في أوّل تعليق على تصريحات وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور التي اتّهم فيها مصر باستخدام حصة السودان من مياه النيل لسنوات، قال نظيره سامح شكري: «لم نقترض مياه النيل من أحد؛ بل إنّ السد العالي كان مهددًا بسبب السودان»، و«ما استخدمته مصر من مياه حصة السودان في السابق كان فائضًا عن قدرته الاستيعابية وبموافقته وليس سلفة أو منحة».
وقال «إبراهيم»، في تصريحات لقناة «روسيا اليوم» أمس الثلاثاء، إنّ «مصر استخدمت لسنوات طويلة جزءًا من حصة السودان من مياه النيل، ومصر منزعجة لأنها ستخسر هذه المياه عند اكتمال بناء سد النهضة؛ كونه سيمكّن السودان من حصته بالكامل».
وأعرب «سامح شكري»، في تصريحات نقلتها وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، عن دهشته واستغرابه من «طرح الأمور على هذا النحو؛ بل والحديث عن دائن ومدين في العلاقات المائية بين البلدين، وهو الأمر غير الوارد اتصالًا بالموارد الطبيعية».
وقال إنّ «السودان يستخدم كامل حصته من مياه النيل، المقدرة بـ18.5 مليار متر مكعب سنويًا، منذ مدة طويلة»، وأضاف: «في سنوات سابقة كانت القدرة الاستيعابية للسودان لهذه الحصة غير مكتملة؛ وبالتالي كان يفيض منها جزء يذهب إلى مجرى النهر بمصر بغير إرادتها وبموافقة السودان».
عبء على السد العالي
وقال سامح شكري إنّ «هذه المياه كانت تشكّل عبئًا وخطرًا على السد العالي؛ نتيجة الزيادة غير المتوقعة في السعة التخزينية له، خاصة في وقت الفيضان المرتفع؛ الأمر الذي كان يدفع مصر إلى تصريف هذه الكميات الزائدة في مجرى النهر أو في مفيض توشكى خلف السد دون جدوى».
وأضاف أنه «من غير المفهوم تداول هذا الموضوع في التوقيت الحالي وسط خضم إعاقة الدراسات الخاصة بتأثير سد النهضة على استخدامات الدولتين من مياه النيل ورفض السودان وإثيوبيا على التقرير الاستهلالي المقدم من المكتب الاستشاري الفني والمتخصص والمحايد».
موقف متأزّم
وأعلنت مصر الأسبوع الماضي تجميد المفاوضات الفنية مع السودان وإثيوبيا عقب اجتماع ثلاثي في القاهرة؛ إثر رفض المسؤولين المصريين تعديلات البلدين على دراسات المكتب الاستشاري للسد وملئه وتشغيله.
وقال عبدالفتاح السيسي السبت الماضي إنّه لا أحد يستطيع أن يمسّ حصة مياه مصر، مشددًا على أنها مسألة «حياة أو موت»، في أول تعليق له إثر إعلان بلاده تجميد المفاوضات.
وتتخوف مصر من تأثيرات سلبية محتملة للسد الإثيوبي على حصتها المائية، المقدّرة بـ55.5 مليار متر مكعب، وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصر؛ والطاقة الكهربائية التي سيولدها السد ستساعد في القضاء على الفقر وتعزّز النهضة التنموية في إثيوبيا.
ويأتي الموقف المصري المتأزّم في وقت اقتربت فيه أديس أبابا، بحسب مصادر زارت موقع السد، من إكمال بناء نحو 75% من إنشاءاته وتركيب التوربينات الخاصة بتوليد الكهرباء، في وقت جرّبت فيه أديس أبابا بنجاح ملء بحيرة السد واختبار أجزاء اُنتُهي من بنائها في جسمه؛ ومن المقرر أن تنهي شركة «ساليني إمبرجيلو» الإيطالية العام المقبل.
ووقعت مصر وإثيوبيا والسودان «إعلان مبادئ» في الخرطوم قبل عامين ونصف العام، شمل إعطاء أولوية لمصر والسودان (بوصفهما دولتي المصب) في الكهرباء المولدة من السد لتجاوز الخلافات بشأنه.