«لم يكن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مفاجئًا لمعظم الفلسطينيين؛ فالدعم السياسي والتمويل العسكري الأميركيين للكيان أقدم من احتلاله لفلسطين. بيد أنّ القرار كشف ماهية السلام، وفساد القيادة الفلسطينية وأنها خاضعة للإفلاس السياسي».
هكذا يرى الكاتب الفلسطيني «رمزي بارود» الأوضاع في فلسطين، ويعرض أسبابه وحلّ الأزمة في مقاله على «شبكة الجزيرة»، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، مؤكدًا أنّ القيادة الفلسطينية إذا كانت على درجة أدنى بالإحساس بالمسؤولية فستجري فورًا إصلاحًا شاملًا داخل صفوفها، وتفعّل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتوحّد جميع الفصائل الفلسطينية تحتها، بجانب إعلان استراتيجية موحدة مستوحاة من تطلعات الشعب وتضحايته.
وطالب رمزي الفلسطينيين بأن يبدؤوا من جديد بخطاب ودم سياسي جديدين، ونظرة مستقبلية تقوم على الوحدة والمصداقية والكفاءة؛ ولا يمكن أن يتحقق ذلك عبر الوجوه القديمة الموجودة حاليًا وأثبتت فشلها؛ فمنذ توقيع ترامب على قانون سفارة القدس في 6 ديسمبر، أعرب مثقفون فلسطينيون عن أفكارهم بشأن المسار الصحيح للعمل من أجل قيادتهم وشعبهم، ولم يكن خطاب القادة إلا انتهازيًا.
واطّلع رمزي على رأي 14 مثقفًا فلسطينيًا من مختلف الأنحاء الداخلية ومن الخارج، وأفكارهم ورؤاهم بشأن الاستراتيجية الجديدة لمرحلة ما بعد الاعتراف بالقدس.
1- العودة إلى الجذور.. سلمان أبو ستة (مؤرّخ ورئيس جمعية الأراضي الفلسطينية)
يقول إنّ اتفاقية أوسلو يجب أن تكون درسًا للقيادة الفلسطينية لمفهوم القيادة السليمة، ودرسًا للشعب الفلسطيني نفسه بأنّ حقوقه غير قابلة للتصرف فيها. لكن، لم يتعلم أحد منهما الدرس.
وأثبتت السنوات السبعين الماضية أنّ الفلسطينيين ليسوا لاجئين يبحثون عن المأوى والغذاء بقدر ما هم شعب متماسك، لديه مجلسه الوطني، الذي يُنتخب أعضاؤه وفقا للمواثيق الوطنية لعامي 1964 و1969، كما أنه يمتلك منظمة التحرير الفلسطينية المنتخب أعضاؤها أيضًا.
والفلسطينيون ليسوا بحاجة اليوم إلى استراتيجية وطنية جديدة؛ بل العودة إلى الجذور والقضاء على أخطاء أوسلو، التي أضرّت بقضيتهم أكثر من وعد بلفور. و«نحن بحاجة إلى 13 مليون فلسطيني نصفهم ولدوا بعد أوسلو، أن يكونوا ممثلين في المجلس الوطني الفلسطيني، والتي يمكن أن تزدهر بقيادة جديدة شابة وفعالة، بالإضافة إلى عدم المجلس من الخرج».
دعونا نعود إلى الجذور ونكتفي من اللوم والشكوى؛ فالوقت وقت عمل لا حديث.
2- توحيد الشعب.. لميس أندوني (كاتبة وصحفية مقيمة في الأردن)
ترى أنّ المهمة الواجبة والخطوة التالية هي إعادة توحيد الشعب الفلسطيني ضد ما تسمى «صفقة القرن»، التي تكشّفت أمام أعيننا بسرعة. فصفقة ترامب ليست سوى محاولة أخرى لإضفاء الشرعية على سيطرة «إسرائيل» على جميع الأراضي الفلسطينية وإهدار الحقوق الشرعية للمواطنيين أصحاب الأرض؛ لا سيما حق العودة.
ونصحت الكاتب بتجنّب التركيز على فكرة حلّ الدولتين أو دولة واحدة بقدر التركيز على توحيد الفلسطينيين على هدف واحد؛ وهو تحرير أراضيهم المحتلة، وتفكيك مشروع الكيان الصهيوني.
