أكّدت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ المواطنين في شمال سيناء متشككون في نتائج الحملة العسكرية الشاملة سيناء 2018؛ إذ فُرضت عليهم عزلة قاسية، وكثيرون عالقون داخل المحافظة وخارجها، بجانب انعدام الغذاء والوقود؛ وهناك شخص قتل نتيجة الفوضى العارمة أثناء توزيع المساعدات الإنسانية.
وأضافت الصحيفة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الأفراد الإرهابيين أيضًا نقلوا الحرب مع السلطات المصرية من المناطق الصحراوية إلى المناطق الحضرية، ما أضاف تعقيدًا عليها؛ لذلك شرعت الحكومة المصرية في عزل مدينة العريش، ما يوضح أنّ مكافحة التمرد باتت صعبة للغاية؛ خاصة بعد انتقالها إلى شوراع المدينة.
ومنعت الحكومة المصرية في الأسابيع الأخيرة سكان شمال سيناء من مغادرة المحافظة أو دخولها دون إذن مسبق من مبنى محافظة العريش، التي يسكن فيها أكثر من مائة ألف نسمة، وفقًا لبيان صادر عن المحافظة. وأدت العزلة إلى نقص حاد في الوقود والمواد الغذائية إلى ما يصفه السكان المحليون هناك بـ«الحصار».
وزادت القيود على الحملة العسكرية بعدما انتقل مقاتلو «تنظيم الدولة» من الحرب في المناطق الصحراوية إلى المناطق الحضرية؛ ما أضاف تعقيدًا على حلمة مواجهتهم.
وتمكّن تنظيم الدولة في السنوات الأخيرة من قيادة هجمات فتاكة ضد الدولة المصرية؛ ما يمثل تحديًا هائلًا لعبدالفتاح السيسي، الذي تعهد بفرض الاستقرار بعد وصوله إلى السلطة في أعقاب انقلاب عسكري في 2013.
وقبل أسابيع من بدء الانتخابات الرئاسية الشهر الجاري، قاد السيسي ومساعدوه حملة ضخمة لمكافحة التمرد في شمال سيناء؛ فخلقت شعورًا بالانزعاج إزاء الوضع الأمني في البلاد.
وقال مسؤول غربي رفيع المستوى لـ«وول ستريت جورنال» إنّ انتقال الإرهابيين من المناطق الصحراوية للمناطق الحضرية يمثّل تطورًا كبيرًا في النزاع الدائر في شمال سيناء حاليًا.
وبدأ التمرد المحلي في محافظة شمال سيناء بعد إعلان «أنصار بيت المقدس» الولاء رسميًا لتنظيم الدولة في العراق وسوريا في 2014، وبدا بعد ذلك أنها أحد أكثر فروع التنظيم تشددًا وعنفًا، وقتلت المئات من المجندين والمدنيين في سيناء، بمن فيهم أفراد أقباط وسياح أجانب.
ودأب المسلحون مؤخرًا على قيادة هجمات داخل مدينة العريش، وشمل الهجوم على مطار عسكري أثناء زيارة لوزيري الدفاع والداخلية المصريين في أول ديسمبر الماضي.
كما قاد مسلحون، يعتقد أنهم تابعون لتنظيم الدولة، هجومًا على مسجد بلال بقرية الروضة في نوفمبر الماضي وقتل فيه أكثر من 300 مصلّ. وردًا عليه، أعلن السيسي استخدام «القوة الغاشمة» لتأمين شمال سيناء؛ وعلى إثر التصريح أطلق الجيش «العملية الشاملة سيناء 2018».
وهناك دلائل مؤكدة على أنّ الحملات ضد الإرهابيين المختبئين داخل المناطق الحضرية أدت إلى تباطؤ الهجوم العسكري الحالي. ومن قبل، طلب رئيس أركان القوات المسلحة محمد فريد حجازي من السيسي تمديد الحلمة العسكرية في سيناء ثلاثة أشهر أخرى لإعادة الاستقرار هناك؛ لافتًا إلى تحديات السكان ومضيفًا: «نريد حماية السكان في سيناء».
واشتكى المواطنون السيناويون من أنهم أهملوا سياسيًا واقتصاديًا على مدار العقود الماضية من الحكومة المصرية في القاهرة؛ بيد أنّ الهجمات الأمنية الحالية أضافت مزيدًا من التعقيد على أوضاعهم، وعطّلت الحياة المدنية، وفقًا لما ذكره مسؤولون وسكان محليون.
وأغلقت المدارس في مدن العريش وفرضت السلطات حظر التجول من الساعة السابعة مساء حتى الساسة صباحًا، وغالبا ما يتجمع السكان المحليون في حشود ضخمة للحصول على الأغذية الحكومية، وقتل شخص حتى الآن بسبب الفوضى الناجمة عن ذلك.
وقال ساكن بشمال سيناء، طلب ألا تُكشف عن هويته خوفًا من الانتقام الأمني، إنّ «الناس هنا متشككون لأنهم يشعرون بأنه لا أحد يتضامن معهم على المستوى الإنساني».
حتى أولئك الذين يؤيدون بقوة حكومة السيسي والقوات المسلحة قلقون من العزلة المفروضة على المنطقة، وقال عضو مجلس النواب «حسام الرفاعي» إنه في حين يؤيد الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة فإنه يطلب من السلطات تخفيف القيود المفروضة على الحركة، مضيفًا أنّ «البعض ممن يقطنون هنا عالقون في محافظات أخرى، بينما يريد آخرون في شمال سيناء رؤية أهاليهم في محافظات أخرى».