نشرت صحيفة «ميدل إيست آي» مقالًا لـ«بيل لو»، المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط، أكّد فيه أنّ وجود بولتون يعني أنّ هناك أنظمة جديدة وحروبًا جيدة ستندلع في الشرق الأوسط، متوقعًا أن تكون الحرب المقبلة مع إيران؛ لكن ليس بينها وبين أميركا بطريقة مباشرة، بل عبر السعودية و«إسرائيل»، أشد الكارهين لها، مضيفًا أنّه رجل تغيير الأنظمة الأول ورجل الحروب الأكبر؛ رغم أنه لم يخض حربًا مسبقة بنفسه.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه أثناء دراسته اختيارات الحرب مع صدام حسين في العراق، كان بصحبة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش «جون بولتون»، وبصفته وكيل وزارة الخارجية للرقابة على التسليح والأمن الدولي بين 2001 و2005؛ وضع بولتون أجندة استجابة أميركية قاسية للتهديدات، وهو الذي ساعد على صياغة سرد الحرب على العراق.
وكان بولتون من أشد المتحمسين لفكرة امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، وهي حجة استطاع نشرها بمهارة في الوقت الذي لم يقدم فيه أدلة ملموسة؛ معتمدا على الأخبار الوهمية التي تقف في المنتصف بين الزيف والحقيقة.
حرب بولتون على العراق ما زالت لها تبعاتها إلى الآن على المنطقة والعالم بأسره؛ لكنّ بولتون مثقل توني بلير لا يعتريه أي ندم على الإطلاق، وكتب في صحيفة «تيليجراف» في يوليو الماضي واصفًا إسقاط الديكتاتور صدام حسين بأنه نجاح عسكري ذو نطاق وفاعلية مذهلة، موضحًا أنّه تحقق في غضون ثلاثة أسابيع فقط، ومضيفًا: «عبر القضاء على تهديد صدام حسين للسلام والأمن في الشرق الأوسط؛ كان غزو العراق 2003 مبررًا تمامًا».
وأثارت الإطاحة بصدام حسين موجات إرهابية أو ما يمكن أن يُطلق عليه «انتفاضة إرهابية»؛ أنتجت لنا «أبو مصعب الزرقاوي» ثم «أبو بكر البغدادي»، وحوّلت المنطقة لساحة حرب دموية لم تتوقف حتى الآن.
متحمس لتغيير الأنظمة
يعد جون بولتون من أقوى المتحمسين لتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط؛ ففي يناير الماضي، ورغم أنّه ما زال منتقدًا لقناة «فوكس نيوز»، أكّد بولتون أنه إذا سمح له تقديم برنامج تلفزيوني واقعي لترامب في البيت الأبيض فإنه يفضل القيام بهذا الدور. وأضاف أنّه لا ينبغي على الرئيس فقط تمزيق الاتفاق النووي الإيراني؛ بل استئناف جميع العقوبات السابقة وتوفير الدعم المادي للمعارضة.
لم يحدّد بولتون من هؤلاء المعارضين، لكنه يفترض المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع الإيرانية في أواخر ديسمبر من العام الماضي وأوائل يناير.
ولم يكن بولتون أقل صراحة حينما أكّد أنّ الهدف الأول يجب أن يكون تغيير النظام؛ لكنّ طريقة تحقيق ذلك ومتى هما مثيرا التكهنات. وعلى كلٍّ، تعب الأميركيون من الحروب الخارجية؛ لكنّ بولتون يبدو أنه يستمتع بالحرب، بالرغم من أنّ خدمته الوحيدة في حرب فيتنام كانت «ضابط احتياط»، حتى لم يشارك فيها بيده.
وبشأن المبررات التي يسوقها بولتون في أيّ نية لتغيير النظام أو لأي حرب، فإنه يجيد ببراعة صياغة القصص وجمع الحقائق الزائفة حولها، وحتى التلاعب بالحقائق التي تقف ضدها.
وقبل حرب العراق، عمل معه في وزارة الخارجية «جريج تيلمان»، وهو من قدامى المحاربين في الخدمة الخارجية الأميركية لمدة 25 عامًا، ووصف أسلو بلوتون بأنه «يقبل ويهبط»، مؤكدًا أنّه لا يتجاهل المعلومات المهمة فقط؛ لكنه أيضًا يجاهد لقمع أي تحليلات مستقلة ليست خارجة منه أو معارضة لاستنتاجاته.
الآن، يعمل بولتون مستشارًا للأمن القومي لدونالد ترامب، وهو من أقوى المناصب في الإدارة الأميركية.
وبطبيعة الحال، لا يوجد من هو أكثر مناسبة لترامب من جون بولتون؛ خاصة وأنّ سياسات ترامب مليئة بالأكاذيب والخيانات، ويتصرف كرجل أعمال وليس رئيسًا. وبالرغم من ذلك، يؤكد جميع المقربين منه أنه يشعر بثقة لا مثيل لها في نفسه، خاصة وأنّه دأب على إخراج كبار المستشارين الذين يتمتعون بثقل من البيت الأبيض؛ ولم يعد في حاجة إلى تيلرسون، الذي أطاح به وأفسح الطريق لبولتون، الذي كان من المؤكد سيتعارض معه في أشياء كثيرة.
لكن، يبدو أن ترامب غير مدرك تمامًا أنّه نسف الهيبة الأميركية في الخارج؛ وتمكّنت سياساته من تشجيع أعداء أميركا التقليديين مثل الصين وروسيا، حتى إنّ إيران بدأت تتصرف على هذا النحو.
ولي العهد
يرى بولتون أنّ أكثر شاب خليجي مثالي لمواجهة إيران عسكريًا هو محمد بن سلمان، الذي أطلق الحرب اليمنية قبل ثلاث سنوات، ومعه ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد؛ وحتى الآن قتل ما لا يقل عن عشرة آلاف مدني و40 ألف مصاب، والملايين المعرضين لخطر المجاعة.
والآن، بعد أنّ سد الطريق في اليمن أمام السعوديين، فالخطوة المقبلة ستكون إيران؛ باعتبارها الجاني الرئيس الذي كلفهم مليارات لا طائل لها في حرب لا طائل منها.
فإذا كان ترامب فعلًا محقًا فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني؛ فالخطوة المقبلة تغيير النظام في إيران. وفي الوقت نفسه، يتباهى محمد بن سلمان ببراعة جيشه ورفض معركة إيران المتشددة.
ويرغب ترامب في بيع مزيد من الأسلحة للسعوديين لخلق وظائف في أميركا، وكما تعرف وزارة الدفاع البريطانية جيدًا؛ فالحرب عمل جيد جدًا ومربح، وولّدت حرب اليمن وحدها أكثر من أربعة مليارات دولار من مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية.
لكن، من سيقاتل في هذه الحرب؟
مثل السعوديين، يعتبر الإسرائيليون إيران أكبر تهديد وجودي لهم، وقد يكون الأميركيون تعبوا فعلًا من الحروب الخارجية؛ لكنّ البقية ليسوا كذلك، فهل يمكن أن نشهد ظهور محور جديد؟ هل يمكن أن تطلق السعودية و«إسرائيل» الحرب ضد إيران؛ بينما تشجعهم بيادق دونالد ترامب؟ على كلٍ، مع وجود بولتون تبدو الفكرة قريبة بشكل خطير.