رغم التأكيدات بأن إجراءات نقل السفارة الأميركية للقدس لن تتمّ قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلا أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، كشفت الجمعة، أن واشنطن «تتحرّك بشكل أسرع من المتوقع» لنقلها بحلول العام المقبل 2019.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين كبار، قولهم أن خطط إدارة ترامب، بعد اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، تشي بأنها «لم تعد تكترث بتخفيف أثر العاصفة التي يمكن أن تولّدها سياستها الجديدة»، التي أثارت ردود فعل غاضبة على المستوى الشعبي والرسمي، وعلى الصعيد العربي والإسلامي والعالمي.
وتستعيد الصحيفة، في هذا الإطار، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي تحدّث للمرة الأولى، الأربعاء، عن احتمالات وجود «تحرّك سريع» في اتّجاه نقل السفارة، قائلاً لصحافيين إنها قد «تنقل في غضون العام»، وهذا ما دفع الرئيس ترامب، بعد ساعات من ذلك، إلى النفي، قائلًا: «نحن لا نتطلّع حقيقة إلى ذلك».
بينما يقول مسؤولون إنّ ترامب قصد بكلامه بناء مجمع السفارة الجديد بأكمله، تشير الصحيفة إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان مستشارو ترامب قد أطلعوه على الجدول الزمني الجديد حتى يوم الخميس.
مبنى «أرنونا»
وقالت الصحيفة أنَّ وزارة الخارجية استقرّت، منذ ذلك الحين، على خطّة أكثر «تواضعاً» تقتضي باعتماد مبنى قنصلي قائم بالفعل في منطقة «أرنونا»، وهي واقعة في القسم الغربي من القدس المحتلة.
وأوضحت أن ذلك من شأن تقليل تكلفة المشروع، وأن يسمح للسفير الأميركي لدى «إسرائيل»، دافيد فريدمان، وموظفيه، بالانتقال إلى هناك في وقت مبكر من العام المقبل.
وأضافت الصحيفة، أن توقيت تلك الخطوة تسبب في توتّر بين وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، والبيت الأبيض، مبيّنة أن فريدمان، السفير الأميركي، الذي عمل محامياً لترامب في السابق، هو من دفع إلى نقل السفارة هذا العام، ودعمه في ذلك صهر ترامب ومستشاره المقرّب، جاريد كوشنر.
وذكرت أن تيلرسون قدّم التماساً إلى ترامب في اجتماع تمّ يوم الخميس، طالباً مزيداً من الوقت لترقية أمن المبنى، وهو ما وافق عليه الرئيس.
كما نقلت الصحيفة عن مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية والشؤون العامة، ستيفن غولدشتاين، قوله: «ما ستراه من الوزير هو أننا سنفعل ذلك وفق الوتيرة الأمنية وليس وفق الوتيرة السياسية».
قرار احدي
وفي قرار احدي اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر الماضي، بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وبدء نقل سفارة واشنطن إلى المدينة المحتلة في خطوة مخالفة لجميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصفة القانونية للقدس،الأمر الذي أثار رفضًا دوليًا واسعًا.
وتسبب قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس بموجة غضب في العالمين العربي والإسلامي، كما رفضته معظم الدول الغربية.
دفع ذلك إلى تقديم تركيا واليمن مشروع قرار للأمم المتحدة أقره الأغلبية بواقع 128 صوتًا، الشهر الماضي، إذ يؤكد اعتبار القدس «من قضايا الوضع النهائي، التي يتعيّن حلّها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، وذلك عقب استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضد مشروع القرار الذي قدمته مصر في مجلس الأمن الدولي لإدانة إعلان ترامب.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، ويحذرون، ومعهم دول عربية وإسلامية، من أن تغيير وضع القدس من شأنه إطلاق غضب شعبي واسع، وإنهاء عملية السلام تماما،
واحتلت الكيان الصهيوني القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت لاحقاً ضمها إلى القدس الغربية، معلنةً إياها «عاصمة موحدة وأبدية» لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.