من المقرر أن يزور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أميركا الأسبوع المقبل في زيارة تستغرق أسبوعين؛ لترسيخ صورته مصلحًا اجتماعيًا يسعى لجذب مزيد من الاستثمارات لخطته الموجهة للإصلاح داخل السعودية.
ومن المرجح أن تكون مهمته لتحسين صورته صعبة؛ خاصة بسبب سياساته الخارجية العدوانية وسجل حقوق الإنسان المتدهور داخل المملكة. لكنه بالرغم من ذلك لديه معجبون بارزون داخل الإعلام الأميركي؛ مثل «ديفيد إجناتيوس» من صحيفة «واشنطن بوست»، و«توماس فريدمان» من صحيفة «نيويورك تايمز»، كما أنه من الزعماء المفضّلين لدى دونالد ترامب.
لذلك؛ من المحتمل أن تنجح زيارته جزئيًا، وسيلتقي فيها بدونالد ترامب والمديريين التنفيذيين في وول ستريت وأباطرة وادي السيلكون. لكن، في كل الأحوال، سجله الحقوقي وحربه على اليمن قد يفاجئانا بكثير.
هذا ما يراه «ويليام هارتونج»، مدير فرع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، في تحليله بصحيفة «لوب لوج» وترجمته «شبكة رصد». مضيفًا أنّ زيارة ابن سلمان تتزامن مع التصويت على مشروع قانون برعاية السيناتوريين «بينري ساندروز ومايك لي وكريس ميرفي» لمطالبة أميركا بضرورة التوقف عن إمداد الطائرات السعودية بالوقود في اليمن، والحد من أفعالها الهمجية هناك.
رسالة مفزعة
وتأتي المبادرة بالتوافق مع دور الكونجرس الذي منحه له الدستور الأميركي بشأن التدخل في الهجمات الحربية لأميركا وقرارها أو إلغائها، وكذلك التسليح وما إلى ذلك.
كما تعتبر الطائرات والأسلحة الأميركية والقنابل والصواريخ من الأمور الأساسية للتدخل السعودي في اليمن، ولولاها لما حدث؛ إذ حققت إدارة أوباما أرقامًا قياسية في مبيعات الأسلحة للسعودية، بقيمة 115 مليار دولار، كما شرع دونالد ترامب في إيقاف قرار بتعليق تصدير القنابل الموجهة بدقة للسعودية؛ خشية استخدامها في قتل المدنيين في اليمن.
وقال «كولبي جودمان»، مدير برنامج المساعدات الأمنية، بمناسبة إصدار تقرير تصدير الأسلحة واستيراد أثناء إدارتي أوباما وترامب، إنّ توقيع صفقات بيع أسلحة للسعودية واستخدامها لمهاجمة المدنيين اليمنيين يرسل رسالة مفزعة عن دور أميركا في انتهاك حقوق الإنسان.
فمنذ بدء الحرب قُتل آلاف المدنيين نتيجة الغارات السعودية الإماراتية باستخدام الطائرات والقنابل الأميركية، كما قوّض الحصار المفروض على الدولة وصول المساعدات الإنسانية، وعرّض اليمنيين إلى خطر المجاعة، إضافة إلى معاناة الآلاف منهم من تفشي وباء الكوليرا، وتدمير البنى التحتية للدولة. وقال السيناتور «تيد ليو» إنّ ما تفعله السعودية في اليمن يرقى إلى «جرائم حرب».
مستبد متهوّر
ويعد محمد بن سلمان صاحب فكرة التدخل السعودي في اليمن، بدأه في مارس 2015؛ لذلك لا يمكن وصفه بالرئيس أو الملك «الإصلاحي»؛ إلا إذا كانت هناك معايير جديدة للإصلاح تعني انتهاك حقوق الإنسان وقتل المدنيين وإثارة الفوضى وإشعال فتيل الصراعات.
كما إنّ سجله المحلي على المستوى السعودي الداخلي ليس أفضل، فبالرغم من سماحه للنساء بقيادة السيارات، والتخفيف من القيود المفروضة على وسائل الترفيه؛ فلا يغفران له حملته القاسية ضد المناوئين له. فوفقًا لما نشرته «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع، اعتقل ابن سلمان رجال أعمال وسياسيين بارزين دون اتباع أيّ إجراء قانوني، كما أساء لهم جسديًا ونفسيًا، واستولى على ممتلكاتهم؛ تحت زعم مكافحة الفساد.
وكان دافع ابن سلمان من وراء ذلك تعزيز سلطته وليس قلقه على الفساد كما يدّعي، وهو ما يؤكده تراكم ثروته البالغة أكثر من 17 مليار دولار، وشراؤه قصرًا بقيمة 300 مليون دولار ويختًا بـ500 مليون دولار.
كما شرع ابن سلمان في اعتقال النشطاء البارزين بسبب تدوينات قصيرة فقط؛ وهو ما يؤكد أنه لا ينوي إضفاء أيّ طابع ديمقراطي على المملكة، وأنه يعود بها إلى الوراء سريعًا؛ لذا من المحرّم والظالم أنّ ينظر إليه الأميركيون أو بعضهم على أنه المصلح الشجاع؛ بل لابد أن يوصف بالمستبد المتهور.
وعلى مجلس الشيوخ الأميركي إقرار مشروع قانون السيناتورين لإنهاء التدخل السعودي الفج في اليمن؛ لضمان استقرار منطقة الشرق الأوسط وأمنها، وضرورة إجراء تقييم شامل للعلاقات الأميركية السعودية، وإنهاء أيّ شكل للدعم العسكري؛ بما فيها دعم تدخله في اليمن.