تمر، اليوم، الذكرى السابعة للثورة اليمنية، التي انطلقت لإسقاط حكم فاسد امتد لأكثر من 33 عاما، إلا أنه ولأول مرة تمر ذكرى الثورة بغياب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذي قضى مقتولا على يد الحوثيين الذين طالما تحالف معهم ضد أبناء الثورة.
وعلى الرغم من أن الشعب اليمني تخلص من رمز الحكم الذي حاولوا الإطاحة به خلال الثورة، إلا أن اليمن لا يزال متعثرا، لا يستطيع الخروج من كبوته التي بدأت بانقلاب «حوثي-صالح» ضد الثورة اليمنية، لحقها تدخل عربي في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، خلف دمارا واسعا على مدار سنوات، لم يحقق للشعب اليمني أيا من طموحاته في الحياة الكريمة الإنسانية والمساواة والعدل.
3 سنوات من الصراعات
بدأت الثورة اليمنية، سلمية ترفع شعارات مشروعة لليمنيين، طالبوا خلالها بالمساواة والعدل، والحرية، وخرج الشعب من كل صوب يهتف بإسقاط النظام الذي تحطمت آمالهم على عتبته على مدار عقود، إلا أنه لم يكن ليكتمل الحلم، بفضل الاستماتة على السلطة ولو على جثث أبناء هذا الشعب، لتمر على اليمن 3 سنوات عجاف أصبحت الشوارع ساحة للقتال، وأصبح العمار خرابا، والجميع مدججا بالسلاح.
بدأ صالح خطته في الانقلاب على الثورة اليمنية منذ اليوم الأول لنجاحها، ليتحالف مع عدوه اللدود «جماعة أنصار الله»، في 21 سبتمبر 2014، ليضحي باليمن، ليبدأ فصل جديد من التحالفات والصراعات.
وعلى الجانب الآخر، يفر الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور إلى عدن ويتخذها عاصمة مؤقتة بعد سقوط صنعاء، ثم يفر لخارج البلاد، ويظل داخل المملكة العربية السعودية يصدر البيانات والتنديدات، ويبدأ التحالف العربي، معلنا تدخله في اليمن بهدف إعادة الشرعية، في مارس 2015، ويبقى الشعب اليمني بين المطرقة والسندان يعاني أسوأ الكوارث الإنسانية.
انحراف مسار الثورة
وقال أحمد الصالح، السياسي اليمني، ومدير مركز عدن للدراسات والعلاقات الدولية في واشنطن، إنه «وللأسف الشديد فإن ثورة 11 فبراير خرجت عن مسارها وانحرفت كثيرا عن أهدافها والسبب يكمن في القوى والأحزاب التي تسلقت على دماء شهداء الثورة وتنازلت عن القصاص في أول منعطف ومنحت حصانة للقتلة دون تفويض أو حق في ذلك».
وأضاف الصالح، في تصريح لـ«رصد»، «اليوم بعد 7 سنوات من الثورة، هناك تحديات كبيرة تقف أمام استكمال مسيرتها وأهمها أن كبار من قامت الثورة ضدهم أصبحوا يحتمون بها وفي ظلها وبتواطؤ حزبي وعجز كلي للثوار المستقلين».
ولفت السياسي اليمني، إلى أن الثورة فشلت في إنجاز ما قامت من أجله، موضحا «أن النجاحات تقاس بالإنجازات الملموسة ولكن للأسف لم نلمس أي إنجاز حقيقي للثورة بل على العكس حصلت هناك انتكاسات وتراجع للخلف أثر على حياة المواطن وعلى العملية السياسية وعلى البلد بشكل عام».
سبل الخروج من المأزق
وفي ظل احتقان الاوضاع اليمنية وتأزم المشهد، والتعقيد الذي وصلت إليه التحالفات المتباينة في اليمن، يسعى الحالمون بتحقيق أهداف «11 فبراير» الوصول إلى مبتغاهم، لافتين إلى المسارات التي يجب انتهاجها من أجل تصحيح الأوضاع.
ويواصل الصالح، حديثه عن أزمة اليمن، بأن «المشكلة اليمنية أصبحت مركبة ومعقدة ودخلت في نفق مظلم»، موضحا أن «السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم، الاعتراف بجوهر المشكلة من قبل كل القوى، والتي تكمن في شقين أساسيين؛ أولهما الاستفراد بالحكم لأقلية صغيرة، وثانيها، القضية الجنوبية».
ومن جهته، قال ياسر الحسيني، الصحفي بالرئاسة اليمنية، إنه «مع زخم احتفالات شعبنا بذكرى ثورة 11 فبراير العظيمة، لا بد من التأكيد على ضرورة الوحدة والاصطفاف والتلاحم حتى مع من يختلفون معنا إلى أن نستعيد دولتنا وننهي الانقلاب الحوثي الكهنوتي».
اليمن بين التحالف والحوثيين
أصبح اليمن، خلال 3 سنوات، بأهداف ومساعٍ مختلفة عما بدأت به الثورة اليمنية؛ فانطلقت طالبة التغيير، والآن تسعى للتحرير، وبعد أن خرجت سلمية تتباهى بصدورها العارية، أصبح الجميع يتقاتلون ويتباهون بأحدث الأسلحة، وأصبحت أعظم مساعيها استعادة اليمن المفقود.
وخرج الرئيس اليمني، أمس، ليلقي خطاب الذكرى السابعة للثورة، والتي على الرغم من تدهور الأوضاع فيها، إلا أنه اعتبر أن «الثورة على الظلم مغامرة محمودة، ويكفيكم فخرا أنكم أثبتم أن شعبا أعزلا بإمكانه أن يقول لا، وأن ينتصر، وأنه بإمكانه أن يواجه الاستبداد الفردي والحكم العائلي وينجح في هزيمته».
وقال هادي إن «من يحاول بطريقة أو بأخرى تحميل هذه الثورة وزر ما نحن عليه اليوم، يتجاهل معطيات ووقائع كثيرة يطول الحديث عنها».
وأضاف أنه لولا «انقلاب مليشيا الحوثي الإيرانية على الشرعية لكانت تحققت الكثير من طموحات الثورة الشبابية».
ومن جهتها، اعتبرت الناشطة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أن «التحالف العربي استغل انقلاب الحوثي لممارسة احتلال بشع ونفوذ أبشع على اليمن».
وأضافت كرمان، في كلمة بمناسبة الذكرى السابعة للثورة اليمنية، أن «التحالف العربي مارس الكذب والخداع ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به لا علاقة لها بمساعدة اليمنيين ولا دعم الشرعية ولا تنفيذ قرارات مجلس الأمن».
وتابعت: «الأجندة غير المشروعة التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات تتمثل في إضعاف السلطة الشرعية وابتزازها، وتعمل على منع الرئيس الشرعي عبدربه منصور ووزرائه من العودة إلى عدن وبقية المحافظات».
وفي السياق ذاته، انتقد الصحفي عبدالرقيب الهديان، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة، سيطرة التحالف على الأوضاع اليمنية، وقال عبر «تويتر»: «ثورة 11 فبراير اليمنية في قبضة التحالف العربي المضاد للثورات».
