شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«جيروزاليم بوست»: تركيا توسع جبهتها في سوريا.. والوضع يزداد تعقيدًا

الهجوم العسكري التركي في عفرين السورية - أرشيفية

قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إنّ تركيا تسببت في تعقيد إضافي للأزمة السورية بقرارها التدخل في «عفرين» تحت مسمى هجوم «غصن الزيتون» العسكري، الهادف إلى القضاء على وحدات حماية الشعب في المنطقة وقوات الدفاع الذاتي؛ خوفًا من تهديدات مستقبلية عليها إذا أنشئت دولة كردية مستقلة. ويرى الأتراك أنّ هجماتهم تستهدف «الإرهابيين»، سواء الأكراد أو تنظيم الدولة؛ بينما أبدى الطرف الآخر استعداده لتحويلها إلى معركة أشبه بمعركة كوباني ضد تنظيم الدولة.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ عفرين منطقة كردية في شمال سوريا عانت من الحرب، والجيش التركي قرر خوض جولة أخرى من القتال فيها، متهمًا الأكراد هناك بأنهم إرهابيون. غير أنّ لمعركتها فيها تداعيات إقليمية ودولية ترتبط بالسياسة الخارجية لواشنطن وموسكو. وفي أول رد فعل دولي، دعت فرنسا إلى عقد اجتماع في مجلس الأمن لمناقشة الأزمة.

وانضمت القوات البرية التركية إلى حملة جوية ومدفعية استهدت وحدات حماية الشعب في عفرين. وقالت هيئة الأركان العامة التركية إنّها تستهدف 153 هدفًا إرهابيًا في المدينة ومخازن أسلحة وذخائر تستخدمها المنظمات الإرهابية؛ كحزب العمال الكردستاني والاتحاد الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب الشعب وتنظيم الدولة.

وتتهم تركيا الجماعات الكردية هناك باتخاذ عفرين بؤرة إرهابية لهم. وبجانب الأكراد، تقول تركيا إنها تستهدف تنظيم الدولة أيضًا؛ بالرغم من غموض وجود تنظيم الدولة هناك من عدمه، كما إنّها لم تستهدف حتى الآن أي وكر له.

وقال الجيش، في بيان نشرته وكالة «أنباء الأناضول»، إنّ أنقرة تؤكد أن توغلها الأخير في سوريا يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي في حق الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة واحترام وحدة أراضي سوريا. وقالت مصادر تركية إنّ الهدف من «غصن الزيتون» القضاء على وحدات حماية الشعب في عفرين، وتقول تركيا إنّ 25% من سوريا و65% من الحدود السورية التركية تسيطر عليها حاليًا «المنظمة الإرهابية».

وأطلقت تركيا هجوم «درع الفرات» في أغسطس 2016 على طول الحدود من طرابلس إلى كيليس لإزالة تنظيم الدوة من على حدودها والسيطرة على أراضي وحدات حماية الشعب في شمال سوريا، التي كانت تتحرك غربا باتجاه عفرين.

ويتهم معارضون، لا سيما من يؤيدون وحدات حماية الشعب والمدنيين الأكراد في عفرين، تركيا بدعم متطرفين من الجماعات المعارضة في شمال سوريا واستخدامهم لمحاربة الأكراد.

وأكد «جيسور سيمونارسون»، أحد مؤسسي شركة «كونفليكت نيوز»، على موقع تويتر، أنّ تركيا تسعى إلى استبدال وحدات حماية الشعب في عفرين بمليشياتها التي تعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في إدلب، موضحا أن أنقرة أرسلت مسلحين إسلاميين يستقلون حافلات من مقاطعة كيليس في تركيا إلى سوريا، وأظهرت لصور ومقاطع فيديو نشرت على الإنترنت وجود جماعات متمردة سورية تدعم الهجوم التركي وتهدد الأكراد بالقتل في «الحرب المقدسة».

وتثير معركة عفرين نظامًا عرقيًا، ليس بين وحدات حماية الشعب الكردية فقط، يل أيضًا بين الأكراد والتركمان.

وأشاد «طارق سولاك»، قائد الفرقة المسلحة الساحلية الثانية فى منطقة «باير بوكاك» التركمانية، بالهجوم فى تصريحاته لوسائل الإعلام التركية، قائلا إن الهجوم سيساعد الشرق الأوسط بأكمله، مدعيا أن «الإرهابيين» من حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني يجبرون العرب والأكراد والتركمان المحليين على الهجرة من عفرين.

ويضيف أن التوغل التركي في عفرين هو جبهة جديدة لتركيا في النزاع السوري.

ويتزايد الدور التركي في شمال سوريا منذ عام 2016، بعد تدخلها العسكري في جرابلس، وكان هدفه الظاهري محاربة تنظيم الدولة؛ لكن الولايات المتحدة أفسدت مساعها، بعد إرسالها قوات تحارب جنبا إلى جنب مع حلفائها الأكراد وقوات الدفاع الذاتي.

ومنذ ذلك الحين، فهمت تركيا أن الولايات المتحدة لديها خط أحمر في شرق سوريا. وبدلًا من ذلك، بدأت تركيا في التركيز على تعزيز الجماعات المتمردة السورية في إدلب شمال سوريا، وتطويق منطقة عفرين الكردية، وفي يوليو الماضي حذّرت من هجوم محتمل في عفرين، وكان التحذير بمثابة تمهيد لفظي لتدخلها فيها عسكريا.

