استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والذي اتهم الاتحاد بأنه ينطلق من «أفكار حزبية ضيقة وأغراض سياسية لا تمت للعلم والعلماء بصلة، وأنه السبب في إثارة الفتن في بعض الدول الإسلامية والعربية»، حسب قوله.
وقال الاتحاد، في بيان له اليوم الاثنين إنه لم يكن يتوقع أن «ينحدر بيان هيئة كبار العلماء السعودية إلى مثل هذه الاتهامات لأكبر هيئة علمية تمثل آلاف العلماء وعشرات الهيئات العلمائية، في وقت كان ينبغي ألّا يختلف فيه العلماء، بل كان الواجب أن نتفق على ثوابت الأمة، وعلى تحقيق الصلح والخير لهذه الأمة المتفرقة».
وقال:«مع أن بيان هيئة كبار العلماء لم يصدر باسم الأعضاء، وإنما صدر باسم الأمانة، إلا أن هذه الأمانة تعلم علم اليقين القيمة العلمية والكيان العالمي للاتحاد، ودوره في قيادة مسيرة العلماء بمنهج الوسطية والاعتدال في جميع أنحاء العالم».
وأضاف: «من المعيب أن تقول هذه الجهة إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس جهة علمية، فهذا كلام عار عن الصحة، فمجلس أمناء الاتحاد يضم تسعة وأربعين عالما من كبار علماء الأمة، ممن يشار لهم بالبنان وتعرفهم شعوبهم وحكوماتهم، وكلهم علماء متخصصون: إما في الفقه، أو في العقيدة، أو في الحديث، وعلى رأسهم سماحة الشيخ يوسف القرضاوي».
وتابع: «أما اتهامهم الاتحاد بإثارة الفتنة، فلا ندري أي فتنة يقصدون، إلا إذا كان الحديث عن الحق يعتبر فتنة، إننا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لا نعرف الازدواجية في المواقف، فنحن كما أصدرنا أول بيان في تأييد عاصفة الحزم ضد الحوثيين؛ لأنهم انقلبوا على الشرعية، فقد أدنّا بالمستوى ذاته أيضا ما حدث في مصر من انقلاب غير شرعي على سلطة شرعية منتخبة اختارها الشعب، فلسنا ممن يأتمر إلا بنصوص الشريعة ومحكماتها».
واستطرد قائلا: «في سوريا أيضا، وقفنا مع الحق، ومع الشعب الذي خرج في سلمية واضحة، فقوبلت بالرصاص، ولسنا نحن من تحول وتلون مع أحداث الثورة السورية من النقيض إلى النقيض».
وأضاف: « إننا في هذه الأزمة الخليجية لم نصدر بيانا فيه انحياز لجهة دون جهة، إنما بينا الحق عبر تصريحات الأمين العام، وقلنا إن الحصار على دولة مسلمة غير شرعي، دون الحديث في أمر سياسي، وهو ما يتماشى مع منهج الاتحاد تماما، وقلنا أيضا إن مجلس التعاون الخليجي لا يجوز التفريط فيه مهما كان، على الرغم من ضعفه، فلا يجوز تفكيكه وتفريقه بهذا الشكل، وأيدنا في تصريحاتنا مبادرة صاحب السمو أمير دولة الكويت، وتحدثنا حول قضية المصالحة والصلح».
وذكر البيان:«كنا نتمنى أن يهتم كبار العلماء وأمانتهم بحماية شباب الأمة من الأفكار المتطرفة، والآراء الهدامة، والأفكار العلمانية، وأن يساهموا في اقتلاع جذور التطرف والإرهاب من ناحية، وأن يغرسوا في نفوسهم الكرامة والعزة والأنفة، وأن تكون عقولهم وقلوبهم وأبصارهم ترنو إلى تحرير المسجد الأقصى الأسير من الصهاينة. هذا ما نريد أن تحذر منه هيئة كبار العلماء، أما أن تحذر هيئة كبار العلماء من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فهذا ما لا يليق بها».
وجه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رسالة إلى هيئة كبار العلماء، قائلا:« يا أصحاب الفضيلة، ليس هذا وقت الخلاف، ولا يجوز أن يكون العلماء أدوات بأيدي السياسيين، يحركونهم كيف شاءوا».
وأكد أن «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اتحاد علمائي عالمي، لا يخضع لحاكم، ولا يسير في ركب دولة»
وذكر أن الاتحاد أصبح يضم في عضويته آلاف الأفراد من العلماء، كما يضم المؤسسات والمنظمات والجمعيات العلمائية في مختلف الأقطار، فهو مؤسسة إسلامية شعبية عالمية، ذات نفع عام، يضم في عضويته ممثلين من أكثر من (83) دولة من بلدان العالم الإسلامي.
وأكمل:«الأمر الذي أصبح معه الاتحاد إحدى المرجعيات الشرعية الأساسية المهمة في تنظير وترشيد المشروع الحضاري للأمة المسلمة، في إطار تعايشها السلمي مع سائر البشرية. ويقوم على دراسة وتشخيص مشكلات الأمة الإسلامية، وتقديم الحلول لها، وخدمة قضاياها، من خلال إطار مؤسسي، يكون لعلمائها فيه الدور الريادي».
ونوه إلى أن للاتحاد «ما يزيد على عشرة فروع رسمية في عدد من الدول العربية والإسلامية، كما أن لدينا شراكات وآفاق تعاون، مع العديد من الجمعيات والهيئات والروابط العلمائية، في مختلف دول العالم».