للمرة الثالثة، أطلقت القوات المسلحة المصرية حملة عسكريًا مكبّرة في سيناء تحت مزاعم محاربة الإرهاب؛ بعدما أعلن العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، المتحدث الرسمي باسمها، أنّ قوات إنفاذ القانون بدأت أمس الجمعة مواجهة شاملة ضد الإرهاب؛ لكنّ خبراء توقعوا فشلها كما حدث في سابقتها «حق الشهيد».
تأتي هذه الحملة بعد أيام من تقرير «نيويورك تايمز» عن اتفاق مبرم بين عبدالفتاح السيسي وسلطات الاحتلال الإسرائيلي منحهم بموجبه اختراق الحدود المصرية وتنفيذ أنشطة عسكرية في شبه جزيرة سيناء لمحاربة تنظيم «ولاية سيناء»؛ بينما نفى نفى المتحدث الرسمي باسم الرئاسة ذلك.
أسباب الفشل
ويقول حسن أبو هينة، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إنّ «الجيش المصري اعتاد على الفشل أمام ولاية سيناء، لأنه لا يستطيع التعامل مع حرب العصابات؛ فهو يطلق هجمات في الصحراء وصواريخ في الرمال والجبال، وربما يقصف مدنيين في هذه الحملة كغيرها».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «الجيوش النظامية لا تعرف حروب العصابات، وحتى لو جاء الجيش الأميركي في سيناء لن يستطيع؛ لأنه يواجه عدوًا خفيًا لا مكان يتمركز فيه؛ وبالتالي أيّ تمركز عسكري للجيش المصري سيكون هدفًا سهلًا لأفراد ولاية سيناء».
بلا مهارة
وقال إنّ السياسة العسكرية التي تتعامل بها القوات المصرية فاشلة؛ لأنها افتقدت المهارة القتالية في السنوات الماضية؛ بسبب سياسة النظام بنشر فزاعة الإرهاب؛ ما أثّر بالسلب على العوامل النفسية للقوات، إذ تعد بالقضاء على الإرهاب ويحدث العكس في قلب المعركة».
كما أكّد «أبو هنية» أنّ إقحام المقاتلات الجوية في الحملة الجديدة لن يكون له مردود إيجابي حاليًا؛ لأنّ المقاتلات دورها استهداف تمركزات واضحة للعدو وقصفها، بينما المسلحون في سيناء داخل الجبال وتحت الأرض.
قتل المدنيين
من جانبه، فنّد الناشط الحقوقي المهندس هيثم أبو خليل أهداف معركة سيناء الجديدة قائلًا إنّ «السيسي يحاول إشغال الجيش بحرب حتى لو قتل أهله وناسه؛ فالجند البطال يكثر فيه الشغب».
وأضاف، في منشور له على «فيس بوك»، أنّ «الهدف الثاني هو تعبئة الرأي العام المصري بأنّ البلد في حرب؛ فلا أحد يسأل عن حرية أو معيشة كريمة، ولا حتى عن شكل انتخابات رئاسية معقول ومقبول».
أما الهدف الثالث فهو «رد عملي على البيان المدهش للبرلمان الأوروبي الذي يدين ويطالب بوقف حالات الإعدام في مصر ووقف انتهاكات حقوق الإنسان».
والهدف الرابع هو إرسال رسالة إلى القيادات السياسية في تل أبيب وحلفائهم في الإدارة الأميركية بأنّ من يحكم مصر الآن في خدمتكم ورهن إشارتكم ويحتاج أيضًا دعمكم».
فشل سابق
في سبتمبر 2015، أطلقت القوات المسلحة حملتها الأولى في شمال سيناء تحت عنوان «حق الشهيد»، وادّعت أنّ الهدف منها «القضاء على البؤر الإرهابية في شبه جزيرة سيناء بالكامل، وإحكام السيطرة الأمنية الكاملة على مدن رفح والشيخ زويد والعريش».
وبعدها، يوم 22 سبتمبر من العام نفسه، قالت إنّها انتهت. ثم أعادت الحملة نفسها ثلاث مرات لتحقيق النتائج نفسها؛ حتى بدأت مرحلة أخرى في يوليو 2017، ووصلت إلى «حق الشهيد 4»، ومع تجاهل البيانات الصادرة عن «ولاية سيناء»، التي لا تحدد عدد الضحايا؛ كشفت نتائج الحملات عن خسائر واضحة في صفوف الطرفين، وذلك مع تطور نوعي لصالحهما.
بينما أعدم التنظيم 28 مدنيًا بدعوى تعاونهم مع قوات الجيش والشرطة، الذين قتل منهم أيضًا 94 فردًا برتب مختلفة وبطرق متنوعة؛ بين القنص والاستهداف بالسيارات المفخخة وأثناء التجمعات الأمنية.
وعلى الرغم من أنّ الإجراءات المتخذة هذه المرة في سيناء أشد قسوة، بدأت بإخلاء أسرّة جميع المستشفيات وإيقاف التعليم لجميع المراحل؛ فالمتوقع أن تكون العواقب أكبر وأكثر كارثية.