استخدمت الولايات المتّحدة حق النقض (الفيتو)، مجدّدًا، اليوم الإثنين، خلال جلسة التصويت على قرار قدّمته مصر يقضي ببطلان إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس المحتلة عاصمة للاحتلال الصهيوني، أمام رفض 14 دولة من أصل 15 للقرار الأميركي.
وزعمت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أنها اتخذت القرار باستخدام «الفيتو» حماية لـ «سيادة الولايات المتّحدة»، ولصالح عملية السلام في المنطقة، ولم تتردد في اعتبار القدس «عاصمة تاريخية للشعب اليهودي، وليست لديه عاصمة سواها منذ آلاف السنين».
وكان منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام، نيكولاي ميلادينوف، قد افتتح الجلسة بكلمة مفصّلة تناولت تطوّرات الأوضاع على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال العام الجاري، مؤكدًا أن «أعمال العنف» زادت منذ إعلان ترامب.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت 22 فلسطينياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مشيرا إلى أن السلام لا يزال مبنياً على مبدأ حل الدولتين.
ودعا ميلادينوف الاحتلال الصهيوني إلى وقف الأنشطة الاستيطانية، مؤكدًا أن الأمم المتحدة تعتبر الاستيطان نشاطًا غير قانوني وعثرة في مسار السلام، ولفت إلى الظروف المأساوية التي يعيشها أهالي قطاع غزة في ظل الحصار، بسبب نقص الخدمات الصحية والغذائية.
وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، اليوم الاثنين، أن بلادها ستستخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، ضد مشروع القرار الذي تقدّمت به مصر، ويقضي ببطلان قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال.
وادعت هيلي أن هذا القرار يهدف إلى «السلام» في الشرق الأوسط، زاعمة أن مشروع القرار المطروح «يعيق السلام»، وأن بلادها ملتزمة بالتوصل إلى حل شامل على أساس حل الدولتين.
واتهمت السفيرة الأميركية القيادة الفلسطينية بأنها «رفضت على مدار السنوات عدة مبادرات للسلام».
واستعرض المندوب المصري، عمرو أبو العطا، مجمل القرارات الدولية التي خرقها إعلان ترامب القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وبيّن أن مشروع القرارالذي قدّمته بلاده يطالب الدول بعدم تأسيس بعثات دبلوماسية في القدس، داعيًا دول مجلس الأمن إلى التصويت لصالح القرار.
ردود العفل
من جانبه، أعربت وزارة الخارجية المصرية، عن أسفها لعدم اعتماد هذا القرار الهام الذي جاء استجابةً لضمير المجتمع الدولي الذي عبر بوضوح عن رفض اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي.
وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أنه من المقلق للغاية أن يعجز مجلس الأمن عن اعتماد قرار يؤكد على قراراته ومواقفه السابقة بشأن الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية وفقاً لكافة مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دولياً.
وأوضح أبو زيد، أن مصر صفتها العضو العربي بالمجلس، تحركت بشكل فوري في مجلس الأمن، تنفيذًا لقرار الاجتماع، مضيفا أن «المجموعة العربية سوف تجتمع لتقييم الموقف وتحديد الخطوات القادمة للدفاع عن وضعية مدينة القدس».
وأكد المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، ميتيو رايكروفت، أن القدس الشرقية ستبقى جزءًا من الأراضى الفلسطينية، وأن بلاده لن تقوم بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وقال، فى كلمته، إن «وضع القدس يجب أن يحدد بمفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، مطالبًا بأن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين.
بدوره، أعرب مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة،فرانسوا دي لاتر، عن أسف باريس، للفيتو الأميركي، ضد مشروع القرار الرسمي الخاص بالقدس.
وقال المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة مجلس الأمن المنعقدة الآن، أن قرارات ترامب لن تغير الأساس المشترك الذي يجب أن تبنى عليه جهود السلام.
مشروع القرار
وينص مشروع القرار المصري، الذي يصوّت عليه مجلس الأمن اليوم، على أن «القدس مسألة يجب حلّها عبر المفاوضات، وأن أي قرارات وأعمال تبدو وكأنها تغيّر طابع أو وضع أو التركيبة الديموغرافية للقدس، ليس لها أي مفعول قانوني، وهي باطلة ويجب إلغاؤها».
وشددت مسودة القرار، المكتوب في صفحة واحدة، والذي تمّ توزيعه على أعضاء مجلس الأمن السبت، وفق ما نشرت وكالة «الأناضول»، على اعتبار أي قرارات متعلقة بوضعية مدينة القدس «لاغية وغير قانونية امتثالا لقرارات المجلس ذات الصلة».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر في السادس من ديسمبر الجاري، اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» ونقل سفارة بلاده إليها.
وأدى القرار إلى موجة كبيرة من الإدانات على مختلف الأصعدة لاسيما من قبل الدول العربية والإسلامية، فضلا عن تظاهرات ومسيرات غاضبة اندلعت بمعظم دول العالم منذ القرار إلى اليوم.
وحذرت دول عربية وإسلامية وغربية ومؤسسات دولية من أن نقل السفارة إلى القدس سيطلق غضباً شعبياً واسعاً في المنطقة، ويقوّض تماماً عملية السلام، المتوقفة منذ عام 2014.
واحتل الكيان الصهيوني القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إلى القدس الغربية، معتبرة القدس كاملة «عاصمة موحدة وأبدية» لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به، فيما يتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة.