أوضحت المراسلات المسربة من البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية إبّان عهد أوباما، أنّ الجميع، بمن فيهم مكتب الإرشاد والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، اعتقدوا أنّ رئيس الجمهورية محمد مرسي شخصية ضعيفة لا يمتلك طموحًا شخصيًا؛ لكنّ ما فعله وحديثه عن رغبات الشعب المصري وتأكيده على اتباعها، بجانب علاقاته مع القادة والدبلوماسيين الأجانب؛ أثبتوا خطأ اعتقادهم، وأكّد أنه أقوى شخصية في مصر حينها!
وجاءت هذه التسريبات ضمن الملفات المسربة الللي نشرتها ويكيليكس في ٢٠١٦ عن هيلاري.
ونفت المراسلات تحكّم مكتب الإرشاد في ما يقعله مرسي أو يتدخل في قرارته. وتيقّن محمد بديع، مرشد الجماعة، من أنّ مرسي لن ينفذ الأوامر حتى لو صدرت من مكتب الإرشاد، ومارس بديع نفوذًا أيضًا على أعضاء المكتب.
ووفقًا لما ترجمته «شبكة رصد»، أخبر المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين مستشاريه بأنّه ومجلس الإرشاد قلّلا من تقدير الرئيس المنتخب حديثًا محمد مرسي، لا سيما من طموحه الشخصي، وأوضح بديع في حديثه مع سعد الكتاتني، رئيس مجلس النواب فيما بعد، أنه من الواضح أن المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس الدولة المؤقت والقائد الأعلى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ارتكب الخطأ نفسه؛ إذ اعتقد مع مكتب الإرشاد أنّ محمد مرسي لطيف، لكنه سريع الغضب، ويهتم بالدرجة الأولى بالعمل الداخلي لحزب الحرية والعدالة.
وبدلًا من ذلك، بدا مرسي كأنه خبير استراتيجي متطور، مؤكدًا أمام المسؤولين الحكوميين الآخرين الرغبة القوية لدى غالبية الشعب المصري في مدة من السلام والاستقرار بعد 18 شهرًا من الثورة والاضطرابات السياسية. وبناء على ذلك، في رأي بديع، تفوّق مرسي على مجلس الإرشاد والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بجانب حلّه للصراعات الطويلة الأمد مع قيادات حزب النور السلفي؛ وهو ما جعله أقوى شخصية في مصر حينها.
ووفقًا لمصدر متصل بأعلى المستويات في جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، عقد بديع والكتاتني اجتماعات ساخنة مع مرسي في أواخر يونيو وأوائل يوليو 2012، بعد إدراكهما أنّه أجرى اتصالات سرية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتحل محل سلسلة المحادثات بين موظفي بديع ومستشاري طنطاوي في العامين الماضيين، وكانوا قلقين بشكل خاص بعد معرفتهما أنّ مرسي تبنى جوانب من الخطة الدستورية للجيش، خاصة فيما يتعلق بالرئاسة والحكومة؛ وتضمنت خطة الإخوان المسلمين المصاغة في أبریل 2012 تفویض السلطة الحقیقیة لرئاسة الوزراء والبرلمان.
وقال المصدر أيضًا إنّ الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أجريا استطلاعًا داخل الدولة، ووجدا أنّ المواطنين يرغبون في وجود حكومة مدنية جديدة، ولا يرغبون في انتظار صياغة دستور جديد أو انتخاب برلمان جديد كي تعود الحياة إلى طبيعتها.
وبوجود هذه المعلومات في متناول يد بديع، قرّر في أواخر يوليو تبني مكانة منخفضة والسماح لمرسي باتخاذ موقف مهيمن داخل مجلس الإرشاد وحزب الحرية والعدالة.
ويضيف المصدر أنّ مرسي وعد باستشارة بديع بشأن جميع القرارات السياسية الرئيسة. ويرى المصدر الذي أمدنا بالمعلومات أنّ بديع اعتقد أنّ مرسي لن يفي بهذا الوعد؛ إذ اعتقد المرشد أنّ علاقات مرسي وقدرته على التعامل مع القادة والدبلوماسيين الأجانب عززا من قبضته على السلطة، غير أنه أضاف بشكل خاص أنّ مرسي سيواجه أوقاتًا صعبة في مسعاه للحفاظ على الهيكل السياسي للحكم، وفي الوقت نفسه سيراقب مكتب الإرشاد أي عقبات تواجهه.