يزداد التوغل الإماراتي يوما بعد يوم في اليمن، منحرفا عن المسار المعلن في بداية تدخل دبي كأحد الجيوش المشاركة في التحالف العربي، الذي دخل صنعاء في مارس 2015، بقيادة المملكة العربية السعودية، فأصبح لجيش الإمارات أجندته الخاصة لتنفيذ أطماعه في البلد المقهور، ليسيطر على الموانئ والأماكن الاستراتيجية في اليمن، فارضا سيطرته بقوة السلاح الذي يدعم بها جيوش أعدها خاصة لهذا الهدف.
وحذر سياسيون ونشطاء من زيادة النفوذ الإماراتي باليمن، والتحكم في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية اليمنية، وطالما سربت تقارير ورسائل أوضحت أن الاموار تصدر من الإمارات لكل الوحدات الأمنية، ومن يخالف تعليماتها يواجه بالإقالة أو الاعتقال.
جيوش بولاء إماراتي
في أحداث عدن الماضية، بدى واضحا تأثير الدعم الإماراتي للمجلس الجنوبي والحزام الأمني في عدن، وكيف تدعم ابوظبي قوات لها أهداف خاصة بعيدة عن القوات الشرعية، «الإنفصال» بجنوب اليمن.
ولكن منع وزير النقل اليمني من عبور أحد الطرق بمحافظة شبوة، حيث كان في طريقه لوضع حجر الأساس لميناء قنا، وتصريحه آنذاك عن قوات شبوة وإذعانها للأموار الإماراتية، لافتا إلى وجوب وضع حد للهيمنة الإماراتية، أعاد للأذهان التساؤلات حول الدور الإماراتي في اليمن وأهدافه.
وقال إن الجيوش القبلية والمناطقية التي أنشأتها أبو ظبي هي سبب تدهور الاوضاع في المحافظات الخاضعة للشرعية، واتهمها بالتسبب في انتشار غير مسبوق لتنظيم القاعدةفي تلك المناطق.
وذكر الوزير اليمني أن «القيادات العسكرية المرافقة له، ذهبت للتفاوض مع القوات التي اعترضت موكبه، فتم إبلاغهم أن هناك أوامر من القيادة الإماراتية بمنعه من الدخول».
موانئ اليمن
ويؤكد سياسيون أن الإمارات عينها على موانئ اليمن منذ اليمن الأول، وتطمح في الاستيلاء عليها كلها، مثلما استولت على جزيرة سقطرى.
توسع إمبراطوري
وقال الدبلوماسي الجزائري محمد العربي زيتوت أن محمد بن زايد، يبحث عن توسع إمبراطوري، في المنطقة العربية، ولذا هو يطمع في الاستيلاء على موانئ اليمن حتى يتمكن في السيطرة على المنطقة.
وأوضح زيتوت في تصريح لـ «رصد»، أن أطماع بن زايد في الموانئ تبدأ من طنجة إلى اليمن مرورا بدول أخرى، مستغلا تفكك الدول العربية، والحروب الطاحنة التي تتعرض لها دول أخرى، وهو يريد أيضا تفكيك السعودية، عن طريق محمد بن سلمان».
وأشار زيتوت إلى أن «الإمارات يلقى في هذا الإطار دعما غربيا أميركيا»، إلا أن هذه الأجندة « ستدخل الإمارات في إشكالات متعددة مع المملكة في الوقت الذي يتفطن الشريك السعودي إلى أن أبوظبي تسعى فوق اطماعها في جنوب اليمن، إلى تفكيك المملكة».
أجندة احتلالية
وفي تصريحات صحفية، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن الإمارات -وبالتحديد أبو ظبي- جاءت إلى اليمن منذ البداية بأجندة احتلالية واضحة، لتحتل المحافظات الجنوبية وتخلق واقعا جيوسياسيا جديدا وتعبر عن حالها كإمبراطورية إقليمية تريد أن تفرض نفسها وهيمنتها العسكرية على هذا الجزء المهم من اليمن.
وأضاف «نحن اليوم في حالة مواجهة مباشرة سياسية وعسكرية واقتصادية بين الإمارات باعتبارها قوة احتلال وبين الحكومة الشرعية التي يتقلص نفوذها»، وقال إن هناك تواطؤا واضحا بين السعودية والإمارات على التهام اليمن وتفكيكه وضرب دولته.
دعم ميناء جبل علي
وفي مقال لمجلة الإيكونوميست نشرته، عن أطماع الإمارات في اليمن، قالت إنها تسعى من خلال وضع يدها على الموانئ اليمنية، إلى دعم مينائها، أي ميناء جبل علي، وهو الأكبر في المنطقة، إما عبر خنق المنافسة، أو تحويل مسارات السفن إليه.
وهدفت الإمارات إلى تعطيل موانئ اليمن، لإجبار السفن على تحويل مسارها لميناء بن علي، حيث اصبحت تسيطر عدد من الموانئ بخلاف عدن، التي تعد المنافس الأقوى لميناء بن علي، بل فرضت سيطرتها على موانئ مدينتي المكلا والشحر اليمنيتين بدعم من الولايات المتحدة الأميركية.
وحققت الإمارات أهدافها باليمن، ففرضت سيطرتها على كافة الموانئ اليمنية بصورة مباشرة وغير مباشرة، باستثناء ميناء الحديدة، واتخذت لهذا الطريق، القوى العسكرية، حيث دعمت عدد من القوات داخل اليمن، وجعلت ولائها الأول لأبوظبي.
3 جيوش ولاؤها للإمارات
ثلاث جيوش أقامتها الإمارات في اليمن، من اجل تحقيق طموحاتها، كان أبرزهم الحزام الامني في عدن، دشنتها الإمارات في عدن، وهي خليط من عسكريين جنوبيين، أغلبهم ينحدرون من جماعات سلفية، ومقاتلين طامحين إلى انفصال جنوب البلاد عن شماله.
وثاني تلك الجيوش، النخبة الحضرمية، تسيطر هذه القوات على جميع المواقع الحكومية السيادية، وعلى رأسها «مطار الريان»، وميناء المكلا، وميناء «الضبة» النفطي، وهي قوات تأخذ أوامرها من أبو ظبي، أما ثالث تلك القوات هي النخبة الشبوانية، وهي تتبع محافظة شبوة، وهي من اعترضت وزير النقل اليمني بأوارمر إماراتية.
الجيوش المدعومة إماراتيا أثرت بشكل كبير على وضع الحرب في اليمن، ففي الوقت الذي تحاول الشرعية اليمنية، أن تتنفس في بعض المحافظات التي سيطرت عليها، تأتي هذه القوات فتقسم الجبهة ويتشكل اقتتال داخلي يضعف قوات الشرعية اليمنية، التابعة للرئيس اليمني عبد ربه منصور والذي يقيم بالرياض، ففي عدن بدأت قوات الحزام الامني، أن تسعى لتحقيق اهدافها بالانفصال عن اليمن، وإعادة حلم الجنوب اليمني لدى قيادات الجنوب.
وفي شبوة هناك توتراً متصاعداً، جراء احتدام الخلافات بين القيادة العسكرية والأمنية الموالية للإمارات في المحافظة، وبين الشخصيات الموالية للسلطة «الشرعية».
وأمام هذه السيطرة الشبه كاملة على المناطق المحررة، تضعف آمال اليمنيون في الاستفادة بثرواتهم، وتحقيق حلم الدولة المستقرة، بعد أن وقعوا في براثن أطماع قوى خارجية وداخلية، أدخلته في حرب لا يرتقب لها نهاية في الوقت الحالي.