قالت «شبكة الجزيرة» إنّ الحملة الأخيرة التي قادها ولي العهد «محمد بن سلمان» ساهمت في تعميق الخوف لدى المستثمرين الأجانب والمحليين في السعودية، الذي عبروا عن مخاوفهم بالقول إنّ «الشخص الذي يعتقل أفراد عائلته ليس بعيدًا عليه أن يفعل ذلك في حق المستثمرين».
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ البنك المركزي السعودي تحرّك لتهدئة مخاوف المستثمرين وسط حملة الاعتقالات المستمرة، التي تستهدف بعض أغنى سكان البلاد، بمن فيهم أفراد العائلة المالكة. وفي بيان صدر الأربعاء، قالت مؤسسة النقد العربي السعودي إنّ هذه الجولة، التي تهدف ظاهريًا إلى القضاء على الفساد، لن تؤثر على الشركات المرتبطة بالمعتقلين.
وقال البيان إنّ الحسابات المصرفية المجمّدة للأشخاص المتورطين في قضايا فساد لا تشمل الحسابات المصرفية للشركات التي يمتلكونها.
وقاد ولي العهد السعودي حملة لتطهير عائلته ونخبة من رجال الأعمال المنافسين له؛ من بين المعتقلين ابن عمه «أغنى رجل في المملكة العربية السعودية» الوليد بن طلال، وما لا يقل عن 11 أميرًا آخر، وأربعة وزراء، ووزراء سابقون.
وقُبض أيضًا على وليد الإبراهيم، رئيس مجلس إدارة قنوات MBC، إحدى كبرى المجموعات الإعلامية في المنطقة، وبكر بن لادن صاحب مجموعة بن لادن السعودية.
وقالت رويترز إنّ ما لا يقل عن 1700 حساب مصرفي جُمّد حتى الآن في أعقاب الحملة، مع توقع بارتفاع عددهم. كما إنّ ولي العهد السابق الأمير «محمد بن نايف» قيد الإقامة الجبرية، وجُمّدت حساباته أيضًا.
وقالت مجلة «وول ستريت جورنال» إنّ لجنة مكافحة الفساد المنشأة حديثًا تهدف إلى الاستيلاء على ما يصل إلى 800 مليار دولار من أموال المعتقلين، كما طلبت المملكة من حليفها المقرب «الإمارات» تقديم تفاصيل الحسابات التي يحتفظ بها الأمراء المحتجزون وغيرهم من المواطنين السعوديين.
تناقص الاحتياطيات
وإذا نجحت السعودية في جمع الأموال من هذه الأصول فستساعد على تجديد احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية المتناقصة، التي بلغت 487 مليار دولار في يوليو من هذا العام، بعد أن كانت أعلى من 737 مليار دولار في أغسطس 2014. ومنذ انهيار أسعار النفط في منتصف عام 2014، تقلّص نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية من 3،7% في ذلك العام إلى نمو متوقع بنسبة 0،1% فقط في عام 2017.
ولا يبدو أنّ مؤشر الأسهم السعودية المتادولة تأثّر بشكل كبير بالأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي، مع خسائر ومكاسب في حدود التداولات اليومية. ومع ذلك، فإنّ تدخل الحكومة أمر مطروح للنقاش.
وقال تقرير لوكالة رويترز يوم الأربعاء، نقلًا عن «مديري الأصول» في السعودية، إنّ صناديق الاستثمار المرتبطة بالحكومة كانت تشتري أسهمًا لدعم السوق.
ومن حيث الأثر على المدى الطويل، يخلق توطيد «ابن سلمان» للسلطة مستوى غير مسبوق من الاضطراب السياسي؛ وهو ما يمكن أن يؤثّر على الاقتصاد السعودي.
وفي مقال نشر في 8 نوفمبر، ذكرت وكالة «فيتش راتينجز» أنّ اعتقالات أعضاء العائلة المالكة السعودية والوزراء الحاليين والسابقين ورجال الأعمال البارزين تزيد من الشك السياسي في السعودية.
وأوضحت وكالة التصنيف أنّ تركيز السلطة في أيدي ولي العهد سيعزز «جهود الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي»؛ لكنه يأتي بخطر رد فعل من داخل العائلة المالكة ومن المواطنين السعوديين غير السعداء بالتغييرات.
إصلاحات طموحة
وجاء توطيد سلطة «ابن سلمان» السياسية بجانب برنامج طموح للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية يهدف إلى تحديث البلاد. فاجتماعيًا، وعد ولي العهد بالعودة إلى «الإسلام المعتدل» وإنهاء الحظر «المشين» ضد قيادة المرأة في البلاد.
ومن الناحية المالية، تعهّد «ابن سلمان» بتحويل اقتصاد البلاد؛ عن طريق إنهاء اعتماده على النفط، وتطوير تكنولوجيات جديدة، وخفض تكاليف الرعاية الاجتماعية، وإدخال الضرائب، وخصخصة الأصول المملوكة للدولة.
وقال محللون إنّ الخطة، التي يطلق عليها اسم «رؤية 2030»، تعتبر سياسة محمد بن سلمان الرئيسة؛ ونجاحه من المرجح أن يكون مرتبطًا بالإصلاحات التي ينفّذها. بينما حذرت صحيفة «تشاثام هاوس» في أغسطس من أنّ الخطة إذا لم تنجح فإنها «ستعمّق الانتقادات الحالية لنمط قيادته الفردية بين المستائين من صعوده السريع».
وقال خبراء ماليون إنّ طرح جزء من أرامكو للاكتتاب العام يأتي أيضًا بدرجة من الصعوبة لولي العهد، خاصة بالنظر إلى إجراءات التطهير الجارية. ففي مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» مؤخرًا، حذّر من أن المستثمرين سيخفاون من حملة الاعتقالات التي طالت كبار رجال الأعمال في المملكلة.
وأضافت أنّ هناك مخاوف لدى المستثمرين الأجانب بشأن حوكمة شركة النفط الحكومية، مؤكدة أن أيّ حاكم يعتقل أقاربه لن يستمع كثيرًا للمستثمرين الأقلية.
