استمرارًا لتوسّع الإمبراطورية الاقتصادية للجيش في شتى المجالات، نشرت «الجريدة الرسمية» قرارًا لعبدالفتاح السيسي، حمل رقم 605 لسنة 2017، بإنشاء مركز البحوث الطبية والطب التجديدي «الخلايا الجذعية» تابع لوزارة الدفاع، مقره القاهرة، ويجوز إنشاء فروع أو مكاتب له داخل الجمهورية بقرار من وزير الدفاع.
ويدير الجيش أكثر من 56 مستشفى ومركزًا طبيًا منتشرًا في جميع أنحاء الجمهورية، وتقدّم خدماتها للعسكريين مجانًا وللمدنيين بأسعار السوق. واعتمدت وزارة الصحة والسكان على إجراء مناقصات منفصلة لكل مستشفى على حدة، حكوميّ أو جامعيّ. ولكن، في ظل تزايد سعر الدولار؛ صار شراء الأجهزة الطبية غنيمة للعسكر.
المستحضرات الحيوية واللقاحات
ووقّعت الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات على بروتوكول مع شركة فاركو للأدوية والهيئة القومية للإنتاج الحربي ﻹنشاء أول مصنع ﻹنتاج أدوية اﻷورام في مصر، بحسب تقرير نشره موقع «أخبار مصر» الحكومي. ولم توضّح وزارة الصحة أو شركة فاركو دواعي مشاركة الهيئة القومية للإنتاج الحربي لها في المشروع.
لبن الأطفال
فور اندلاع أزمة لبن الأطفال المدعم، وقّعت القوات المسلحة مع وزارة الصحة عقدًا لتوريد ألبان الأطفال، وما زالت الأزمة قائمة.
وكان هذا العقد متفقًا عليه قبل الأزمة. وقال أحمد العوضي، عضو لجنة الدفاع واﻷمن القومي في مجلس النواب، إنّ القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع الفريق صدقي صبحي أعلن في لقاء جمعه بـ400 عضو بالبرلمان عزم جهاز الخدمة الوطنية على استيراد لبن اﻷطفال بعد أزمة نقص تعرض لها في الشهور الماضية.
دعامات القلب
وفي يونيو 2016م، أعلن أنّ القوات المسلحة ستتولى مسؤولية توريد دعامات وصمامات القلب والقساطر العلاجية للمستشفيات.
كما كشفت خطابات صادرة عن إدارات جامعات مختلفة، نشرتها جريدة التحرير، عن قرار من المجلس اﻷعلى للجامعات بوقف جميع المناقصات العامة والمزايدات علي الأدوية والمستلزمات الطبية؛ تمهيدًا لشرائها بشكل مركزي من إدارة الخدمات الطبية التابعة للقوات المسلحة.
احتكار وفساد
«الجيش يحتكر بالأمر المباشر توريدات حكومية، ولا عزاء للشركات الخاصة والعاملين فيها». هذا ما تخوّف منه الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الصحة، الذي أوضح أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تستحوذ فيها القوات المسلحة على توريدات الأجهزة الطبية للمستشفيات.
وقال إنّ إدارة الخدمات الطبية سبق أنّ «أجبرت مستشفيات حكومية على شراء أجهزة طبية استوردتها؛ بالرغم من رفض كثير من المستشفيات الاستلام لوجود عيوب فنية والمبالغة في السعر الجديد».
وأضاف أنّ تجربة الجيش الأخيرة في توريد دعامات القلب الطبية من أجل تخفيض الأسعار تتعارض مع مبدأ حرية التجارة والاستيراد، وتفتح الباب أمام الفساد.
سبوبة للجيش
وقال عضو في شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية المصرية، رفض ألا يُذكر اسمه، في تصريح لـ«رصد»، إنّ إلزام وزارة الدفاع للجهات الحكومية كافة بالشراء من إدارة الخدمات الطبية يجعل الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام الفساد.
وأضاف أنّ «الجيش يحصل على مزايا إضافية لا تحصل عليها الشركات أو الجهات الحكومية؛ بداية من الإعفاء من الرسوم والجمارك، مرورًا بفرض السعر الذي يريده وصولًا إلى احتكاره لتوريدات المستلزمات الطبية والإضرار بالشركات التي كانت تُرسى عليها مناقصات وممارسات وتصفية الآلاف من العاملين فيها».
وقال إنّ هذا يحدث «بالرغم من وجود نحو 171 مصنعًا للمستلزمات الطبية يعملون في السوق المصري، إضافة إلى 3200 شركة محلية؛ ما يعدّ كارثة تهدّد مصير مئات الشركات العاملة في هذا القطاع ووقف تعاملاتها مع المستشفيات التي كانت تتعامل معها من قبل، فضلًا عن تهديد حياة 18 ألف عامل في هذه الصناعة؛ مما ينذر بثورة جياع في نهاية الأمر»، وأضاف أنّ «الجيش لا يضع يده على المستلزمات فقط؛ بل كل ما يمثّل خطرًا على الصحة والأمن القومي في مصر».