رّد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عزام التميمي على مزاعم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، التي حمّل فيها جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية عن التطرف والإرهاب؛ قائلًا أنّ أنظمة الظلم والاستبداد والفساد هي المسؤولة عن مظاهر الغلو أو التطرف التي تشهدها المنطقة العربية.
وفي مقال له اليوم السبت، ذكر عزام أنّ حديث الجبير جاء منسجمًا تمامًا مع التوجه الذي ما لبثت المملكة العربية السعودية تتبناه منذ انطلاق موجات الربيع العربي في أواخر عام 2010 ومطلع عام 2011، وهو توجه معاد لأشكال الحراك الشعبي كافة المطالب بالحرية والكرامة في المنطقة العربية، وبشكل خاص الحراك الذي يستلهم فكره ومنهجه من تعاليم الإسلام.
ديدن الأنظمة الديكتاتورية
وفي محاضرة ألقاها عادل الجبير بمعهد إيغمونت بالعاصمة البلجيكية بروكسيل يوم 22 فبراير الماضي، ادعى أنّ «جماعة الإخوان هي الأب الذي أفضى إلى تأسيس منظمة التكفير والهجرة التي ظهر منها أيمن الظواهري، والتكفير والهجرة الأب الذي أدى لظهور القاعدة، والقاعدة هي الأب للنصرة وداعش؛ لذا نحن لدينا نظرة سلبية تجاه الإخوان، وبالخصوص الإخوان في مصر».
وعزا التميمي التطرف والإرهاب إلى أنظمة الظلم والاستبداد والفساد، التي استفزت باستمرا الناس وتدفع بنفر من الشباب المتعجل نحو مواقف غالية فكريًا أو عمليًا؛ بعد أن أغلقت في وجوه المطالبين بالإصلاح السلمي كل الأبواب، سوى أبواب السجون والمعتقلات.
وأضاف: «وصل الأمر بالأنظمة الدكتاتورية إلى تعليق بعض كبار المفكرين والموجهين المصلحين على أعواد المشانق، كما فعل نظام جمال عبدالناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وكما هو ديدن النظام الانقلابي الحالي في مصر بقيادة عبدالفتاح السيسي، ذلك النظام الذي ما كان لينجح انقلابه لولا ما وفره له نظام آل سعود ونظام آل نهيان من تمويل ودعم سياسي وإعلامي؛ بهدف إحباط مشروع التحول الديمقراطي السلمي في مصر كجزء من الثورة المضادة التي أشعلوا نيرانها -وما زالوا يسعرونها- في كافة أنحاء العالم العربي، ما خلف دمارا وخرابا لم تشهد له المنطقة مثيلا في تاريخها منذ غارات المغول».
ثبات الإخوان
وأكد الكاتب الفلسطيني أنّ منهج الإخوان في الإصلاح والتغيير بالإصلاح السلمي والتدرج فيه، وأنّ فكر الإخوان الأصيل في منهجهم الصبر على المخالفين والمعارضين ودعوتهم وتحمل أي أذى قد يصدر عنهم مهما بلغ، أما مع الأعداء، كالمستعمر البريطاني والغازي الصهيوني؛ فمقارعته بالوسائل المشروعة كفة إلى أن يتحقق إخراجه وتحرير بلاد المسلمين من براثنه.
واستطرد: «تشهد رابعة على ثبات الإخوان على هذا الموقف، إذا نادى مرشدهم الأسير محمد بديع، بأعلى صوته من ميدان رابعة العدوية -بينما كانت قوات السيسي وفلوله الممولة سعوديا وإماراتيا تفتك بالمتظاهرين والمعتصمين العزل- محذرا من أي انزلاق نحو الرد على العنف بمثله قائلا: «سلميتنا أقوى من الرصاص»».
ورأى أن تحميل عادل الجبير الإخوان المسلمين المسؤولية عما نشأ في عالمنا العربي والإسلامي من مظاهر غلو وتكفير وعنف غير مشروع هو مثل من يحمل جيل الصحابة المسؤولية عن ظهور فئة الخوارج الذين كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا ويتوهمون أنهم يدافعون عن حياض الإسلام حينما اغتالوا أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه.
وحمّل عزام أنظمة آل سعود وآل نهيان والعربية الفاسدة المستبدة المسؤولية عن ظهور تنظيم القاعدة ثم تنظيم الدولة، قائلًا: «ليس من المبالغة في شيء القول إن نظام آل سعود، ومثله في ذلك نظام آل نهيان، وعلى شاكلتهما أنظمة عربية أخرى جاثمة على صدور العباد في هذه البلاد، هي الكارثة الحقيقية التي ابتليت بها أمتنا، إنها العقبة الكؤود في وجه التحرر والنهوض، إنها العدو الأول للشعوب التي نهضت من أجل استعادة كرامتها وصيانة حقوقها».
واختتم الكاتب الفلسطيني مقاله بقوله: «أما الإخوان المسلمون، فهم فكرة نبيلة قبل أن يكونوا تنظيما، والفكرة لا تموت أبدا، إنها فكرة أن البشر عباد الله، وأن من حقهم أن يعيشوا حياتهم في أرض الله بحرية وكرامة، وأن من يسعى لاستعبادهم سيناله في نهاية المطاف ما نال النمرود وفرعون وكل طواغيت الأرض عبر الزمان».