وتشير مصادر رفيعة المستوى إلى أن الهجمات في عفرين ستؤذي قرابة مليون مدني كردي في المنطقة.

وخففت القوات السورية من وجودها العسكري في المنطقة في عام 2012؛ للتركيز على محاربة المتمردين في مناطق أخرى، لكن وحدات حماية الشعب سارعت لملء الفراغ هناك تمركزت فيها؛ ما أدى إلى تعقيد العلاقات بينها وبين النظام السوري، وبمرور الوقت أصبحت قوات الدفاع الذاتي ووحدات حماية الشعب حليفا رئيسًا للولايات المتحدة.

وكان لروسيا في البداية علاقات ودية مع وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، وسعت لضمها إلى المفاوضات بشأن الوضع في سوريا بعد الأزمة، المسماة محادثات «سوتشي».

وفي عام 2017، توطدت العلاقات الروسية التركية، وعقد الرئيسان التركي والروسي اجتماعات عدة، وقال مصدر رفض ذكر اسمه إنّ روسيا تعاقب الاكراد على شراكتهم مع الولايات المتحدة، وحثتهم مرارًا على تسليم حقول غاز دير الزور بالإضافة إلى عفرين؛ لكن الأكراد رفضوا. وحررت قوات الدفاع الذاتي حقول الغاز من تنظيم الدولة في سبتمبر 2017 لصالح الولايات المتحدة، التي قالت إنها لن تسلم مترًا واحدًا منها.

وبذلك؛ ارتبطت وحدات حماية الشعب بالمنطقة، كما إنها جزء من مظلة القوات الموصولة بالولايات المتحدة التي تخطط لبقاء طويل الأمد في سوريا، وتشرع في تدريب مزيد من القوات الآن لإرسالهم إلى هناك؛ بحجة منع عودة تنظيم الدولة مرة أخرى. لكنّ البنتاجون ووزارة الخارجية الأميركية ذكرا أنّ هجمات أميركا العسكرية لا تضم منطقة عفرين التي دخلتها تركيا مؤخرًا.

وبالمثل، يمتلك الروس مراقبين في عفرين، ويرونها مجرد كبش فداء يمكن تقديمه إلى تركيا بسهولة؛ بالرغم من تاكيدات النظام السوري المتحالف مع روسيا بأنه لن يسمح للطائرات الحربية التركية بأن تقترب من أراضيها. لكنّ تركيا تقول إنها نفذت حتى الآن عشرات الغارات الجوية في المنطقة.

ولم يبد النظام السوري حتى الآن رد فعل تجاه هجوم تركيا، لكنه أدانه. ويشعر الأكراد هناك أنهم يتخلّون عن أنفسهم ويدفعون ثمن شؤون الآخرين. وقال المصدر نفسه إنّ التدخل العسكري التركي في عفرين يشكّل حربًا على مصالح الولايات المتحدة، بينما الأكراد هم من يدفعون الثمن.

وفي 16 يناير، أفادت تقارير بأنّ الولايات المتحدة تريد بناء قوة حدودية محلية قوامها 30 ألفًا في شرق سوريا، كجزء من وجودها المتزايد هناك، وبعد أن أعربت تركيا عن معارضتها، لم تتحدث الولايات المتحدة مرة أخرى عن زيادة في القوات هناك، ويعتقد مقربون من وحدات حماية الشعب أن الولايات المتحدة ستضغط على تركيا لوقف الهجوم.

ومع ذلك، قال مصدر آخر مطلع على الموقف التركي إنّ عوامل تؤثر على سياسة أنقرة؛ الأول: مدى تأثير وحدات حماية الشعب بين عفرين والفرات ومخاوف تركيا بشأن ارتباط وحدات حماية الشعب. وبالمثل، أكّد مصدر في تركيا غياب اعتراض حقيقي على خطوة تركيا، مضيفًا أن الحكومة التركية لا تعاني من نقص الدعم، مرجعًا الدعم الكثير إلى حساسية تركيا تجاه وجود دولة كردية.

وأضاف أنّ تركيا استغلت دعم الولايات المتحدة للأكراد لادعاء وجود تهديد متزايد على حدودها. وترى تركيا أنه كان لا بد من مواجهة الموقف الأميركي المتزايد في شرق سوريا، وكانت عفرين المكان الذي يجب أن تواجهه رمزيًا، مضيفًا أيضًا: «كنا نعلم أنّ الهجوم سيبدأ؛ لكن كانت لدينا شكوك حتى انسحب الروس منها».

ومهّدت أنقرة للهجوم كثيرًا في وسائل الإعلام، وخرج محللون أتراك يدافعون عن الهجوم العسكرية؛ بزعم أنّ وحدات حماية الشعب والأكراد يشكلون تهديدًا صريحًا على الدولة التركية.

وفي الوقت نفسه، تتحدث وحدات حماية الشعب بأنّ معركة عفرين ستصبح كوباني ثانية، في إشارة إلى معركة كوباني ضد تنظيم الدولة بين عامي 2014 و2015، مهددين بالقضاء على القوات التركية إذا ما قررت محاربتهم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023