تصعيد خطير تشهده العلاقات المصرية السودانية، وصلت إلى مرحلة التحركات العسكرية حيث تشهد الحدود بين السودان وإريتريا، وسط اتهامات سودانية لمصر بنشر قوات لها على حدود إريتريا مع السودان.
وأعلن السودان، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، إغلاق حدوده الشرقية مع إريتريا ونشر آلاف القوات على امتداد المنطقة الحدودية.
البشير يحشد الجيش
وقال الرئيس السوداني، عمر البشير، أمس الخميس، إن قوات بلاده مستعدة لصد ما وصفه بـ«عدوان المتربصين والمتآمربن والمتمردين».
ولم يصدر أي تعليق فوري من الجانب المصري تجاه هذا الاتهام، غير أن القاهرة سبق وأن نفت مرارًا تدخلها في الشأن الداخلي السوداني.
وخلال خطاب جماهيري متلفز من مدينة سنجة بولاية سنار (جنوب شرق)، أضاف البشير أن «الجنود جاهزون لصد كل من يتربص بنا»، وكرر حديثه بالقول إن «المجاهدين جاهزون للفوز بالشهادة والدفاع عن وطنهم».
ودعا البشير، الذي كان يرتدي بزته العسكرية خلال خطابه، إلى إحياء ما وصفها بـ«فضيلة الجهاد».
وردد شعار: «جاهزين جاهزين لحماية الدين»، وهو شعار قديم كان يُردد عقب وصول البشير إلى الحكم، عام 1989.
وقال الرئيس السوداني إن ولاية سنار تحتفل اليوم بتدشين العديد من المشاريع الخدمية، «وهي التي قدمت العديد من الشهداء».
نائب البشير يتهم مصر
وفي وقت سابق اليوم، قال مساعد الرئيس السوداني، إبراهيم محمود، إن بلاده تتحسب لتهديدات أمنية من جارتيها مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة «ساوا» الإريترية.
وأوضح إبراهيم محمود، بعد اجتماع لقيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أن الحزب طلب استمرار الترتيبات الأمنية على الحدود الشرقية، بعد تلقي معلومات أمنية عن تهديدات محتملة من مصر وإيرتريا في منطقة ساوا الحدودية.
ونفت إريتريا، الخميس، تقارير أفادت بوصول قوات عسكرية مصرية ومعدات حديثة إلى إحدى قواعدها العسكرية، ووصفتها بأنها «كاذبة».
وأعلنت الخرطوم، السبت الماضي، إغلاق المعابر الحدودية مع إريتريا، وربطت الحكومة الأمر بمرسوم رئاسي، صدر في 30 ديسمبر الماضي، بإعلان الطوارئ في ولاية كسلا الحدودية، لمدة 6 أشهر، على خلفية انتشار السلاح وتدهور الأوضاع الأمنية.
لكن وسائل إعلام سودانية أرجعت إغلاق الحدود، وإرسال تعزيزات عسكرية، وإعلان «التعبئة والاستفنار» في كسلا، إلى «حشود عسكرية مصرية-إريترية ومن حركات دارفورية متمردة موجودة في الجانب الإريتري من الحدود» على حد قولها.
ومن آن إلى آخر تتبادل الخرطوم وأسمرة الاتهامات بدعم المتمردين في البلد الآخر.
فيما تتصاعد الخلافات بين الخرطوم والقاهرة في ملفات؛ منها النزاع على مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد الحدودي، والموقف من سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، فضلا عن اتهامات لمصر بدعم المتمردين المناهضين لنظام البشير.
الأشعل.. تحركات الجيش المصري بعد تحالف السودان وتركيا
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية السابق، إن العلاقة بين مصر والسودان وصلت إلى مرحلة خطيرة، موضحا أنه لا يستبعد تحركات للجيش المصري على الحدود مع إريتريا والسودان، حتى ولو كان بشكل غير مباشر ضد السودان، من خلال دعمها لإرتريا، التي تعتبرها القاهرة حاليا فرصتها للضغط على كل من إثيوبيا والسودان.
وأرجع الأشعل، في تصريح خاص لـ«رصد»، أسباب التحرك العسكري المصري إلى أن مصر ترى في كل تحالف يضم قطر وتركيا تهديدا لتحالف القاهرة وأبوظبي والرياض، وهو ما يجب التصدي له من وجهة نظرهم.
وأضاف الأشعل، أنه يبدو أن العلاقات بين مصر والسودان في طريقها للتأزم أكثر، وأن الضغط المصري لن يجبر السودان على التراجع عن مواقفه، بل على العكس سيصعد من الأزمة، خاصة في ظل كثرة الملفات الخلافية بين البلدين.
وأوضح الأشعل أن القاهرة لم تدرك بعد أن السياسة السودانية قد تغيرت؛ حيث أصبح السودان أكثر جرأة ويمتلك هامش مناورة أكبر.