اعتبرت صحيفة التايمز البريطانية، أن ترحيل السلطات المصرية لمراسلتها في القاهرة، يأتي في إطار إحكام قبضتها على الإعلام، بعد أن احتجزتها مؤخرا وهددتها بمحاكمة عسكرية، ما لم تغادر الأراضي المصرية فورا، وفقا للقدس العربي.
وقالت بيل ترو، مراسلة الصحيفة، في تغريدة على حسابها على «تويتر»، اليوم: «عشت في مصر 7 سنوات. إنها بيتي الحبيب، ولست متأكدة متى سأعود. تم القبض علي بعد إجراء مقابلة، وتعرضت للتهديد بمحاكمة عسكرية ما لم أركب الطائرة. وأنا مثل آخرين، لا أعلم ماذا حدث».
وأضافت ترو «مصر بلد يرتاب في المراسلين الأجانب، ولا يتسامح مع الأخبار السلبية. لقد اعتاد الصحفيون على سحبهم جانبا كي يوضحوا موقفهم. ومع الانتخابات الرئاسية الجارية، وعملية مكافحة الإرهاب المتواصلة في سيناء ودلتا النيل، فإن قوات الأمن بحالة من الاستنفار، والبلد في حالة من القلق والتوتر».
وعن تفاصيل القبض عليها قالت إنها غادرت مقهى في وسط القاهرة، وانطلقت بها سيارة أجرة وبعد مسافة قصيرة اعترضت طريق السيارة حافلة صغيرة يستقلها عناصر من الشرطة يرتدون زيا مدنيا، قفز منها 5 رجال واقتادوها إلى قسم شرطة قريب. وأرسلت ترو إلى زملائها اسم مركز الشرطة الذي اقتيدت إليه كإجراء احترازي.
وأوضحت أن عملها في المقهى لم يكن سوى مقابلة مع رجل فقير تعرض ابن أخيه المراهق للغرق أثناء محاولته السفر على أحد قوارب المهاجرين إلى إيطاليا قبل عامين، مشيرة إلى أنها ظلت تعمل على هذه القصة الصحفية طوال شهور. لكنها فوجئت في مركز الشرطة، بأن القضية أخذت منحى سيئا؛ إذ يبدو أن أحد المخبرين أبلغ الشرطة أنها كانت تناقش مسألة تورط السلطات المصرية في غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل رشيد عام 2016، وهي قضية مختلفة تماما عن القصة التي كانت تعمل عليها.
ولكن مع الوقت كانت الأنباء قد وصلت إلى وزارة الداخلية المصرية بالقبض عليها، مع شائعات بأنها تحقق في حوادث اختفاء قسري في مصر، وهو أمر مثير لحفيظة السلطات المصرية منذ مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر عام 2016، والذي تواجه قوات الأمن المصرية اتهامات بالتورط في اختطافه ومقتله.
لكن بيل ترو أوضحت أنها لحسن حظها كانت قد سجلت جميع محادثاتها مع ضيفها في المقهى، وقدمتها إلى الشرطة، ولم يكن بها أي ذكر للجيش المصري أو الانتخابات أو غير ذلك. لكن هذا لم يشفع لها أيضا.
وتضيف: «صادرت الشرطة التسجيل الصوتي، وللأسف لم يقدم هذا أي مساعدة. وبعد 7 ساعات من الاحتجاز، تم تهديدي بمحاكمة عسكرية، وهي إجراء قانوني يُستخدم غالبا ضد المشتبهين بالإرهاب أو المعارضين. وغالبا ما يتلقى المتهمون أحكاما طويلة بالسجن أو حتى عقوبة الإعدام بعد محاكمات قصيرة من دون أن يحظوا بتمثيل قانوني».
وقالت إنها حُرمت من الحق في الحصول على محام أو الاتصال بسفارة بلادها، لكنها التقت في المطار بمسؤول قنصلي بريطاني أبلغها أن مسؤولا آخر حاول الوصول إليها في قسم الشرطة، لكن تم إبلاغه أنها غادرت القسم، في حين أنها كانت ما تزال محتجزة.
وتابعت ترو: «لم يتم إطلاعي على الاتهامات على الإطلاق. ونحو السادسة مساء أبلغتني الشرطة أن سفارتي تريد ترحيلي، وهو أمر ليس له أي معنى قانوني. وتم نقلي في حافلة صغيرة للشرطة من دون أن أعلم إذا كان هناك من يعرف مكاني أو هل أنا ذاهبة إلى المطار أم إلى مكان أكثر سوءا. وكان الضباط يسخرون من إحساسي بالرعب وبدأوا في تصويري بهاتف محمول».
وتضيف الصحفية «لم أتعرض لأذى بدني، لكنه من المعروف أن المعتقلين في هذه الظروف يواجهون خطر الأذى البدني. وخلال أقل من 24 ساعة من بداية احتجازي كنت في طائرة، وليس معي شيء سوى ملابسي التي أرتديها. وكان الخيار أمامي أن أظل وأواجه محاكمة عسكرية، أو أن أغادر، وهذا ليس شكلا من الاختيار على الإطلاق».
وتعلّق بيل ترو على تجربتها أن سوء فهم كهذا كان من السهل توضيحه، فهي تحمل تصريحا بالعمل كصحفية في مصر منذ سنوات، ولم تواجه أية مشكلات من قبل، كما أنها سعت مع صحيفة التايمز للتواصل مع السلطات لتوضيح الخطأ الذي حصل، مع الإشارة إلى أن السلطات كانت قد اتصلت بها من قبل لمنحها التصريح بتغطية الانتخابات الرئاسية، كما كان التسجيل الصوتي للمقابلة كافيا لتفسير الأمر، ولكن يبدو أنه تم تجاهله، أو أن أحدا لم يستمع إليه، أو تم الاستماع إليه وتجاهله.
وتضيف «لقد تم إبلاغي أنني على قائمة الأشخاص غير المرغوب بهم لدى السلطات المصرية، وأنني سأتعرض للاعتقال إذا حاولت العودة. لا أستطيع العودة إلى منزلي الذي عشت فيه 7 سنوات. ولا أحد يستطيع أن يشرح السبب».
وقالت بيل ترو إن هناك العديد من حوادث طرد المراسلين أو منعهم من دخول مصر، لكنها حوادث لم يتحدث عنها أحد، وما زال بعضهم لا يعرف السبب، بينما يتعرض الصحفيون المحليون للسجن والاستهداف.