقتصاد، بحسب زعمهم، ويصفها النقاد بأنّها مجرد «تمثيلية»؛ بعد انسحاب المرشحين الجادين تحت ضغوط مختلفة.
ويسعى السيسي (63 عامًا) الذي قاد الإطاحة بأوّل رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر «محمد مرسي» في عام 2013 إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية بعد انتهاء أوّل ولاية له مدتها أربع سنوات، يقول إنها جلبت الاستقرار والأمن لمصر.
وضعف الإقبال اليوم يوضّح أنّ السيسي يفتقر إلى تفويض لاتخاذ مزيد من الخطوات الصعبة اللازمة لإنعاش الاقتصاد الذي يناضل؛ بعد أن دفعت ثورة عام 2011 السياح والمستثمرين الأجانب إلى الوراء، وكلاهما مصدر للعملة الصعبة.
والمنافس الوحيد في الانتخابات «موسى مصطفى موسى» أحد المؤيديين الموالين للسيسي منذ مدة طويلة، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه «مرشح زائف»؛ خاصة وأن حزبه «الغد» صادق على السيسي لولاية ثانية قبل أن يظهر منافسًا في الوقت الأخير.
وينفي موسى الاتهامات الموجهة إليه بأنه يُستخدم لإضفاء شرعية على انتخابات زائفة؛ لكنّ الهيئة الوطنية للانتخابات تقول إنها تضمن أن يكون التصويت عادلًا وشفافًا، واعترفت افتتاحية «الأهرام» المملوكة للدولة بانعدام الاختيارات أمام الناحبين، لكنها قالت إنّ مجرد إقامة الانتخابات فقط يوضّح أنّ مصر تستعيد قوتها في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية الحالية.
وقالت: «لا تكمن أهمية الانتخابات الرئاسية هذه المرة في المنافسة الشرسة أو المعركة الانتخابية الحقيقية بقدر ما هي رسالة للعالم بأن مصر في طريقها إلى الانتعاش».
ويقول المنتقدون إن شعبية السيسي منذ انتخابه عام 2014 تضررت بسبب الإجراءات التقشفية وكثرة الخصوم والناشطين ووسائل الإعلام المستقلة؛ وأصدرت المحاكم المصرية أحكامًا بالإعدام على المئات من مؤيدي الإخوان المسلمين منذ عام 2013 دفعة واحدة.
ويقول مؤيدو السيسي، الذين يضمون تأييد دول خليجية وغربية، إنّ الإجراء الانتخابي ضروري للحفاظ على استقرار البلاد مع تعافيها من الفوضى السياسية، ومعالجة ما قالوا إنّه «تمرد إسلامي يركز على شبه جزيرة سيناء».
وفي كل الأحوال، لم يعقد أيّ من المرشحين حملات شعبية حقيقية، وتركزت كل صراعاتهم على جذب المشاركين وارتفاع نسب المشاركة؛ خاصة بعد أن فاز السيسي بـ97% من الأصوات في 2014، التي لم يصوت فيها أكثر من نصف المصريين رغم تمديد مهلة الانتخابات لثلاثة أيام.
وفي تصريحات هذا الشهر، قال السيسي إنّه يرى التصويت بمثابة استفتاء على أدائه، وأضاف: «إذا صوّت جميع المصريين بكلمة لا، فسيكون ذلك أفضل بكثير من تصويت نصف هذا الرقم بنعم».
ودعت شخصيات معارضة إلى مقاطعة الانتخابات؛ بعد انسحاب جميع الحملات الرئيسة المعارضة، قائلين إن القمع قضى على المنافسين الموثوقين؛ فاُعتُقل سامي عنان، رئيس هيئة الأركان السابق، بعد أن اتهمته القوات المسلحة بخرق القواعد العسكرية، كما اعتقل مساعده هشام جنينة.
وانتقدت الأمم المتحدة الانتخابات قبل بدئها رسميًا، بجانب جماعات حقوق الإنسان وشخصيات المعارضة مؤخرًا سبقت الاعتقالات وحملات تخويف المعارضين، وتكريس الاستفتاء لصالح عبدالفتاح السيسي وحده.
وانتقدت الحركة المدنية الديمقراطية (ائتلاف سياسي معارض) السيسي بشدة في الثاني من فبراير؛ بسبب خطابه الذي حذر فيه كل من يسعى إلى تحدي حكمه، وقال إنّ أحداث عام 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك لن تتكرر مرة أخرى، ووصفت الحركة الخطاب بأنه محاولة لنشر الخوف الذي يقوض نزاهة المنافسة الانتخابية.
وفي رسالة إلى فريق السياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب، قال الفريق العامل المعني بمصر، وهو مجموعة من الحزبين المختصين في السياسة الخارجية الأميركية، إنّ «الانتخابات المصرية الخاطئة» ستجري في ظل انتهاكات واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان، وقالت: «نحثكم على وقف التعامل مع هذه الانتخابات؛ تعبيرًا شرعيًا عن إرادة الشعب المصري وضرورة حجب المديح والتهاني».
وقالت إنّه من المتوقع أن يقترح السيسي، عبر أنصاره في البرلمان، تعديلات على الدستور لإطالة مدته الرئاسية؛ على الرغم من تأكيده أنه لن يسعى لولاية ثالثة في منصبه.