أصبح تنظيم الدولة في الأشهر القليلة الماضية على مشارف نهايته؛ بسبب الحملة العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وبالقضاء على قواته في عاصمته المزعومة «الرقة» بسوريا. ويرى خبراء أنّ التنظيم يحاول العودة مرة أخرى، بالتحوّل من «بناء الدولة» إلى تعزيز شبكته؛ مستغلًا مناطق وجوده في الشرق الأوسط، خاصة التي تعاني من تدهور الوضع الأمني، حسبما نشرت صحيفة «الجمينيير».
وأضافت، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنه على الرغم من محاولات الجيش المصري المستمرة للسيطرة على شبه جزيرة سيناء في مصر، لا تزال جماعات تابعة للتنظيم تقود هجمات عنيفة ومميتة على قوات الأمن، ومع تكدس خسائر التنظيم في سوريا والعراق، لا تزال سيناء منطقة تنشط فيها المنظمة الإرهابية وقادرة على إطلاق هجمات.
تطلق التنظيمات هذه في سيناء صواريخ على جنوب دولة الاحتلال الإسرائيلي، أحدها في منتصف أكتوبر؛ ما أدى إلى فرار سكان منطقة «إشكول». وقال «يورام شفايتزر»، رئيس برنامج مكافحة الإرهاب والصراعات المنخفضة الكثافة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنّ السلطات المصرية لا تعمل في سيناء كما تفعل في قلب العاصمة المصرية.
وأضاف أنّ مصر تكافح لدمج قواتها الأمنية بشكل فعال مع نشر قوات خاصة كافية لفرض الحالة الأمنية. لكن، على العكس، أدّت سياسة عزل شبه جزيرة سيناء عن باقي البلاد إلى وقوع أضرار جسيمة في سيناء في العام والنصف الماضيين، وأضاف: «لا أعتقد أن محافظة سيناء تزداد قوة. الأداء الأمني هناك ليس كافيًا لقمع التنظيمات الإرهابية».
وقال «يورام»، وهو رئيس سابق لقسم مكافحة الإرهاب الدولي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنّ جهود مصر تلقى الآن دعمًا من القبائل البدوية في سيناء، مثل الترابين، التي تنامى غضبها بسبب وجود التنظيمات التابعة لتنظيم الدولة، وقال: «لا نرى أن الإرهاب ينهار».
وأضاف أنّ «الإرهابيين لا يزالون قادرين على ضرب الجنود وقتلهم بأعداد كبرى، ولا يمكن للمصريين حلّ هذه المشكلة». وقال إنّ أحد الأسباب المحتملة لذلك أنّ «مصر لا تتعامل مع سيناء بشكل مركزي بما فيه الكفاية، وما دامت هناك هجمات قوية في قلب مصر أو استهداف مسؤولين حكوميين كبار أو مواقع سياحية، فهذا الرأي لدى الحكومة لن يتغير».
تنسيق مع الاحتلال
وقدّم مصدر أمني إسرائيلي مطّلع على قطاع سيناء تأكيدًا نادرًا لما وصفه بـ«التعاون التكتيكي» بين قوات الأمن الإسرائيلية والمصرية على الحدود، وقال إنّ «لدينا مصالح مشتركة؛ فنحن نريد الدفاع عن الحدود، ونفهم جميعًا أننا مستهدفون من الإرهاب؛ وبالتالي ننسيق مع الجانب المصري».
ودليل على ذلك، قال المصدر إنّ قوات شرطة الحدود في مصر شيّدت في العام والنصف الماضيين مواقع تواجه الجانب الإسرائيلي؛ «انطلاقًا من إدراكهم أنّ لدينا مصلحة مشتركة؛ فهم يعلمون أنّ إسرائيل الجانب الذي يضمن الأمن».
ولا تؤكد «إسرائيل» أو تنكر تقاريرها بأنها توجه ضربات جوية صوب القوات التابعة لتنظيم الدولة في سيناء، بالرغم من أن التنظيم اتّهم الدولة الاحتلالية بذلك بشكل متكرر، ومن الصعب تقدير حجم التنظيمات المسلحة في سيناء؛ لكنها تتراوح بين المئات من المقاتلين، وفقًا لما ذكره المصدر الإسرائيلي.
وأضاف أنّ «قدرات التنظيم على التسلّح متنوعة، ولديه متفجرات صناعية وقذائف محلية الصنع ومخزونات صاروخية ليست كبرى».
وردًا على سؤال عن نطاق التهديد الذي تتعرض له «إسرائيل»، قال المصدر: «حتى الآن، أصدرت قيادة محافظة سيناء توجيهات لتركيز الجهود للدفاع عن قوات الأمن المصرية. ونحن نرى أن هذه التعليمات تُتبع».
وقال إنّ «هذا لا يعني أنهم لا يعادوننا، ونحن نأخذ في الاعتبار هذه الحقيقة وأنّ عجزهم عن ضربنا هو ما يمنعهم من القيام بذلك».
قوة متفردة
وقالت الصحيفة إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يعزّز من قدرته على التعامل مع هجمات محتملة متنوعة من المقاتلين في سيناء، بما في ذلك محاولات التسلل إلى «إسرائيل» وإطلاق هجوم كبير، وقال المصدر إنّ «كل ما يقترب من هذا القطاع يخضع إلى المراقبة المكثفة».
وذكرت الصحيفة أنّ مراقبة جيش الاحتلال الإسرائيلي تتجاوز الحدود الإسرائيلية المصرية؛ فأيّ تحرّكات غير عادية «تُفحص بدقة»، ولا يعتقد المصدر أنّ تنظيم الدولة يزداد قوة في سيناء؛ بل إنّه نجح في الحفاظ على سلطته هناك فقط، وينتهي في بقية أنحاء الشرق الأوسط.
وقال المصدر: «استطاع التنظيم مواصلة الهجوم، والحفاظ على الإنتاج، وتبيّن أنّ بإمكانه الاستمرار في التجنيد بنجاح؛ وهذا لم يحدث في مناطق أخرى تحت سيطرته».
واختتمت الصحيفة التقرير يقول المصدر إنّ أحد أسباب استمرار وجود تنظيم الدولة في سيناء «لسنوات عديدة أنها المساحة الفارغة الخلفية لمصر، ولم تكن هناك سيادة سياسية مصرية منظمة؛ فخلق ذلك أرضًا خصبة ليترعرع الإرهاب دون أي مواجهة حاسمة».