أكدت صحيفة «يور أكتيف» البلجيكية، أن الدول الأوروبية تحاول الآن جاهدة العودة إلى أحضان منطقة الشرق الأوسط، وممارسة دور الوسيط النزيه في سبيل تحقيق الاستقرار والحفاظ على الأمن بالمنطقة التي تعاني من حالة غليان حاليا، مضيفة في مقال لـ«فرانكو فرانتيني» وزير الخارجية الإيطالي السابق ورئيس الجمعية الإيطالية لدعم المنظمات الإيطالية حاليا، أن قضايا الإرهاب في المنطقة أسهمت في إعادة الاتصالات بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف فرانتيي، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن مجلس الشؤون الخارجية، كان محقا في التركيز على عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية؛ خلال اجتماعه مع عدد من القادة العرب، إلا أنه أكد على أن المجلس في حاجة أيضا إلى التركيز على القضية الإيرانية؛ حيث تعد طهران لاعبا رئيسيا حاليا هناك، وتتداخل مع العديد من الدول.
جاء مقال فرانتيني، تعليقا على الحوار الجاري حاليا بين وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ28 وأعضاء لجنة المتابعة التابعة لجامعة الدول العربية، والذي يناقش القضية الفلسطينية والسلام بشكلٍ خاص، خاصة أنها أصبحت منسية بشكلٍ ما مع كل ما تمر به المنطقة حاليا من أحداث.
وأكد فرانتيني، أن «الاتحاد الأوروبي كان محقا في إبقاء القضية الفلسطينية على رأس جدول أعماله الدولي، في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع خطة ترامب للسلام، أو ما أطلق عليه «صفقة القرن»، لكن يجب ألا يتناسى الاتحاد باقي القضايا أيضا».
وكان الاتحاد الأوروبي، اجتمع بالفعل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية، وهو ما يشير إلى أن أوروبا حاليا تحاول العودة إلى أحضن العرب ومصالحتهم، وتأتي مبادرة بروكسل أو مبادرة بريما، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لتطوير مشاريع توفير المياه والأغذية الزراعية في منطقة حوض المتوسط، في سبيل تعزيز تعاون دول أوروبا مع المنطقة.
إلا أنه للأسف، بحسب فرانتيني، فإن هناك قضية أخرى أكثر إلحاحا لأوروبا في المنطقة وتتعلق باستقرارها وأمنها، وهي القضية الإيرانية؛ حيث ترأس إيران حاليا شبكة من الوكلاء والمليشيات الممتدة عبر الخليج إلى البحر المتوسط، ومتورطة بشكل أساسي في أكبر نزاعات الشرق الأوسط الحالية.
ووفقا لوزير الخارجية الإيطالي السابق، فإن إيران ليست مستعدة حاليا للتعايش السلمي مع منافسيها، سواء إسرائيل أو السعودية، وهو ما جلعها تتبع سياسة خارجية مزعزعة للاستقرار من خلال التدخل في حدود جيرانها، بغض النظر عن سيادة تلك الدول وأوضاع شعوبها، كتورطها في حرب مع السعودية باليمن.
كما تهدف استراتيجية إيران التداخلية إلى إبقاء خصومها في حالة دفاع مستمر عن النفس، وإهدار طاقتهم ومواردهم في سبيل ذلك، وهو ما يمنع المنطقة من التحرك إلى الأمام مالم تقرر طهران أن تلك الاستراتيجية لم تعد في صالحها، وهي النقطة التي يجب ان يلعب عليها الاتحاد الأوروبي أثناء عودته إلى منطقة الشرق الأوسط.
وأشار أيضا، إلى أن الأوروبيون ما زالوا يتمتعون بالخبرة والمصداقية اللازمين للتفاوض مع طهران، كما أنهم يمتلكون النفوذ السياسي والاقتصادي، الذي يجعل لهم اليد العليا ويكسبهم أوراق ضغط يمكن استخدامها، بالإضافة إلى أن إيران تدرك بشكل جيد أن الانعزال الكامل عن الغرب ليس في مصلحتها، لكنها لا تثق ثقة عمياء في واشنطن، فالإدارة الأميركية لا تظهر أي نية حتى الآن في التعامل معها، لذا فإن الاتحاد الأوروبي يواجه معضلة أخرى تكمن في الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني بجانب احتواء سلوكه إيران المزعزع لاستقرار المنطقة.
لذلك يجب على الأوروبيين العمل بشكل وثيق مع شركائهم العرب في المنطقة، في القضايا المتعلقة باستراتيجية إيران المستقبلية، وضرورة دعمهم لأي جهود دبلوماسية عربية أو غير عربية في هذا الشأن، مضيفا «لا يمكن المبالغة في الأهمية الدولية لدول الخليج العربي، في تحقيق السلام والاستقرار والأمن، خاصة في مواجهة داعش».
حيث أسهم الإرهاب، في عودة الاتصال الأمني بين أوروبا وشبه الجزيرة العربية والمنطقة، ما يجعلهما بمثابة الشاطئ الثالث للبحر الأبيض المتوسط.
وكل ذلك يأتي في الوقت الذي تقف فيه إيران وإسرائيل على أعتاب مواجهة عسكرية شاملة، في سوريا، فعلى أوروبا أن تستخدم النفوذ الذي تحدثنا عنه لوقف تلك الحرب أيضا، وتشجيع كلا الجانبين على ضرورة التخلي عن خططهما، وتدعيم عملية السلام، وحث إيران على ضرورة تقييد وكلائها بدلا من تشجيعهم، وإذا ما تم ذلك فإن الاتحاد الأوروبي يكون قد تخلص من مصدر إزعاج كبير للمنطقة.
وخلال تركيز لجنة المساعدات الإنمائية على القضية الفلسطينية ووقف تمويل الأونروا، يجب ألا يتم نسيان أيضا الشواغل الأكثر إلحاحا في المنطقة حاليا، وإقناع إيران بالقيام بدورٍ بناء ودعوتها لاحترام سيادة جيرانها، وإعطاء الأولوية للتعاون العربي، والذي إذا ما تم سيفيد ليس القضية الفلسطينية فحسب بكل كل القضايا المعزعة لاستقرار المنطقة.
وأوضح الكاتب، أن القادة العرب الذين وصلوا أوروبا لمناقشة قضية القدس واتفاقات أوسلو، يجب أن يطمأنوا إلى اعتراف الاتحاد الأوروبي بوجود مخاطر واضحة في المنطقة في الوقت الحالي.
وكان الوفد الوزاري العربي، الذي يضم الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية كل من مصر والأردن وفلسطين والسعودية والمغرب والإمارات، عقد اجتماعا مهما في بروكسل، أمس، مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي والممثلة العليا للسياسة الأوروبية، وكانت القضية الفلسطينية المسألة الوحيدة التى طرحها الوزراء العرب على طاولة النقاش.