قالت صحيفة «واشنطن بوست»، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فشل في الإفراج عن ما يقارب الأربعين أميركيا، محتجزين بتهم مختلفة وصفتها الصحيفة بالوهيمة، في سجون 5 بلدان حول العالم، ويوجد نصفهم في مصر وحدها، ووفقا لـ«جاكسون ديهل» الكاتب بالصحيفة، تحتجز تلك البلدان مواطنين أميركيين لاستخدامهم في مساومة واشنطن وتحقيق العديد من المزايا السياسية والاقتصادية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، قال الكاتب إن حوالي 20 أميركيا متواجدين خلف القضبان في مصر وحدها، رغم أنها حليف رئيسي للولايات المتحدة، والتي تتلقى منها مليار دولار سنويا على هيئة مساعدات.
وغير مصر هناك تركيا أيضا التي تتحفظ على مواطنين أمريكيين دون تهم محددة، وكان رجب طيب أردوغان الرئيس التركي اعترف رسميا من قبل أنه سيستخدمهم لإجبار أمريكا على تسليم رجل دين تركي يعيش في ولاية بنسلفانيا، وفي فنزويلا يحتجز «جوش هولت» وهو مبشر من المورمون اعتقل لمدة 17 شهرا، ردا على محاكمة زوجة الرئيس نيكولاس مادورو بتهم تتعلق بالمخدرات في نيويورك.
فيما تحتجز إيران ما لايقل عن ثلاثة مواطنين أميركيين مقيمين فيها بشكلٍ دائم، وتشتهر إيران مع كوريا الشمالية باحتجاز مواطنين أمريكيين بذرائع وهمية للاستفادة بمزايا سياسية على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، فيما لاتزال بيونج يانج تحتز 3 أمريكيين بعد أشهر من إطلاق سراح الطالب الجامعي اوتو وارمييز والذي توفي بمجرد عودته إلى عائلته.
وكانت إدارة أوباما أهملت هؤلاء السجناء وأسقطتهم من حساباتها، باسم الوساطة والصفقات الأمريكية مع تلك الدول وبدعوى الدفاع عن مصالح أكبر، أما ترامب فركز سياسته الخارجية عليهم لفترة من الوقت، لكن بغرض إظهار أنه يحاول وضع أمريكا في مصاف الدول الكبرى مرة أخرى، وهي سياسة اتبعها منذ أن تولى الحكم، إلا أنه فشل في تلك السياسة.
وكان ترامب تمكن من الضغط على مصر من قبل للإفراج عن الناشطة «آية حجازي» التي احتجزتها مصر لمدة 3 سنوات بتهم زائفة تتعلق بمساعدة أطفال الشوارع في القاهرة، وأطلق سراحها بعد عدة أسابيع من طلب ترامب ذلك، وعادت إلى منزلها على متن طائرة أمريكية حكومية، ثم اجتمع معها «المهرج» ترامب بعد عودتها، وما يجعلنا نتشكك في نوايا ترامب تجاه تلك القضية تحديدا أنه كثيرا ما دافع عن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
ومنذ قضية آية حجازي والإفراج عنها، يبدو أن ترامب وإدارته أهملت مرة أخرى ملف المعتقلين الأمريكيين في الخارج، وخاصة في مصر، ولم تساعد النداءات التي وجهها أسر هؤلاء المعتقلين إلى البيت الأبيض للإفراج عنهم، ولم يتلقوا ردا حتى الآن.
وتحتجز مصر المواطنين الأمريكيين «مصطفى قاسم وأحمد عطيوي»، وسجن كليهما في عام 2013، بتهم المشاركة في احتجاجات ضد عبدالفتاح السيسي، رغم أنهم لم يشاركوا فيها، وكان قاسم 53 عاما، تاجر قطع غيار سيارات من نيويورك، متواجد في مصر في الوقت الذي فضت فيه اعتصامي رابعة والنهضة، وكان قاسم على بعد ميلين من مركز اعتصام رابعة مصادفة، وعندما طلبت منه إحدى نقاط التفتيش إبراز هويته، عرض عليهم الباسبور الأمريكي فانهالوا عليه بالضرب واعتقلوه.
أما عطيوي، فهو طالب يبلغ من العمر 27 عاما، من نيويورك، وكان ينتظر احد أقاربه في محطة حافلات، عندما اقتحمت الشرطة مسجد قريب من المحطة، واشتبه مواطنون في أنه صحفي، وقاموا بتسليمه إلى قوات الأمن القريبة منهم، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات في سبتمبر الماضي.
وقال «برافين ماديراجو» من منظمة بريترال ريتس انترناشيونال ومقرها واشنطن، إنه ومحامين آخرين اتصلوا بالبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، عشرات المرات للتحدث معهم بشأن قضايا المعتقلين الأمريكيين، لكنهم لم يتلقوا أي رد، كما أرسل السيناتور جون ماكين رسالة إلى ترامب في أغسطس الماضي تتمحور حول نفس القضية لكن لم يكن هناك أي استجابة.
وبالنظر إلى الدول الأخرى مثل أيرلندا التي تمكنت من الإفراج عن سجينها في مصر «إبراهيم حلاوة»، وللمصادفة فإن عطيوي اعتقل في نفس اليوم الذي اعتقل حلاوة، وحكم عليه في نفس القضية، إلا أن حلاوة تمكنت حكومته من الضغط على مصر للأفراج عنه، أما عطيوي لم تستطع أمريكا فعل نفس الأمر حياله.
إلا أن مصادر قالت إن إدارة ترامب تعكف حاليا على إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين في طهران، من بينهم رجل الأعمال سياماك نمازي ووالده باكر نمازي، لكن حتى الآن لم تسفر تلك المحاولات عن نتيجة تذكر، وإذا شرع ترامب في فرض العقوبات التي هدد بها على إيران الشهر المقبل، فإن قضيتهم ستموت للأبد.
أما في تركيا، فقد حاول ترامب وفشل، وكان مايك بينس نائب ترامب، طلب من أردوغان الإفراج عن القس الأميركي أندرو برونسون، إلا أن تركيا رفضت، وتركيا مثل مصر تعد حليفا لواشنطن، غير أن واشنطن توقفت منذ زمن عن استخدام نفوذها، لكن ماذا عن تعليق المساعدات الأمريكية والمبيعات العسكرية إلى مصر وتركيا حتى الإفراج عن المواطنين الأميركيين هناك.