تسعى دول العالم لإجراء إصلاحات على مجلس الامن من أجل ضمان القيام بدوره المنشود، وتحقيق الشفافية، والحد من سيطرة الدول العظمى على القرارات، إلا أن شكل وكيفية هذه الإصلاحات ظلت محور الخلاف بين الدول الأعضاء.
ويشكل «حق النقض» ركيزة أساسية للأصلاحات المطلوب من المجلس، حيث القوة التي تتمتع بها الدول الخمسة صاحبة «الفيتو» ما يجعلها في واجهة الأسباب التي تعرقل فاعلية المجلس في الأزمات الدولية.
مطالبات تقييد حق الفيتو
طالبت قطر والكويت بإصلاح شامل وعاجل لمجلس الأمن الدولي، تتركز على «مسألة التمثيل العادل في مجلس الأمن وزيادة أعضائه والمسائل الأخرى المتصلة بمجلس الأمن»، خلال جلسة للجمعية العامة للمنظمة الأممية، الخميس، التي عُقدت لمناقشة مسألة التمثيل العادل بمجلس الأمن وزيادة أعضائه.
وقال السيد طلال بن راشد آل خليفة، السكرتير الثاني في الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة ، إن « حق النقض مسألة محورية في عملية الإصلاح»، مشدداً على «أهمية تقييده أو الامتناع عن استخدامه في الجرائم الجسيمة، كجرائم الحرب أو الإبادة أو التطهير العرقي».
وأضاف أن «التعسف باستخدام حق النقض الفيتو نال عدة مرات من مصداقية عملية اتخاذ القرار بمجلس الأمن، ما أسفر عن عجزه في حفظ السلم والأمن الدوليين».
واتفقت دولة الكويت مع مطاب قطر، وأكدت على «أن يتم مواصلة العمل على تحسين طرق وأساليب عمل مجلس الأمن وإضفاء المزيد من الشفافية والفعالية على أعماله».
وقال السكرتير الثاني، حسن أبو الحسن، إن « أية أفكار يتم تداولها لإصلاح مجلس الأمن يجب أن تكون نابعة من حرص الجميع على تمكين المجلس من أن يصبح أكثر تمثيلاً للدول الأعضاء في المنظمة، ويعكس الواقع الدولي الذي تغير كثيراً منذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945».
وسبقت المطالبات القطرية والكويتية، عدد من المبادرات تسعى لتقييد استخدام الفيتو فيما يتعلق بجرائم الحرب ، كانت أبرزها المبادرة الفرنسية التي حاولت إقناع الدول الأربع الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن – الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين – بعدم استخدام حق النقض عندما ترتكب «جرائم جماعية» من إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب.
وتحظى المبادرة الفرنسية التي انطلقت في 2013، بدعم دولي كبير،يتزايد سنويا إلا أن روسيا والصين تبديان تحفظات على المبادرة، ما يعرقل اتخاذ خطوات فعلية في هذا الاتجاه.
عراقيل إصلاح المجلس
تتمثل العراقيل التي تواجه إصلاحات المجلس في المصالح الخاصة للدول الأعضاء خاصة التي لها حق النقض، فمن غير المتوقع أن ترضح دول مثل روسيا والصين إلى مبادرات إصلاحية تهدف لتقييد أحد حقوقها المكتسبة داخل المجلس، فدولة مثل روسيا استخدمت حق النقض أكثر من مائة مرة منذ العام 1946، وخلال 6 سنوات هي عمر الازمة السورية، استخدمته أكثر من 9 مرات لحماية حليفها بشار الأسد، ومنع قرار يهدف إلى وقف المذبحة في سوريا.
وفي هذا الشأن يقول جاريث إيفانز وزير خارجية استراليا سابقا «لا أحد يعتقد أن تعديل الميثاق الرسمي لإلغاء هذا الحق أو تحجيمه أمر محتمل ولو من بعيد».
ولفت إيفانز في مقال له بعنوان «تحجيم حق النقض في مجلس الأمن» إلى أن «الحجة السياسية ضد استخدام حق النقض في هذه المواقف -أنه يعرض مصداقية وشرعية مجلس الأمن للخطر والذي تعتبر بنيته بالفعل غير معبرة عن الواقع الجيوسياسي في القرن الـ21- ملزمة للدول الخمس».
وأكد أن «تقييد حق النقض في الحد الأدنى هو رفع التكلفة السياسية المفروضة على أولئك الذين قد يعرقلون عملا يهدف إلى ضمان عدم تكرار الفظائع التي شهدناها في كمبوديا، أو رواندا، أو سربرينيتشا، أو سوريا».
وتتحجج الدول الخمسة في مجلس الامن بأن تقويض حق النقض، من شأنه أن يكون لها أضرار أكثر من منافعه، حين تحاول الوقوف ضد قرار يهدف إلى لها مضار واسعة.
ومن أكثر المعادين للتعديل على حق الفيتو روسيا وأميركا، وصرحت موسكو مسبقا بأنها لا تقبل أي أفكار رامية إلى الحد من صلاحيات الأعضاء الدائمين الحاليين في مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك حق النقض.
وعللت روسيا رفضها بأن «هذا الحق يعتبر عاملا مهما يشجع أعضاء المجلس على البحث عن حلول متوازنة. ومن الخطأ الحد من حق الفيتو من الناحيتين السياسية والتاريخية».
الفيتو يحمي مجرمي الحرب
الفيتو الروسي، كان حائط الصد على مدار سنوات منع محاسبة نظام بشار الأسد إزاء الانتهكات والجرائم التي يمارسها في حق الشعب السوري، ولعل آخرهم ما حالت به روسيا ضد تمديد عمل لجنة التحقيق الدولي الكيماوي، والتي أصدرت تقريرها، بمسؤولية النظام عن استخدام غاز السرين.
وعلى غرار روسيا، تأتي الولايات المتحدة الأميركية، والتي على الرغم من ادعاءها رفض الإبادات الجماعية والقضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان إلا أنها استخدمته تكرارا لحماية الحليف الاستراتيجي «إسرائيل»، فأوقت مشاريع كثيرة تخص فلسطين، كان أبرزها عندما أسقطت الولايات المتحدة ب’الفيتو’ مشروع قرار تقدمت به الدول العربية في مجلس الأمن يدين اسرائيل بسبب مجزرة بيت حانون.
ويتم توجيه الاتهامات لورسيا وأميركا في تأجيجي الصراعات بالعالم وخاصة الشرق الاوسط، وذلك يهدف إلى زيادة تجارة الأسلحة لديها، فالولايات المتحدة وروسيا مسؤولتان عن أكثر من نصف جميع صادرات الأسلحة على الصعيد العالمي.