يبدو أنّ الاقتصاد وعالم المال باتا البوابة الخلفية للعلاقات «المصرية التركية»، المتوترة منذ أحداث الثالث من يوليو وعليها توجّه الأذرع الإعلامية لنظام «عبدالفتاح السيسي» الاتهامات إلى تركيا، إضافة إلى المناوشات السياسية؛ لكنّ العلاقات التجارية بين البلدين تشهد انتعاشًا، في مشهد فسّره مراقبون بأنّ النظام المصري يبحث عن مصلحته المالية فقط.
وشارك ممثل البرلمان التركي وعضو حزب العدالة والتنمية الحاكم «علي أركوسكون» مساء السبت في اجتماعات «الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط» بالعاصمة المصرية القاهرة بحضور ممثلي البرلمانين الإيطالي والتركي، وقال إنّ العلاقات بين البلدين «وطيدة» وأي خلافات ستُزال تدريجيًا؛ فهما بلدان قويان في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وهذا أمر مهم جدا ويجب الالتفات إليه».
وأضاف، في تصريح صحفي على هامش اجتماع برئاسة رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال: «نحن كنواب منتخبين من الشعب علينا إزالة أسباب عدم التفاهم بين الشعوب والدول، جئت من تركيا وجلست إلى طاولة اجتماعات واحدة تضم دولًا مختلفة وبرئاسة مصرية؛ دلالة على أنّ أيّ خلافات أو صعوبات مع تركيا، سواء سياسية أو غير ذلك، ستُذاب تدريجيًا».
وقال إنّ «الخلافات تحدث داخل الأسرة الواحدة، وأحيانًا بين الدول؛ وهذا أمر طبيعي»، وأضاف أن تركيا ليست لديها أي مشكلة مع مصر في ترسيم حدودها مع قبرص؛ لأنّ «المشكلة تخص الجانب القبرصي، وتركيا تدافع عن حقوقها في البحر المتوسط والحدود الإقليمية معها».
وبخصوص اللجوء إلى التصعيد العسكري، قال إنّه «لا يستطيع الإجابة عن هذا السؤال؛ فهو من اختصاص رئيسي لجنتي الطاقة والدفاع»، لكنه أكد أنه شخصيًا يستبعد هذا الأمر.
منتدى رجال أعمال
وفي يناير الماضي، قالت جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين إنّه سيُنظّم منتدى في إسطنبول منتصف نوفمبر المقبل بعنوان «هيا نصنع معا»، يعد الأول من نوعه منذ اضطراب العلاقات السياسية بين البلدين، وسيشارك منهما أكثر من 130 مستثمرًا وسيدعى مسؤولون حكوميون من وزارتي الاستثمار والصناعة.
ومن جانبه، قال رئيس الجمعية «أتيلا أتاسيفين» إنّ «هناك رغبة جادة لدى المستثمرين الأتراك لمضاعفة حجم أعمالهم في مصر مستقبلًا؛ خاصة في المشروعات القومية، كما تستهدف الجمعية الوصول بحجم الاستثمارات التركية في مصر إلى عشرة مليارات دولار عام 2022».
وشهدت مصر في مارس 2017 انعقاد اجتماعات مجلس الأعمال المشترك بالقاهرة، وأعلن رجال الأعمال الحاضرون له تطلعهم للعمل على زيادة الاستثمارات وحجم التجارة في البلدين.
المصلحة تفصل
ويرى الخبير الاقتصادي هاني توفيق أنّ مصر تسير وفق مبدأ «أريد مصلحتي»؛ حتى لو مع الند السياسي، ولا يستيعد عودة العلاقات «المصرية القطرية» إذا وجدت الاستثمارات والمنح والقروض.
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ الاستثمارات «التركية المصرية» لم تتأثر بالخلاف السياسي بين البلدين منذ 2013، ولم تمنع الحكومة الأتراك من استكمال استثماراتهم بالقاهرة، بل بالعكس تضخمت في شكل أسواق ومصانع، فضلًا عن تصدير الملابس والأدوات الصحية والكهربائية بمقدار ستة مليارات دولار سنويًا.
ويعمل 75 ألف عامل مصري في مائتي مشروع تركى داخل السوق المصرية، ووصل حجم الاستثمارات التركية الجديدة التي دخلت السوق المصري عقب 30 يونيو إلى 275 مليون دولار وحتى مارس 2017. وفي الخمسة أشهر الأولى من العام ذاته بلغ الاستثمار التركي 1.7 مليار دولار مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، بينما زادت الصادرات المصرية للسوق التركية بنسبة 52% وسجّلت 837 مليون دولار مقابل 549 مليونًا بين يناير ومايو 2016.