أيضًا، ثمّة حاجة ملحة لإعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية، والتركيز على دعوات مقاطعة «إسرائيل»؛ وهذه أدوات حاسمة في النضال الفلسطيني، بجانب التوقف عن الاعتماد على المساعدات الخارجية.
3- هزيمة الصهيونية.. مازن قمصية (مؤلف وعالم ومدير متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي)
يقول: «أخبرني أحدهم ذات مرة أننا يجب أن نركل الحصان الميت من حل الدولتين»، وهذا الحصان خياليٌّ اخترعه ديفيد بن جوريون في عشرينيات القرن المنصرم.
اقترح مازن ثلاثة سيناريوهات للنضال ضد العدو الصهيوني:
- النموذج الجزائري: وهو مكلّف جدًا، ومن غير المرجح تنفيذه في فلسطين.
- النموذج الأسترالي: الذي انتهى بفوز نسبي للمستعمرين، كما أنه جاء بكلفة كبرى.
- نموذج بقية العالم: نجح في أميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا وجنوب إفريقيا؛ يعتمد على إنشاء بلد مشترك لجميع الشعوب بعد إنهاء الاستعمار.
والنموذج الأخير هو ما يمكن تطبيقه في فلسطين، وثمة تفاؤل بشأن انتهاء الصهيونية.
4- إحياء منظمة التحرير الفلسطينية.. سماء أبو شرار (صحفية وناشطة ببيروت)
طالبت سماء الفلسطينيين في كل مكان بأن يعتمدوا نهجًا جديدًا لإضفاء مزيد من الشرف على قضيتهم، وطالبتهم بما يلي: توحيد جميع مراكز التفكير الفلسطينية تحت مظلة واحدة؛ لوضع استراتيجية جديدة قادرة على التعامل مع الوضع الفلسطيني الحالي وتقييمها.
بجانب تفكيك السلطة الفلسطينية وإلغاء اتفاقات أوسلو، وانتخاب قيادة شبابية بديلة ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، تمثل الفلسطينيين في كل مكان، وقادرة على توحيدهم والعمل من أجل حل دولة واحدة مع حقوق متساوية للفلسطينيين، وتشجيع جميع أشكال المقاومة، بما في ذلك المسلحة.
أيضًا، تعبئة الفلسطينيين الأغنياء في الخارج لإقامة نظام دعم على المستوى الأخلاقي والمالي للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، واللاجئين في الخارج.
5- انتفاضة ثالثة.. إبراهيم سعد (كاتب وأكاديمي في المملكة المتحدة)
ولأن صائب عريقات قال من قبل إن قواعد اللعبة تغيرت، فعندما تتغير قواعد اللعبة يجب أيضا أن يتم تغيير اللاعبين، وفقا لسعد، والذي أضاف، أنه إذا أراد عباس وجماعته، أن يتجمع الناس حوله، أن يتراجعوا عن دورهم كشجعان، وأن ينسحبوا من السياسة، تراكين ورائهم الوظفين والإداريين لإدارة الأمور اليومية لحياة الفلسطينيين.
واندلاع انتفاضة ثالثة هو الحل، وهي بالفعل على وشك أن تتحقق، ويجب أن يعاني الإسرائيليون من عواقب أعمالهم.
6- دولة واحدة للجميع.. سماح سبعاوي (كاتبة مسرحية ومستشارة سياسية لشبكة الجزيرة)
يبدو أن القيادة الفلسطينية عالقة في دائرة وتحاول بهدوء إيجاد سبل لإنقاذ فكرة حل الدولتين بالسعى إلى وسيط جديد لعملية السلام لتحل محل الولايات المتحدة، موضحة أن وجود وسيط غير صادق كان واحدا من الفخاخ التي احاطت بعملية السلام، ووجودها – تقصد أميركا – كان لشل حركة المقاومة الفلسطينية، وتعزيز الاعتماد الفلسطيني على المساعدات.
وما نحتاج إليه اليوم، وهو توقف السلطة الفلسطينية عن كل أشكال التعاون الأمكني مع «إسرائيل»، وأن يفسح الحرس القديم داخل منظمة التحرير، الطريق أمام جيل جديد من القيادات الشابة.
7- استراتيجية تتماشى دوليًا.. سام بحور (رجل أعمال فلسطيني أميركي)
لإعلان الرئيس الأميركي نقطتان؛ الأولى: القرار ألحق الضرر بموقف أميركا المتدهور أصلا في الشرق الأوسط، وترك الباب مفتوحا أمام لاعبين إقليميين آخرين، والأخرى: أنه تأكيد لما يقوله الفلسطينيون منذ عقود بأن الولايات المتحدة على الجنب الخطأ من هذا الصراع.
