طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالاستجابة إلى المطالب الشعبية للشباب المتعلقة بالإصلاح؛ عبر تنفيذ 5 تغييرات رئيسة في العام الجاري 2018، تشمل الأنظمة القانونية التعسفية والمنتهكة لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من شروع حكومات بالفعل في إحراز تقدم فيها؛ ما زالت معظمها رهينة لعقوبات جامدة وغير منصفة.
وأكّدت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، أنّه على الرغم من الدمار الذي لحق بالمنطقة بسبب الصراعات المسلّحة في 4 دول، والقمع المتزايد في أماكن أخرى؛ فهناك كثير يمكن للحكومات فعله لإعطاء جيل الشباب سببًا للاعتقاد بأنّ التقدّم ممكن في الشرق الأوسط.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث، إنّ القادة السياسيين الراغبين في الوقوف من أجل مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أنه من الممكن الحد من أجندات الشعبوية الاستبدادية، وعندما اجتمعوا مع أطراف فاعلة أثبتوا أنّ صعود الحكومات المناهضة للحقوق في المنطقة ليس أمرًا حتميًا.
وفيما يلي 5 من أهم الإصلاحات التي يمكن لدول المنطقة تنفيذها هذا العام:
1- إلغاء زواج المغتصبين: أوضحت نساء من الشرق الأوسط أنه ليس من المقبول السماح بهروب المغتصب من السجن عبر سنّ قانون يلزمه بالزواج من الضحية؛ فهذه ثغرة قانونية تعود إلى العصور النابليونية، وتوافق الأسر على مثل هذه الزيجات هربًا من وصمة العار وتلطيخ سمعتهم.
وألغت تونس والأردن ولبنان هذه القوانين في 2017، بعد المغرب ومصر، التي فعلت ذلك في السنوات الماضية؛ بينما لا يزال القانون معمولًا به في دول أخرى بالمنطقة «مثل الجزائر والبحرين والعراق والكويت وليبيا وسوريا وفلسطين».
وقالت سارة إنّ القانون بمثابة عار على هذه الدول، مطالبة بإلغاء تطبيقه فورًا؛ تأسيًا بالدول الأخرى.
2- المرأة ليست مِلكًا للرجل
شهد العام 2017 إحراز نساء من الشرق الأوسط تقدمًا ملحوظًا في القضايا الجنسية؛ فأصدرت تونس قانونًا بارزًا بشأن العنف ضد المرأة، واتخذت تدابير لمنع العنف وحماية الناجيات منه، ومعاقبة مرتكبيه.
وفي قطر، سنّت قانونًا بمنح الجنسية للطفل المولود لأم قطرية وأب غير قطري؛ ما يوفر لهم التمتع بحقوق الأطفال القطريين العاديين.
كما وعدت السعودية بأن تنهي الهيئات الحكومية الإجراءات التعسفية لنظام وصاية الذكر، الذي يحرم النساء البالغات من القدرة على التقدم بطلب للحصول على جواز سفر أو السفر دون موافقة ولي الأمر؛ لكن لم تُتّخذ إجراءات في هذا الشأن حتى الآن.
وفي العراق، تمكّن مشرّعون من تقويض حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية؛ بما في ذلك الحد من سن الزواج المسموح به إلى ثمانية.
وطالبت المنظمة الدول الشرق أوسطية بأن تتصرف بسرعة تجاه منح السيدات حقوقًا مساوية للرجل، ومنح الجنسية للأطفال، وإلغاء ما تبقى من نظام الوصاية، والقضاء على التمييز المنهجي في الطلاق وحضانة الأطفال والميراث.
وأضافت «سارة» أنّ معظم النساء في المنطقة ما زلن يقبعن في الجزء السفلي من البرميل العالمي للحقوق والمساواة، والحكومات تتلاعب بمبررات قاسية تستند إلى الثقافة والتفسيرات الدينية.
3- الخروج من منطقة الراحة:
طالب المنظمة الحكومات الشرق أوسطية بضرورة اتخاذ إجراءات ضرورية عاجلة لمعالجة مشكلات الفقر والبطالة وفشل البنية التحتية والاقتصاد المتدهور.
وبدلًا من ذلك، تعكف هذه الحكومات على مطاردة الشباب لأسباب واهية تتعلق بممارسة الجنس خارج إطار الزواج أو الزواج المثلي، وغيرها من الجرائم المزعومة تحت مسمى الأخلاق.
وقالت سارة إنّ كثيرًا من شباب الشرق الأوسط يعرفون جيدًا أنّ الحكومات بذلك تحاول التغطية على فشلها.
4- التوقف عن سجن المواطنين بتهم الازدراء:
دائمّا ما تشرع حكومات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سجن المواطنين تحت تهم فضفاضة؛ مثل «الإساءة إلى سمعة البلاد، أو المصلحة الوطنية، أو الثقافة والدين وغيرهما»، وغالبا ما تتراوح أحكام السجن بين 5 و10 سنوات.
وأكّدت سارة أنّ انتقاد المسؤولين والحكومات من حق المواطنين، ولا يتمتع المسؤولون في مواقع السلطة بحماية خاصة من الانتقاد.
5- إلغاء عقوبات منع السفر:
طالبت المنظمة أيضًا الحكومات العربية والإسلامية بضرورة التوقف عن استخدام إجراءات عقابية تعسفية بحق المواطنين، كالمنع من السفر أو دخول الأراضي؛ وبذلك تحوّل الدولة إلى سجن كبير.
ومؤخرًا، فرضت السعودية حظر سفر تعسفيًا على سعوديين واحتجزت مسؤولين حكوميين أجانب؛ مثل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. ورفضت «إسرائيل» السماح للفلسطينيين بالخروج من المستشفى حتى للعلاج أو التعليم في الخارج، كما جرّدت البحرين مئات مواطنيها من جنسيتهم؛ لمعاقبة عائلات الناشطين.
وقالت «سارة» إنّ الحكومات بذلك تعامل مواطنيها على أنهم ممتلكات حصرية لها، تتصرف فيهم وفقًا لأهوائها.