استمرارا للتطبيع العلني مع «إسرائيل»، تحوّل موقع صحيفة «إيلاف» الإلكتروني، الذي يملكه الإعلامي السعودي عثمان العمير المقرب من سلطات المملكة، إلى منبر للمسؤولين الإسرائيليين يكتبون فيه رواياتهم عن فلسطين المحتلة ويطلقون منه تهديدات عسكرية ضد دول عربية أخرى.
يأتي هذا بالتزامن مع الغضب المجتاح العالمين العربي والإسلامي نتيجة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل».
ونشرت الصحيفة السعودية مقالًا مشتركًا للكاتب الكردي العراقي مهدي مجيد عبدالله والمتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عنوانها «حماس… ثلاثون عامًا»، في ذكرى تأسيس «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس).
وفي متن المقال زعما أنّ «حماس لم تعبّر عن مطالب الفلسطينيين» و«تشكّل خطرًا على الفلسطينيين ودولة إسرائيل»، ووصفاها بـ«الإرهابية»، وطالباها بـ«التوقف عن الارتماء في حضن إيران والدول والجماعات الداعمة للإرهاب».
قطار الحجاز
كما نشرت الصحيفة مقابلة أجراها مراسلها في القدس المحتلة «مجدي الحلبي» مع وزير الاستخبارات والمواصلات لحكومة الاحتلال «يسرائيل كاتس» هدّد فيها بـ«إعادة لبنان إلى العصر الحجري»، مستشهدًا بقول وزير سعودي إنه «سيعيد حزب الله إلى الكهوف في الجنوب»، ووصف السعودية بأنها «قائدة العالم العربي».
ونقل «يسرائيل» ارتياح «الشعب الإسرائيلي من التطورات الحاصلة في السعودية»، خاصة بعد «السلام الاقتصادي عبر المشروع الإقليمي لربط الخليج العربي بالسكك الحديدية مع الأردن ومعنا إلى ميناء حيفا» و«حجم التبادل مع السعودية المقدّر بـ250 مليار دولار أميركي سنويًا».
وأوضح أنّ المشروع سيربط الخليج العربي بميناء حيفا على البحر المتوسط، قائلًا: «أنا أريد إعادة إحياء قطار الحجاز من جديد، وهذا ليس حلمًا على الإطلاق، هذا قد يكون واقعًا قريبًا جدًا»؛ وأضاف أنّ الفكرة حظت بموافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلية ويُتّصل مع شركات صينية لبدء العمل.
حوارات سابقة
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاور فيها الصحيفة مسؤولًا صهيونيًا؛ ففي نوفمبر الماضي حاور المراسل نفسه «مجدي الحلبي» رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الجنرال غادي إيزنكوت، وتباهت الصحيفة الإلكترونية السعودية بمقابلتها، مروّجة إياها باعتبارها «الأولى من نوعها لصحيفة عربية».
كما لم تتوان عن نقل أقوال الجنرال الإسرائيلي بأنّه «يتابع ما تنشره (إيلاف)»، وتطرّقت إلى «سروره» بإجراء هذه المقابلة في مقر هيئة الأركان الإسرائيلية بتل أبيب.
أيضًا؛ في يوليو الماضي، حاورت الصحيفة وزير دفاع الاحتلال السابق «موشيه بوغي يعالون» في تل أبيب، ولم يكتف المراسل بالتطرق معه إلى مواضيع أبرزها «حزب الله» وإيران؛ بل بادر إلى سؤاله عن كيفية قضائه أوقاته حينها.
كما قابلت الصحيفة مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية «دوري غولد» ومجّدته باعتباره «المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويدير الوزارة نيابة عنه منذ 2015».
التطبيع في الخفاء
تتزامن هذه المقابلات مع التسريبات الصحفية بتقارب المملكة السعودية والاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى لوكالة «فرانس برس» أنّ الأمير الذي زار تل أبيب قبل شهور هو ولي العهد محمد بن سلمان ضمن خطواته المتسارعة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت صحيفة الأخبار اللبنانية في نوفمبر الماضي رسالة مسربة بعثها وزير الخارجية السعودي عادل الجيبر إلى محمد بن سلمان، عنوانها «عاجل جدًا وسري للغاية»، تحدّث فيها عن «مشروع إقامة العلاقات بين المملكة وإسرائيل».
ولفت نص الوثيقة المسربة إلى توجّه المملكة إلى عقد اتفاق شراكة مع الكيان الصهيوني تحت رعاية أميركية، يقودها جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره.
يقال انها وثيقة بين الجبير و محمد ،، pic.twitter.com/bPaEQAbk6h
— Heisenberg (@snowdenq8) November 15, 2017