بعد الانتهاء من البحث عن «كومبارس» أمام عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مارس المقبل، بترشح موسى مصطفى موسى (رئيس حزب الغد) بتزكية برلمانية، يخشى النظام المصري من مواجهة فضيحة «اللجان الخاوية»؛ ولذلك استخدم أدواته الإعلامية والبرلمانية والدينية لحثّ المواطنين على المشاركة فيها.
وفي الأسبوع الماضي، وقّع قرابة 700 مصري، بين شخصيات سياسية وعامة (وناشطين ومواطنين عبر الإنترنت)، على بيان «مقاطعة الانتخابات الرئاسية»؛ مطالبين بـ«وقف الانتخابات، واعتبارها فقدت الحد الأدنى من شرعيتها، ووقف أعمال الهيئة الوطنية للانتخابات وحل مجلسها؛ لأنه تستّر على تدخل أمني وإداري في الانتخابات المفترضة».
«خيانة وتمويل»
وجاء ردّ السلطات بداية بالبرلمان؛ فوصفت النائبة زينب سالم الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية بمثابة خيانة للوطن، والداعين لها «لا يمتلكون إلا أصواتًا تريد زعزعة الأمن والاستقرار المصريين».
وطالب النائب خالد عبدالعظيم، عضو المجلس عن محافظة الشرقية، بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية والجنائية والسياسية تجاه كل من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، واصفًا إياهم بـ«نشطاء السبوبة» الذين ثبت قبل ذلك تلقيهم تمويلًا خارجيًا.
المنابر جائزة للدعوة إليها!
ودينيًا، استخدمت الحكومة وزير الأوقاف محمد مختار جمعة للترويج للمشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ فقال أثناء جولته الدعوية بمدينة الإسكندرية (الجمعة) إنّ «المشاركة الإيجابية في العملية الديمقراطية مطلب شرعي ووطني»، و«الإدلاء بالصوت أمانة ينبغي على كل إنسان أن يعطيه لمن يستحقه ممن يغلب على ظنه أنه القادر على تحقيق مصالح البلاد والعباد».
وأضاف أنّ «مصالح الأوطان، والعمل على دعم صمودها وقوتها، ودفع جميع المخاطر التي تهددها؛ من صميم الواجب الديني والوطني، ولا يمكن أن نترك أمن أوطاننا لمن يعبث به فعلًا أو قولًا، تحريضًا مباشرًا أو غير مباشر، مع تفريقنا الواضح بين الوفاء بواجبنا الديني والمهني والوطني، والمشاركة الإيجابية والدعوة إليها جزء لا يتجزأ منه، وبين حرصنا الواضح على عدم العودة إلى استخدام المساجد أو توظيفها لصالح أشخاص أو أحزاب أو جماعات أو استخدامها في الدعاية الانتخابية».
وبرّر استخدام المنابر في الترويج للانتخابات الرئاسية بأنّ «قداسة المساجد وحرمتها، كونها للعبادة والدعوة إلى الله وحده، تحتّمان النأي بها عن التوظيف السياسي، لكن يظل لها دورها الريادي في التوجيه العام في كل ما من شأنه صالح البلاد والعباد، للمصلحة العامة، وهي مصلحة معتبرة شرعا».
وأضاف أنّ «المشاركة الإيجابية في العملية الديمقراطية بما فيها الانتخابات الرئاسية المقبلة مصلحة معتبرة وطنيا وشرعيا، وخاصة في ظل المخاطر والتحديات التي نواجهها، وما آل إليه حال كثير من دول منطقتنا من تفسّخ وتفكك ودمار على أيدي الجماعات الإرهابية العميلة الخائنة، التي تعد رأس حرب لمن يخططون لتفكيك كل دول المنطقة وتقسيمها وإعادة تشكيل خريطتها من جديد بما يخدم أهداف ومصالح أعدائنا المتربصين بنا».
الإفتاء: «آثم شرعًا»
أيضًا، قالت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها الأسبوع الماضي إنّ «الممتنع عن أداء صوته الانتخابي آثمٌ شرعًا، ومثله من يدفع صاحب الشهادة إلى مخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأيِّ وسيلة من الوسائل، وكذلك من ينتحل اسمًا غير اسمه ويدلي بصوته بدل صاحب الاسم المنتحل يكون مرتكبًا لغشٍّ وتزويرٍ يعاقب عليه شرعًا».
وأضافت أنّ «الإسلام حثّ المسلمين في كل زمان ومكان على التحلي بالصدق والأمانة والتخلي عن الكذب والخيانة».
الأذرع الإعلامية
كما استخدمت السلطة أهمّ أسلحتها في معركتها التي تواجه بها المواطنين، وتسيطر عليها الأجهزة السيادية ولا تخرج التصريحات إلا بموافقة الرقيب الأمني الموجود فيها؛ فتناول أحمد موسى، في حلقة من برنامجه «على مسؤوليتي» بفضائية «صدى البلد»، أسماء المقاطعين بطريقة ساخرة، وادّعى أنهم «يحاولون حلّ الهيئة الوطنية للانتخابات ومخالفة الدستور والقانون، مرددًا: «بيقولوا ديمقراطية مش عايزين انتخابات!».
وقالت لميس الحديدي، في برنامجها «هنا العاصمة» على قناة CBC، إنّ «الدعاوى المتعلقة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية لن تضر النظام المصري بقدر أنها تضر بمصر والمصريين بداخلها»، مطالبة المعارضة المصرية بتجهيز نفسها لانتخابات 2022 من الآن، ووجهت إليها تساؤلات: «هل أنتم جاهزون لـ2022؟ وتجهزوا مرشحين للانتخابات المقبلة؟ وتواجد شعبي على الأرض وبرامج تصلح لها؟»، وتابعت: «ولا هنيجي في الوقت الضايع قبل الانتخابات بعدة أشهر قليلة ونقول أصل المجال مقفول وعلينا تضييق؟! ونطالب بمقاطعة الانتخابات!».
وبدوره، أعلن زوجها عمرو أديب، في برنامج «كل يوم» على قناة «أون»، أنّه «يرفض مقاطعة الانتخابات الرئاسية وأنه مع حرية الرأي؛ ويجب أظهار الرأي وعدم الامتناع عن المشاركة الانتخابية»، و«يجب على المواطنين أن يعلموا أبناءهم المشاركة الانتخابية حتى يمارسوا حقوقهم»!
سبب الحملة
من جانبه، برّر الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، الحملة الإعلامية والحكومية ضد دعوات مقاطعة الانتخابات الرئاسية، بأنّ «الدولة تخشى مشاهد اللجان الخاوية، التي ستمثل فضيحة دولية وتعبيرًا سلميًا عن رفض الشعب المصري لمهزلة الانتخابات الرئاسية، التي لا يوجد فيها سوى عبدالفتاح السيسي وشخصية أخرى لا دور لها سوى استكمال الصورة فقط دون تأثير فيها».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «اللجان الخاوية ستكشف للعالم كله عورات الدولة التي ارتضيت بأن تمارس حكمًا دون حريات، أو محاولات لتداول السلطة وفقًا ما أقره الدستور والقانون لمصر. وفي النهاية، استجابة المواطنين لهذه الدعوات ستكشف الأمر علنًا دون محاولات مزايدة؛ وهي الفيصل حاليًا».