يبدو أن نظام عبدالفتاح السيسي قرر زرع لغم قبل كل خطوة لانتخابات الرئاسة المقبلة، فلم يكتفِ الرجل بما فعله من منع أي منافس حقيقي له من الترشح، بداية من حملات التشويه الإعلامية ضد المرشحين المحتملين، ثم تهديدهم بفضح ملفاتهم، وملاحقتهم قضائيًا، ووصل الأمر إلى تحديد إقامتهم.
وأخيرا جاء قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعلان الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة في العام 2018 وشروط الترشح ومواعيد الجولة الأولى وجولة الإعادة والحد الأقصى لسقف الإنفاق في الدعاية الانتخابية، ليضاف إلي الألغام التي زرعها السيسي لكل من تسول له نفسه ويترشح لانتخابات الرئاسة.
ويرصد التقرير التالي أبرز الألغام التي زرعها السيسي في وجه من يفكر في الترشح في انتخابات الرئاسة، ومنع أي منافس حقيقي لعبدالفتاح السيسي من الترشح.
شروط الترشح لانتخابات الرئاسة
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة في العام 2018 وشروط الترشح ومواعيد الجولة الأولى وجولة الإعادة والحد الأقصى لسقف الإنفاق في الدعاية الانتخابية، وكيفية الحصول على الرموز الانتخابية.
وقال لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، أمس الإثنين، إن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستجرى داخل البلاد على مدى 3 أيام من 26 إلى 28 مارس، الأمر الذي أثار المخاوف من طول مدة أيام الأقتراع.
وأضاف، في مؤتمر صحفي، أن الانتخابات ستجرى في الخارج في أيام 16 و17 و18 مارس، وتابع أنه في حال إجراء جولة إعادة ستعقد في الداخل من 24 إلى 26 إبريل وفي الخارج من 19 إلى 21 إبريل.
وقال رئيس اللجنة العليا، إنه سيتم تلقي طلبات الترشح من 20 يناير وحتى 29 يناير بمقر الهيئة بشارع قصر العيني وسط القاهرة، وإعلان ونشر القائمة المبدئية للمرشحين يومي 30 و31 يناير، وتلقي الطعون يومي 1 و2 فبراير.
وأضاف لاشين أنه سيتم فحص طلبات الترشح والفصل في الطعون 5 فبراير، وتلقي تظلمات المرشحين 7 و8 فبراير، وتقديم الطعون وقيدها في المحكمة الإدارية يومي 10 و11 فبراير، والفصل في الطعون ونشر ملخص الطعون يومي 20 و21 فبراير.
وأشار إلى أنه سيتم استخراج الرموز 22 فبراير على أن تبدأ الحملات الانتخابية اعتبارا من 22 فبراير.
الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة أثار غضب المعارضين؛ حيث اعتبره سياسيون أنه جعل من الترشح أمام السيسي أمرا شبه مستحيل.
جدول الانتخابات الرئاسية لا يعبر نملة
ومن جانبه، تساءل الدكتور محمد عصمت سيف الدولة، عن سبب حالة الخوف والرعب التي يعيشها عبدالفتاح السيسي من انتخابات الرئاسة بحسب تعبيره.
وأضاف سيف الدولة، في تصريح خاص لـ«رصد»، «من ماذا يخاف السيسي بعد أن ذبحوا الحريات وجابوا أجلها وصفوا دمها وقفلوا السياسة بالضفة والمفتاح» بحسب تعبيره.
وأوضح سيف الدولة أنه «لم يعد هناك أحد يستطيع أن يتنفس، وليس يترشح، فمسألة الترشح أصبحت أمرا مستحيلا، مضيفا أن جدول الانتخابات الرئاسية لا يعبر نملة، وكأن هناك منافسا حقيقيا يخشى السيسي منه، وغير قادرين على أن يعملوا التمثيلية على أصولها»، موضحا أنه «من الواضح أنهم يخشون من الناس أكتر ما الناس خائفين منهم».
شبة مستحيل
وقال الدكتور محمود كبيش، الخبير القانوني، عميد كلية حقوق القاهرة سابقًا، إن الترشح للانتخابات الرئاسية يحتاج إلى تزكية من قبل 20 نائبًا في البرلمان.
وأضاف «كبيش»، في لقائه مع برنامج «مساء dmc»، مساء الإثنين، أن الحصول على تزكية 20 نائبًا في غضون 9 أيام كشرط للترشح «مسألة شبه مستحيلة».
وأوضح أن أحدًا لم يعلن نيته للترشح فعليًا حتى الآن، وليس هناك سوى مرشح واحد تقريبًا.
جنازة الانتخابات
من جانبه، أكد كمال حبيب، المتخصص في الجماعات الإسلامية، أن هيئة الانتخابات أعلنت إجراءها في سياق باهت وحزين، لا يبدو فيه أي أمل بأن تجري بين مرشحين بينهم تنافس حقيقي وبرامج انتخابية حقيقية، تجعل المواطن يشعر بأنه المرجعية النهائية لسلطة الرئاسة، وأنه من يختار ومن يقرر، وهو من يلجأ إليه المرشحون لإقناعه بانتخاب أي منهم.
وأكد حبيب، على صفحته على «فيسبوك»، أن هيئة الانتخابات لم تعلن إجراء الانتخابات، وإنما أعلنت جنازتها، فهي لم تعط أية ضمانات لأي مرشح جاد يمكن أن يخوض هذه التجربة، مستبعدا إمكانية ترشح عبدالمنعم أبوالفتوح أو حمدين صباحي أو غيرهما، موضحا أنه من غير المعقول أننا حتى الآن لا نعرف أسماء مرشحين غير السيسي، وكأننا أمام سر حربي لا يجوز لأحد أن يبوح به أو يعلن عنه، متسائلا: «هل هذه انتخابات رئاسية أم عملية سرية يجري التفاوض بشأنها في دوائر صناعة القرار، ليتقرر سلفا من هو المرشح المرتقب، كما في النظم الشمولية التي لا تقيم اعتبارا للشعب أو اختياره؟».