ولذا؛ لا بد من استراتيجية دولية جديدة تدعم الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني.
8- نعم للمقاومة لا للنخبة السياسية.. يوسف الجمل (مرشح دكتوراه فلسطينية في جامعة ساكاريا بمعهد الشرق الأوسط بتركيا)
طالب الشعب الفلسطيني باعتماد نهج مكون من ثلاثة مستويات، الأول بناء جبهة فلسطينية موحدة تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني، بشرط أن لا تضم نخب ظهرت في الفترة السابقة، والثاني يجب على الفلسطينيين أن يبدؤوا في حركة مقاومة جديدة واسعة النطاق ضد الصهاينة، كما يجب عليهم لأأن يتوقفوا عن المناداة بفكرة حل الدولتين، وأن يعتمدوا استراتيجية تقوم على اكتساب حقوق متساوية في الداخل ومعاقبة «إسرائيل» دوليا.
9- انتفاضة دولية.. إياد برناط (رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار)
قرار ترامب هو استمرار للخطة الصهيونية القائمة على أرض، وخطة لإخلاء السكان الأصليين من الأرض، أي التطهير العرقي، مضيفا أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، هو إلغاء السلطة الفلسطينية وتشكيل قيادة وطنية موحدة تضم جميع فصائل المقاومة والقاعدة الشعبية، والعمل على جذب الدعم العالمي.
10- حركة مقاطعة «إسرائيل».. رندة عبدالفتاح (أكاديمية في جامعة ماكواري بأستراليا)
التصاعد العالمي للعنصرية اليمينية المتطرفة، يتيح الفرصة للتأكيد مجددا على أن قضية تحرير فلسطين، معقدة للغاية، مضيفة «لذا يجب علينا أن نتحرك بسرعة في طريق حركة مقاطعة إسرائيل وأن ندعمها بشكل كامل.
11- الأمم المتحدة.. حيدر عيد (أستاذ مشارك في جامعة الأقصى بغزة)
لا بد من باستراتيجية جديدة تماما تخرج عن النظام السيساي القائم حاليا، بما في ذلك معارضة أوسلو، وعدم التعاون مع النظام السياسي الحالي، موضحة أن أزمة القيادة الحالية بل وجميع الأحزاب السياسية أضبحت متأصلة عميقا، والسبيل الوحيد للمضي قدما، على حد زعمه، هو العزوف عن المشاركة في النظام السياسي الفلسطيني الحالي.
وكذلك إقرار حل ديمقراطي وشامل يستند إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والديمقراطية وحقنا في تقرير المصير، أي دولة علمانية ديمقراطية على أرض فلسطين التاريخية، وهي دولة لجميع مواطنيها بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، وما إلى ذلك.
12- الخوف من الأسوأ في غزة.. روان ياغي (كاتبة بغزة وجامعة أكسفورد)
يجب بذل مزيد من الجهود لعزل «إسرائيل» ومقاطعتها، وإعادة إيجاد استراتيجية موحدة يعيش تحت مظلتها الشعب الفلسطيني وقيادته، متوقعة أن «إسرائيل» ستقود حملات عسكرية خلال الفترة القادمة على غزة، وهو ما يجب العمل على تداركه ومنعه قبل فوات الآوان؛ خاصة بسبب الجو المشحون بالتوتر حاليا.
13- المقاومة.. محمد نوفل (سجين السياسي سابق ومتقاعد)
قرار الرئيس الأمريكي بأحمق، مؤكدا أنه لم يكن ليتم لولا موافقة ضمنية من بعض الدول العربية، مثل مصر والسعودية وبعض الدول الخليجية الأخرى، إلا أن الفلسطيين في أمس الحاجة حاليا إلى تأكيد أصواتهم، وأنهم بالفعل يفهمون «ما أخذ بالقوة لن يُسترد إلا بالقوة».
14- استمرار المقاومة.. أحمد خليل الحاج (ناشط وكاتب بغزة)
أي تسوية تقترحها الولايات المتحدة «خدعة»، وعلى الشعب الفلسطيني الاستمرار في سبل المقاومة حتى يستعيد أرضه بالكامل.