أوضحت المراسلات المسربة من بريد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إبّان عهد أوباما أنّ الرئيس المصري محمد مرسي رأى الهجوم المطلق من سيناء في 5 إبريل 2012 على «إسرائيل» نقطة تحوّل لحكومته الجديدة؛ فبينما يلتزم مرسي بفكرة أن تبقى مصر إسلامية، واجه تحديًا في السيطرة على الجماعات المعارضة العنيفة في سيناء للحكومة المركزية في القاهرة، بغض النظر عن من هم.
وجاءت هذه التسريبات ضمن الملفات المسربة الللي نشرتها ويكيليكس في ٢٠١٦ عن هيلاري.
وفي الوقت نفسه، وفقًا لمصدر «بارز للغاية»، سمح الحادث لمرسي بالتعامل مع القيادات العسكرية العليا في مصر والمسيّسة للغاية واستبدالهم بالجنرالات الأصغر سنًا ذوي علاقات العمل الجيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا و«إسرائيل».
وأدّى ضعف الأداء لجهاز المخابرات والأمن العام المدني حينها إلى إعادة تنظيم القيادات، ويعتقد المصدر أيضًا أنّ مرسي رأى نظام المعلومات الجغرافية «جي آي إس» يشكّل تهديدًا محتملًا لنظامه، وخشي أن يعمل على تقويض سلطته. وأضاف المصدر أنّ جهاز المخابرات الحربية كان المهيمن على الأمور الأمنية في مصر حينها، خاصة وأنّ مديره السابق عبدالفتاح السيسي هو الآن وزير الدفاع والشخصية المهيمنة في جهاز الأمن القومي.
وأضاف المصدر أنّ هجوم سيناء قاده منشقون أصوليون رُحّل لا يدينون بأي ولاء للقاهرة ومعادون جدا لـ«إسرائيل»، جنّدتهم قبيلة السواركة. ويرى مسؤولون أمنيون مصريون و«إسرائيليون» أنّ الجماعات المسلحة المعادية لهم ويتطلعون لمهاجمتها أهدافًا سهلة للتجنيد، ويعقّدون العلاقة بين مصر و«إسرائيل».
ويعتقد المصدر أنّ السيسي ووزارة الداخلية سيعملان مع «إسرائيل» لمعاجلة هذه المشكلة؛ لكنه حذّر من قبيلة السواركة، الموجودة منذ أكثر من ألف سنة؛ لأنها لن تُردع بسهولة.
وأوضح أنّ مرسي شعر بالقلق من تدهور الوضع في سيناء مع استمرار المشاكل الاقتصادية للبلد، خاصة بعد إثارة أزمة بين «إسرائيل» والقاهرة.
وقال مصدر على اتصال بجهاز المخابرات الحربية إنّ مسلحين قادوا هجومًا عند غروب الشمس يوم 5 أغسطس قُتل فيه 16 ضابطًا ومجندًا، واستولى المهاجمون على مدرعتين واخترقوا الحدود «الإسرائيلية».
وأخبر ضابط جيش احتلالي المصريين حينها بأنّ مدرعة فُجّرت والأخرى استهدفتها غارة جوية. وكان هذا أسوأ هجوم وأشدّه يطال القوات المسلحة بسيناء في آخر عقدين، وكذلك الخطوة الأولى لبدء نشاط الأصوليين المعارضين.
وأعقبت هذا الهجوم هجمات أخرى طالت خط الغاز مرات، ورأى مرسي أنّها نتيجة للفوضى داخل الأجهزة الحكومية والأمنية في مصر منذ ثورة يناير 2011، وانتقد مرارًا ضعف أداء جهاز المخابرات وجهله بالأنشطة الإرهابية التي ستقع والأنشطة الانشقاقية في سيناء حينها. وحذّر السيسي مرسي آنذاك من أنّ هذه الأنشطة يقودها أبناء القبائل في سيناء، لكنه عما قريب سينضم إليهم مجندون من جميع أنحاء الجمهورية.
وتنخرط قبيلة السواركة بجانب قبائل أخرى في أنشطة تهريبية بين سيناء وغزة، وتقيم علاقات سرية مع أجهزة الأمن التابعة. ومن بعد الحادث بدأ التنسيق الأمني بين السيسي و«إسرائيل» للوصول إلى معلومات استخباراتية، وتجنب الاتصال العرضى بالقوات الخاصة «الإسرائيلية».
وقال مصدر على اتصال بمؤسسة الرئاسة إنّ السيسي أخبر مرسي بأنّ القوات الخاصة المشاركة في أنشطة بسيناء غاضبة من التعامل مع مدنيين.
وقال مصدر آخر رفيع المستوى إنّ الهجوم بداية الحديث عن تعديل اتفاقية كامب ديفيد، التي سمحت بنشر قوات الجيش والطائرات الحربية في سيناء وبمجرد انتهاء الأنشطة يتحتم عليها العودة مرة أخرى إلى غرب قناة السويس؛ لكنّ المصدر أكّد أيضًا أنّ المجندين المرسلين إلى سيناء غير مؤهلين أو مدربين بشكل جيد في التعامل مع حروب العصابات.