سلطت صحيفتا «ميدل إيست آي» و«فويس أوف أميركا» الضؤ على نتائج ثورة 25 يناير بعد سبع سنوات من القيام بها، مشيرة إلى أن الأوضاع في مجملها تردت إلى حد كبير، حتى أن هناك أصواتا بدأت تنادي بأن عصر مبارك كان أرحم وأخف وطأة مما تمر به مصر الآن، مشيرة إلى أن الأهداف الأساسية التي خرجت بها الثورة لم تعد موجودة أو لم تتحقق من الأصل، بسبب محاولات المجلس العسكري للاستيلاء على السلطة، حتى الوصول إلى حكم السيسي، وهو الحكم الذي عاد بها سنوات إلى الوراء، وواجه المصريون في عهده تحديات سياسية وأمنية واقتصادية لا قبل لهم بها.
انكسار جدار الخوف
أكدت الصحفية التونسية «سمية الغنوشي» على أن مابقي من ثورة 25 يناير هو انهيار جدار الخوف الذي بناه نظام مبارك على مدار الثلاثين عاما التي حكم فيها، وتيقن المصريين جميعا ان الطغاة ما هم إلا أوراقا هشة، سهل الإطاحة بها، بجانب تكوين وعي سياسي ومعرفة حقيقية بمفاهيم الحرية والكرامة، وهي ما كان يفتقده الجميع، مؤكدة أيضا على استمرارية الثورة رغم ما تواجهه الآن.
وأضافت الصحفية، رغم ذلك فالثورة فشلت على جميع المستويات الأخرى، ليس منذ انقلاب 2013 فحسب بل من أول يوم تنحى فيه مبارك وتولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد، والذي عمل بكل الطرق الممكنة على وضع عراقيل وإفشال الانتقال السياسي السلس للسلطة إلى سلطة مدنية.
وأوضحت أن الثورة كانت بمثابة فرصة ذهبية لإصلاح ما أفسدته الأنظمة العسكرية المتعاقبة منذ ثورة يوليو 1952، إلا ان الواقع هو أن الثورة المضادة بدأت مع الثورة نفسها، بانتشار فكرة مضللة مفادها، أن الثورة قام بها الجيش والشعب معا، بعد الإطاحة بمبارك مباشرة.
إلا أن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب، فبدلا من أن تكون الثورة فرصة ذهبية للتغيير الحقيقي، كانت فرصة ذهبية للجيش نفسه، لإعادة تمكين نفسه بعد التخلص من مبارك والذي أصبح عبئا على الجيش، حتى أنه حاول جعل انتخابات 2012 مجرد إعادة توزيع تكتيكي للسطة في إطار نظام الحكم القديم نفسه، مما سمح للجيش بوضع يده على جميع وسائل السلطة، حتى لو اضطر للعمل من خلف الكواليس.
خنق الثورة
وأشارت الكاتبة، إلى أن الثوار أنفسهم يتحملون جزءا من مسؤولية ما آل إليه وضع الثورة، فبدلا من العمل معا على بناء جبهة موحدة لضمان انتقال السلطة بشكل سلس إلى سلطة مدنية وعودة الجيش إلى ثكناته، انشغلت بالنضال من أجل السلطة وتحديد مواقعها في السلطة المقبلة، وتفاقمت الخلافات بين الإسلاميين والعلمانيين واتسعت الفجوة بين الشباب الثوري وشباب الإخوان.
إلا أن الذهاب إلى صناديق الانتخابات في 2012 لم يكن خطئا في حد ذاته، لكن القيام بها تحت إشراف الجيش كان خطأ لا يغتفر، ولم يؤد ذلك إلا إلى تعميق الخلافات ثم خنق الثورة تماما بانقلاب 3 يوليو 2013.
وأكدت الغنوشي على أن انقلاب 3 يوليو كان مجرد استمرار للانقلاب المصغر الذي بدأ باستيلاء المجس العسكري على السلطة بعد إزاحة مبارك، ومنذ أول يوم بدأ في التضييق على الثورة وحصار الشعب المصري بجهاز عسكري وحشي بقيادة عبدالفتاح السيسي.
ولم يتبقى شيئا من ثورة 25 يناير، وواجه المشهد المصري حقيقة قاتمة على جميع المستويات، ووصلت الأمور إلى حد الترحم على عصر مبارك، إلا أن الثورة نجحت في إحياء مفاهيم الكرامة والحرية في أذهان المصريين وقلوبهم، ومكنتهم من كسر جدار الخوف، والأهم من ذلك أنهم اكتشفوا أن الطغاة مجرد أوراق هشة يمكن الإطاحة بها بسهولة.
وصحيح أن الثورة شهدت انحدار هائلا على كل المستويات ورغم المقاومة الشرسة من الجيش والقوى المضادة للثورة، إلا أن الجميع يعلم أن الثورة مستمرة والوعي السياسي مستمرا، وتلك هي المكاسب الحقيقية للثورة.
الثورة خرجت بالسيسي والاستقطاب السياسي
كل ما خرجت به ثورة يناير حتى الان، هو السيسي والذي تولى السلطة في أعقاب انقلاب عسكري على الرئيس السابق محمد مرسي، كما اوضحت صحيفة «فويس أوف أميركا» والتي أكدت في مقال للمحلل السياسي «إدوارد ييرانيان»، أنها تواجه الآن خيارات أمنية وسياسية واقتصادية صعبة للغاية، خاصة بعد تحول الثورات الأخرى في المنطقة العربية كسوريا واليمن وليبيا إلى حروبٍ دموية، غير أن مصر استطاعت تفادي هذا المصير والذي كان محتملا.
وأضاف الكاتب أن السيسي فقد الشعبية التي جاء بها بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، ورغم أنه لا يوجد أي حسابات دقيقة الآن لقياس مدى شعبيته إلا أنه من الواضح أنها انخفضت إلى حد كبير.
وغير ذلك، أصبحت البلاد مستقطبة سياسيا بشدة، فالإسلاميون غاضبون بسبب الإطاحة بالرئيس مرسي، والليبرالون غاضبون بسبب انخفاض حد الحريات الأساسية والإحباط الاقتصادي الذي أصاب معظم الشعب المصري، أو كما قال الباحث في معهد شاثام «جين كينينمونت»، المصريون لديهم الآن إحساس قوي بالقومية إلا أنها قومية جريحة، بجانب أنهم يشعرون أنهم يستحقون أوضاعا أفضل سياسية واقتصادية.
يجيء ذلك بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي سيفوز فيها السيسي وفقا لاعتقاد الجميع، وكان للسيسي فيها ثلاثة منافسين يعتقد أنهم أقويا وهم خالد علي وأحمد شفيق وسامي عهنان، غير أن اثنين انسحبوا بمحض إرادتهم والآخر سجن بتهم الإساءة للمؤسسة العسكرية ووفقا للمحل السياسي، فإن الحكومةا لحالية تريد ضمان إعادة انتخاب السيسي، رغم التكاليف التي دفعها المصريون في ثورتهم التي نادوا فيها بالديمقراطية.
ودائما ما تدفع الحكومة بأن النظام يواجه تهديدا إرهابيا متصاعدا في سيناء وأن السيسي وحده القادر على إنهئه رغم مرور أربع سنوات على حملة الجيش هناك، وفشله في تحقيق هذا الهدف.
كما يلعب السيسي على تعهداته بتوفير فرص عمل للشباب وإطلاق مشاريع كبرى وإبقاء مصر بعيدة عن الحروب واستعادة المكانة الإقليمية لمصر، كما توضح لافتات حملته الانتخابية التي تم تعليقها في كل ربوع مصر.